ْ كلنا كنا شهودا على تعنت السياسة الامريكية القاطع بشأن بقاء الرئيس بشار الاسد بمنصبه واصرارها على رحيله كشرط لتوقف العمليات الارهابية. والجميع يعرف الموقف السوري الذي يعطي الاولوية لمحاربة الارهاب ويتعهد بعد القضاء عليه بحكومة وحدة وطنية وانتخابات رئاسية دون تدخلات خارجية. بين هذين الموقفين تـأرجحت المفاوضات السياسية وعقدت الاجتماعات والمؤتمرات ومابيها تستمر الحرب التي تأكل الاخضر واليابس. الا ان دخول الروس الى حلبة الصراع مؤخرا بشكل قوي واستبدال القفازات الحريرية بالمخالب النووية قلب الكثير من الاوراق وفرض قواعد جديدة للتعامل مع الازمة السورية. فشهدنا على سبيل المثال تراجعا امريكيا بشان رحيل الاسد حيث قال وزير خارجيتها ان المطالبة برحيل الاسد لايعني ان عليه الرحيل فورا، وان امريكا ترحب بانضمام روسيا لمحاربة الارهاب. وعلى الفور بدأت الاتصالات الامريكية مع الروس للتنسيق فيما بينهم. والحقيقة ان هدف هذه الاتصالات هو اجهاض النصر الدبلوماسي الروسي واظهاره على انه جرى بالاتفاق مع امريكا، وايقاع روسيا وسوريا في فخ الدبلوماسية الامريكية البعيدة النظر. سعي امريكا للتنسيق مع روسيا بشان محاربة الارهاب مراوغة سياسية وخطوة تكتيكية لاستيعاب الاندفاع الروسي لااكثر، امريكا مازالت تضغط على الدول الاخرى لمنع مرور الطائرات الروسية باتجاه سوريا من اجوائها، ولو ارادت حقا محاربة الارهاب لما كان هناك داع لالطائرات ولا لصواريخ، يكفي ان تمتنع امريكا عن دعم الارهابيين بالسلاح والمال والمعلومات حتى تنهار مقاومتهم خلال اقل من شهر. المساعي الامريكية الحالية التي تحاول التنسيق بينها وبين روسيا حتى لايحصل صدام عسكري بينهما هدفه تقسيم سوريا، وهو تكرار لما حدث بين امريكا والاتحاد السوفيتي عندما جرى تقسيم كوريا وبامكانكم مراجعة وثائق تلك المرحلة لتتاكدوا من سلامة استنتاجنا. تابعوا معنا ماسيحدث: سوريا لاتستبعد طلب قوات روسية لمحاربة داعش، وروسيا اعربت عن استعدادها لدراسة الموضوع ان طلبت سوريا ذلك. فما الذي يمكن ان يحدث بعد ذلك؟ روسيا ستحمي قوات الدولة الشرعية والمناطق الخاضعة لها، وامريكا ستحمي قوات المعارضة التي تدربها كما صرحت بذلك مرارا. ويجري التنسيق بين روسيا وامريكا لتجنب اصطدام قواتهما اي، المواجهة المباشرة بين الجيش الروسي والامريكي ممنوع. الارهابيون سيفاجاون بالقوات الروسية ان ارادوا التقدم، وقوات الشرعية سيواجهون بقوات تركيا العضو في حلف شمال الاطلسي ان ارادوا التقدم. هذا يعني انه ستكون هناك خطوط حمراء لايجوز تجاوزها بالنسبة للطرفين وهذه الخطوط محمية بالقوات الروسية من جهة وقوات حلف شمال الاطلسي من جهة اخرى وهذا هو التقسيم بشحمه ولحمه. فماذا نحن فاعلون؟ لماذ لانستثمر ورقة المارد الصيني المهدد بانفصال التيبت وايغورستان؟ لماذا لاتشارك الصين في محاربة الارهاب وهي مهددة به اكثر من غيرها؟ وهل يمكن لسوريا والصين الاتفاق على منح الصين قاعدة عسكرية في حلب؟ ولماذا؟