..ماذا يــــــــــــــــــريد الغـــــــــــــــــــرب منــــــــــــــــــــا ؟
……….شـوه الغرب تاريخــنا وماضيــنا وهو الآن يشـوه حاضـرنا ؟
………ما هي الغايــــــة من الحـــــــروب التــي يشعــــــــJـــــــلها ؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــالاستاذ محمد محسن ـــــــــــ( 1 )ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
البعض القليل من شعوب الأرض ولأسباب مختلفة ــ كالتغريب ثقافياً ــ يمكن أن يسند للغرب بعض الحسنات ، كأن يقول : الغرب هو الذي يتابع حركة التطور العلمي ، ويستثمر براءات الاختراع ويعممها ، وأن نابليون امبراطور فرنسا جاء بالآلة الكاتبة ، مدت دول الاستعمار طرقاً ، وأقامت مؤسسات عمرانية ، ثم يختم بالقول ، هم يقرؤون ونحن لا نقرأ ، هم شعوب متقدمة ونحن شعوب متأخرة إلى آخر الاسطوانة .
أما أن يكون نابليون أول من جاء بالآلة الكاتبة فهذا مختلف عليه ولكن لنقر به جدلاً ــ حتى قيل أنه أعلن اسلامه ــ ومع ذلك وبالتأكيد هو من مهد ، وقرر ، وعمل ، وأعلن ضرورة مجيء اليهود إلى فلسطين ، لأنه هو من قال أن سورية ومصر هما أهم منطقة استراتيجية في العالم ، وفي توحدهما خطر على أوروبا ، لذلك لابد من حاجز صد ورد يقف بينهما فخلق الغرب الاستعماري " اسرائيل "
.
لا أعتقد أن أحداً في هذا العصر إلا إذا كان معتوهاً بات يعتمد النظرية العنصرية في تصنيف الأمم والشعوب ــ أي أن شعباً ما هو أذكى من الشعوب الأخرى ــ فهذه نظرية بادت ولم يعد لها من نصير ، أي أن الشعوب كل الشعوب بنات ظروفها ، فمن كانت ظروفه الاقتصادية ، والسياسية ، والاجتماعية ، بحالة استقرار ، لابد وان يسير في طريق التطور والتقدم ، وقد يسمح له المساهمة بعجلة التطور الانساني بحسب قدراته وإمكاناته ، هذه واحدة .
…….. ولا أعتقد أن أحداً في هذا الكون يحق له ان يجادل أن الحضارات لم تخرج من الشرق ، ولم تتطور في الشرق وأنها منه انتشرت ووزعت إلى كل أصقاع الأرض قبل آلاف السنيين ، وقبل أن يفك الغرب الحرف ، ويقول " ألف بي تي " ، سواء أكانت حضارات ما بين النهرين وسورية ــ السومريين ، والبابليين ، والآشوريين والفينيقيين وغيرهم ــ وحضارة وادي النيل ــ الفراعنة ــ ، وحضارات الهند والصين ، وأعتقد أن هذا يقره التاريخ الغربي ذاته ، رغم كل التحريف ، والتشويه وحالات القطع ، والوصل ، غير العفوية ، بل والمقصودة التي عمل عليها وعممها المستشرقون الذين جاء الكثيرون منهم كطلائع للبحث والدراسة تمهيداً للموجات الاستعمارية ــ والبعض القليل كان منصفاً ــ والذين لا يمكن ان ترى أعمالهم ودراساتهم إلا من آفاق مصالح تلك الموجات الاستعمارية التي اكتسحت العالم من مشرقه حتى مغربه . وهذه ثانية .
.
وهناك بعض المصادر التاريخية التي تتمتع بصدقية مقبولة ، تقول : أن الفينيقيين هم من نقلوا الحرف والمعرفة واسس الحضارة إلى الغرب ، المنطق وحركة التاريخ تجيب على هذا الرأي بنعم ، فما دامت الحضارات المشرقية هي الأسبق بعشرات القرون ، وأن أوروبا كانت في حينه عبارة عن قبائل رعوية واقطاعيات متفرقة لم تصل بعد إلى مرحلة تشكيل الدولة ، فهذا المنطق يقودنا إلى أن الحضارة وفدت إلى أوروبا من الشرق . وهذه ثالثة .
…………فماذا فعل الغرب بحضارات الشرق وبتاريخه ؟؟!!
لا يجوز أن نتجاهل أو ننكر الفلسفة اليونانية ومدى تأثيرها على الفكر العالمي ، وأن المفكرين العرب ــ كابن رشد ، والفارابي ، والرازي ، وابن سينا ، وغيرهم ، قد تأثروا بتلك الفلسفة ، وشرحوها ، وأضافوا لها ، وجميع المراجع الغربية تقر أن شروح ابن رشد واضافاته المهمة على الفلسفة اليونانية ، هي من شكلت السلاح الفكري الماضي في صراع الحركة التنويرية العقلانية في أوروبا مع الكنيسة .
مادامت الحضارة قد شعت من الشرق ، وسبقت حضارة الغرب بعشرات القرون ، وأن الشرق هو من نقل الحرف إلى أوروبا ، يبقى السؤال المفصلي الذي لعب الغرب عليه كثيراً .
……….من أين إذن نبتت الفلسفة اليونانية ؟ هل نبتت من الفضاء ، أم من الفكر الأوروبي الذي كان لايزال يحبو ؟ ، أم أنها كانت قد استندت على ما كانت الحضارة الشرقية قد وصلت إليه من علم ومعرفة ؟ ، من يقر بهذا يمكن أن نعترف له بأن الفلسفة اليونانية وبعد أن اعتمدت على معارف الشرق وعلومه وأبجديته ، لابد وأن تكون قد أضافت وطورت تلك العلوم . كما شرحها وأضاف لها ابن رشد بعد ذلك ، وهذه سنة من سنن تلاقح وتبادل الحضارات والثقافات العالمية .
لقد أقر المستشرقون والبحاثة الغربيون بتتابع الحضارات في الشرق ، كما أقروا بقدمها والتي تذهب بعيداً في أعماق التاريخ إلى ما يزيد على عشرة آلاف عام ، وصنفوها وأقروا بوجودها بالتتابع ــ السومريين ، والبابليين والاشوريين ، والفينيقيين ، والفراعنة ، والكلدان ، والآراميين ، والسريان ــ وأقروا أنها وجدت في العراق وسورية ومصر وشمال أفريقيا ، كما أنهم أقروا بانها هي من ابدعت الأبجدية ونقلتها إلى العالم . ولكن المستشرقين لم يجروا مقارنة زمنية مع الوجود الحضاري في الغرب بل تركوا المسألة مبهمة ، ولكنهم اعترفوا بان حضارة الشرق هي الأسبق .
أما ما فعلوه فلقد درسوا الحضارات الموجودة في الشرق ، وبعد أن قاموا بسرقة ونهب رسومها ، ورقُمها ، وآثارها ، واحتفظوا فيها في متاحفهم ، أظهروا منها ما يتوافق ومفاهيمهم وآرائهم التي نشروها ، والتي تخدم مراميهم في تشويه تاريخ المنطقة ، وما يخدم حملاتهم الاستعمارية .
.
ولم يؤكد المستشرقون بل حاولوا النفي مواربة إلى أن الحضارات التي تتالت في الشرق ، لم تشكل سلسلة مترابطة ومتتابعة في حلقات التطور الحضاري ، بل صوروها وكأن كل حضارة جاءت واندثرت أو هزمت ، ولم تخلف أي ارث للحضارة التالية ، أي أن الحضارة التالية لم تكمل الحضارة السابقة ولم تبني عليها ، بل حاولوا اقناعنا بأن كل حضارة بدأت حركتها من الصفر ، ، فهي لم تستفد من السابقة ولم تقدم شيئاً للاحقة ، بالرغم بان الحضارات تتالت على نفس الجغرافيا وتواصلت مع بعضها وأنها جاءت بتواريخ متتابعة ، بل صوروها كحلقات متقطعة في حركة التاريخ وأن بعضها جاء من المريخ وتلك من الزهراء والثالثة من المشتري ، وصولاً إلى العرب الذين وصفوا بأنهم جاؤوا من البادية رعاة غنم وجمال ، وليس لهم أي علاقة بتلك الحضارات ، ولا يحق لهم الادعاء بأنهم ورثتها .
.
هذا التشويه الحضاري لا يقنع عاقلاً ، هل يعقل أن شعوباً رعوية غير حضارية قد جاءت من البادية ، محت شعوباً حضارية من الوجود وحلت محلها ؟ إذن أين ذهبت حضارة الفينيقيين ؟ وأين ذهبت حضارة الآراميين والسريان والكلدان ؟ واين ذهب الفراعنة ؟ وأين ذهب الأنباط ؟ . المدرك عقلياً أن الشعوب الأوسع في المجال الحضاري حتى ولو كانت مغلوبة ، هي من تفرض حضارتها واسلوب حياتها على الغازي القادم لأنها الأقدر على محاكات الواقع ، والطبيعي أن تقوم المجموعة الغازية بتمثل الحضارة التي كانت قائمة والتعايش معها وهضمها ومن ثم الاضافة لها .
لكن الغرب بمستشرقيه المأجورين اقام جدراناً وحواجز فاصلة بين الحضارات المتتالية ، التي ولدت في الشرق وتبادلت الجغرافيا والتاريخ التي جاءت محلها .
لا نحن العرب من العراق حتى طنجة ، ورثة كل الحضارات التي ولدت ، وترعرعت على ارضنا ، وكل حضارة منها شكلت متكأً للحضارة التي تلت ، من الحضارة السومرية وحتى الحضارة الآرامية السريانية ، وما بينهما البابلية ، والاشورية ، والكلدانية والفرعونية ، والنبطية ، هذه الحضارات التي سبقت كل حضارات العالم ، نحن ورثة ثقافاتها ومنجزاتها العلمية والمادية ، ــ تذكروا جلجامش وأنكيدو ، وعشتار ، وبعل ، تذكروا المُشرع القانوني الأول في الدنيا حمورابي العظيم ، نعم حضاراتنا أثرت وتأثرت بالحضارات الشرقية الصينية والهندية ، ولا ريب أنها أثرت وتأثرت بالحضارات الغربية . وهذا انصاف لحركة التاريخ .
.
……وحتى لا ينفذ حاقد مُتغرب من ثقب الابرة فيتهمنا بالعنصرية فنجيبه لا لا ندعي أننا أبناء تلك الأقوام التي سبقتنا بالدم والعنصر ، بل نحن ورثتها حضارياً ، وثقافياً ، وقيمياً ، وأن تلك الحضارات ما هي إلا لبنات قوية في عمارة صرح بنائنا التاريخي الذي نعتز به .
ولكن كان هم الغرب أن يرسخ في وعي أجيالنا وبخاصة مثقفينا الذين تتلمذوا على يد المستشرقين أو تلاميذهم ، أنكم ولدتم من الصحراء ــ الربع الخالي ــ وأن من يمثلكم هم " بني سعود " رعاة الغنم والابل وجاء بهم الانكليز وساعدوهم على اغتصاب أرض الجزيرة العربية ، لا نجاز بمهمتين من أقذر مهمات في تاريخنا .
..( 1 ) تحريف الدين الاسلامي " بمذهب وهابي ظلامي "
..( 2 ) العمل الدائم على تمزيق الشعوب العربية ، ومحاربة العقلانية
إنه الغرب الاستعماري الذي :
.
هو المسؤول عن تخلفنا ، عن أمراضنا الجسدية والاجتماعية ، هو الذي حال ويحول أمام تقدمنا ، هو الذي يمزقنا مذاهب وقبائل حتى يسهل قضمنا ، هو ضد استقرارنا . هو من أقنعنا أننا شعوب لا تقرأ ، وأننا شعوب عاطفية ، وهم وحدهم ورثة العقل الذي يدفعهم لقتال الشعوب التي تسير باتجاه العقلانية . ويطالبهم بالتحالف مع أعتى رجعيات في العالم ، إنها دول الغرب العدوانية .
الغرب سرق حضارات البشرية ، وطاقاتها المادية والبشرية وسخرها لشعوبه ، وأفقر شعوب العالم الأخرى .
(وما هذه الحرب إلا المثال الصارخ والفاقع لما حبرنا )
……….شـوه الغرب تاريخــنا وماضيــنا وهو الآن يشـوه حاضـرنا ؟
………ما هي الغايــــــة من الحـــــــروب التــي يشعــــــــJـــــــلها ؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــالاستاذ محمد محسن ـــــــــــ( 1 )ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
البعض القليل من شعوب الأرض ولأسباب مختلفة ــ كالتغريب ثقافياً ــ يمكن أن يسند للغرب بعض الحسنات ، كأن يقول : الغرب هو الذي يتابع حركة التطور العلمي ، ويستثمر براءات الاختراع ويعممها ، وأن نابليون امبراطور فرنسا جاء بالآلة الكاتبة ، مدت دول الاستعمار طرقاً ، وأقامت مؤسسات عمرانية ، ثم يختم بالقول ، هم يقرؤون ونحن لا نقرأ ، هم شعوب متقدمة ونحن شعوب متأخرة إلى آخر الاسطوانة .
أما أن يكون نابليون أول من جاء بالآلة الكاتبة فهذا مختلف عليه ولكن لنقر به جدلاً ــ حتى قيل أنه أعلن اسلامه ــ ومع ذلك وبالتأكيد هو من مهد ، وقرر ، وعمل ، وأعلن ضرورة مجيء اليهود إلى فلسطين ، لأنه هو من قال أن سورية ومصر هما أهم منطقة استراتيجية في العالم ، وفي توحدهما خطر على أوروبا ، لذلك لابد من حاجز صد ورد يقف بينهما فخلق الغرب الاستعماري " اسرائيل "
.
لا أعتقد أن أحداً في هذا العصر إلا إذا كان معتوهاً بات يعتمد النظرية العنصرية في تصنيف الأمم والشعوب ــ أي أن شعباً ما هو أذكى من الشعوب الأخرى ــ فهذه نظرية بادت ولم يعد لها من نصير ، أي أن الشعوب كل الشعوب بنات ظروفها ، فمن كانت ظروفه الاقتصادية ، والسياسية ، والاجتماعية ، بحالة استقرار ، لابد وان يسير في طريق التطور والتقدم ، وقد يسمح له المساهمة بعجلة التطور الانساني بحسب قدراته وإمكاناته ، هذه واحدة .
…….. ولا أعتقد أن أحداً في هذا الكون يحق له ان يجادل أن الحضارات لم تخرج من الشرق ، ولم تتطور في الشرق وأنها منه انتشرت ووزعت إلى كل أصقاع الأرض قبل آلاف السنيين ، وقبل أن يفك الغرب الحرف ، ويقول " ألف بي تي " ، سواء أكانت حضارات ما بين النهرين وسورية ــ السومريين ، والبابليين ، والآشوريين والفينيقيين وغيرهم ــ وحضارة وادي النيل ــ الفراعنة ــ ، وحضارات الهند والصين ، وأعتقد أن هذا يقره التاريخ الغربي ذاته ، رغم كل التحريف ، والتشويه وحالات القطع ، والوصل ، غير العفوية ، بل والمقصودة التي عمل عليها وعممها المستشرقون الذين جاء الكثيرون منهم كطلائع للبحث والدراسة تمهيداً للموجات الاستعمارية ــ والبعض القليل كان منصفاً ــ والذين لا يمكن ان ترى أعمالهم ودراساتهم إلا من آفاق مصالح تلك الموجات الاستعمارية التي اكتسحت العالم من مشرقه حتى مغربه . وهذه ثانية .
.
وهناك بعض المصادر التاريخية التي تتمتع بصدقية مقبولة ، تقول : أن الفينيقيين هم من نقلوا الحرف والمعرفة واسس الحضارة إلى الغرب ، المنطق وحركة التاريخ تجيب على هذا الرأي بنعم ، فما دامت الحضارات المشرقية هي الأسبق بعشرات القرون ، وأن أوروبا كانت في حينه عبارة عن قبائل رعوية واقطاعيات متفرقة لم تصل بعد إلى مرحلة تشكيل الدولة ، فهذا المنطق يقودنا إلى أن الحضارة وفدت إلى أوروبا من الشرق . وهذه ثالثة .
…………فماذا فعل الغرب بحضارات الشرق وبتاريخه ؟؟!!
لا يجوز أن نتجاهل أو ننكر الفلسفة اليونانية ومدى تأثيرها على الفكر العالمي ، وأن المفكرين العرب ــ كابن رشد ، والفارابي ، والرازي ، وابن سينا ، وغيرهم ، قد تأثروا بتلك الفلسفة ، وشرحوها ، وأضافوا لها ، وجميع المراجع الغربية تقر أن شروح ابن رشد واضافاته المهمة على الفلسفة اليونانية ، هي من شكلت السلاح الفكري الماضي في صراع الحركة التنويرية العقلانية في أوروبا مع الكنيسة .
مادامت الحضارة قد شعت من الشرق ، وسبقت حضارة الغرب بعشرات القرون ، وأن الشرق هو من نقل الحرف إلى أوروبا ، يبقى السؤال المفصلي الذي لعب الغرب عليه كثيراً .
……….من أين إذن نبتت الفلسفة اليونانية ؟ هل نبتت من الفضاء ، أم من الفكر الأوروبي الذي كان لايزال يحبو ؟ ، أم أنها كانت قد استندت على ما كانت الحضارة الشرقية قد وصلت إليه من علم ومعرفة ؟ ، من يقر بهذا يمكن أن نعترف له بأن الفلسفة اليونانية وبعد أن اعتمدت على معارف الشرق وعلومه وأبجديته ، لابد وأن تكون قد أضافت وطورت تلك العلوم . كما شرحها وأضاف لها ابن رشد بعد ذلك ، وهذه سنة من سنن تلاقح وتبادل الحضارات والثقافات العالمية .
لقد أقر المستشرقون والبحاثة الغربيون بتتابع الحضارات في الشرق ، كما أقروا بقدمها والتي تذهب بعيداً في أعماق التاريخ إلى ما يزيد على عشرة آلاف عام ، وصنفوها وأقروا بوجودها بالتتابع ــ السومريين ، والبابليين والاشوريين ، والفينيقيين ، والفراعنة ، والكلدان ، والآراميين ، والسريان ــ وأقروا أنها وجدت في العراق وسورية ومصر وشمال أفريقيا ، كما أنهم أقروا بانها هي من ابدعت الأبجدية ونقلتها إلى العالم . ولكن المستشرقين لم يجروا مقارنة زمنية مع الوجود الحضاري في الغرب بل تركوا المسألة مبهمة ، ولكنهم اعترفوا بان حضارة الشرق هي الأسبق .
أما ما فعلوه فلقد درسوا الحضارات الموجودة في الشرق ، وبعد أن قاموا بسرقة ونهب رسومها ، ورقُمها ، وآثارها ، واحتفظوا فيها في متاحفهم ، أظهروا منها ما يتوافق ومفاهيمهم وآرائهم التي نشروها ، والتي تخدم مراميهم في تشويه تاريخ المنطقة ، وما يخدم حملاتهم الاستعمارية .
.
ولم يؤكد المستشرقون بل حاولوا النفي مواربة إلى أن الحضارات التي تتالت في الشرق ، لم تشكل سلسلة مترابطة ومتتابعة في حلقات التطور الحضاري ، بل صوروها وكأن كل حضارة جاءت واندثرت أو هزمت ، ولم تخلف أي ارث للحضارة التالية ، أي أن الحضارة التالية لم تكمل الحضارة السابقة ولم تبني عليها ، بل حاولوا اقناعنا بأن كل حضارة بدأت حركتها من الصفر ، ، فهي لم تستفد من السابقة ولم تقدم شيئاً للاحقة ، بالرغم بان الحضارات تتالت على نفس الجغرافيا وتواصلت مع بعضها وأنها جاءت بتواريخ متتابعة ، بل صوروها كحلقات متقطعة في حركة التاريخ وأن بعضها جاء من المريخ وتلك من الزهراء والثالثة من المشتري ، وصولاً إلى العرب الذين وصفوا بأنهم جاؤوا من البادية رعاة غنم وجمال ، وليس لهم أي علاقة بتلك الحضارات ، ولا يحق لهم الادعاء بأنهم ورثتها .
.
هذا التشويه الحضاري لا يقنع عاقلاً ، هل يعقل أن شعوباً رعوية غير حضارية قد جاءت من البادية ، محت شعوباً حضارية من الوجود وحلت محلها ؟ إذن أين ذهبت حضارة الفينيقيين ؟ وأين ذهبت حضارة الآراميين والسريان والكلدان ؟ واين ذهب الفراعنة ؟ وأين ذهب الأنباط ؟ . المدرك عقلياً أن الشعوب الأوسع في المجال الحضاري حتى ولو كانت مغلوبة ، هي من تفرض حضارتها واسلوب حياتها على الغازي القادم لأنها الأقدر على محاكات الواقع ، والطبيعي أن تقوم المجموعة الغازية بتمثل الحضارة التي كانت قائمة والتعايش معها وهضمها ومن ثم الاضافة لها .
لكن الغرب بمستشرقيه المأجورين اقام جدراناً وحواجز فاصلة بين الحضارات المتتالية ، التي ولدت في الشرق وتبادلت الجغرافيا والتاريخ التي جاءت محلها .
لا نحن العرب من العراق حتى طنجة ، ورثة كل الحضارات التي ولدت ، وترعرعت على ارضنا ، وكل حضارة منها شكلت متكأً للحضارة التي تلت ، من الحضارة السومرية وحتى الحضارة الآرامية السريانية ، وما بينهما البابلية ، والاشورية ، والكلدانية والفرعونية ، والنبطية ، هذه الحضارات التي سبقت كل حضارات العالم ، نحن ورثة ثقافاتها ومنجزاتها العلمية والمادية ، ــ تذكروا جلجامش وأنكيدو ، وعشتار ، وبعل ، تذكروا المُشرع القانوني الأول في الدنيا حمورابي العظيم ، نعم حضاراتنا أثرت وتأثرت بالحضارات الشرقية الصينية والهندية ، ولا ريب أنها أثرت وتأثرت بالحضارات الغربية . وهذا انصاف لحركة التاريخ .
.
……وحتى لا ينفذ حاقد مُتغرب من ثقب الابرة فيتهمنا بالعنصرية فنجيبه لا لا ندعي أننا أبناء تلك الأقوام التي سبقتنا بالدم والعنصر ، بل نحن ورثتها حضارياً ، وثقافياً ، وقيمياً ، وأن تلك الحضارات ما هي إلا لبنات قوية في عمارة صرح بنائنا التاريخي الذي نعتز به .
ولكن كان هم الغرب أن يرسخ في وعي أجيالنا وبخاصة مثقفينا الذين تتلمذوا على يد المستشرقين أو تلاميذهم ، أنكم ولدتم من الصحراء ــ الربع الخالي ــ وأن من يمثلكم هم " بني سعود " رعاة الغنم والابل وجاء بهم الانكليز وساعدوهم على اغتصاب أرض الجزيرة العربية ، لا نجاز بمهمتين من أقذر مهمات في تاريخنا .
..( 1 ) تحريف الدين الاسلامي " بمذهب وهابي ظلامي "
..( 2 ) العمل الدائم على تمزيق الشعوب العربية ، ومحاربة العقلانية
إنه الغرب الاستعماري الذي :
.
هو المسؤول عن تخلفنا ، عن أمراضنا الجسدية والاجتماعية ، هو الذي حال ويحول أمام تقدمنا ، هو الذي يمزقنا مذاهب وقبائل حتى يسهل قضمنا ، هو ضد استقرارنا . هو من أقنعنا أننا شعوب لا تقرأ ، وأننا شعوب عاطفية ، وهم وحدهم ورثة العقل الذي يدفعهم لقتال الشعوب التي تسير باتجاه العقلانية . ويطالبهم بالتحالف مع أعتى رجعيات في العالم ، إنها دول الغرب العدوانية .
الغرب سرق حضارات البشرية ، وطاقاتها المادية والبشرية وسخرها لشعوبه ، وأفقر شعوب العالم الأخرى .
(وما هذه الحرب إلا المثال الصارخ والفاقع لما حبرنا )