كتب الاستاذ محمد محسن
.ستكـــون هذه الحــرب آخــر الحـــروب الكبـــــيرة في منطــــــقتنا
……..حـــــــــــرب لا سابـــــــــــــــقة لــــــــــها في التـــــــــــــــــــاريخ
…….التماهوك وكل الصواريخ المجنحة وغير المجنحة لن تغير من رأي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
سأبدأ مقالي بالجزم والقطع أن هذه الحرب ليس لها مثيل في التاريخ ، فحروب القبائل كانت تتشكل من قبيلة مهاجمة وقبيلة مدافعة ، وحروب الدول كانت تبدأ بهجوم دولة أو مجموعة دول ، على دولة أو مجموعة دول ولكن بجبهة واحدة أو جبهتين أو خمسة ، أو أكثر بقليل ، ولكن أن يقاتل جيش بلد صغير على / 1700 / جبهة فهذه لعمري لا مثيل لها ، ـــ هذا الرقم أخذته نقلاً عن صحيفة فرنسية ـــ قد يبدو الرقم مبالغاً فيه ، ولكن لو أعدنا وأمعنا النظر في عديد القرى ، والدساكر ، والمدن ، والحارات ، والأزقة ، التي " ثارت " وعشرات الآلاف من الوحوش الكاسرة التي تسربت من بين ظهرانينا ، وحملت السلاح وقاتلت وقتلت ، والتي كان الجيش مطالباً بمواجهتها كلها ، في مواقعها المفروشة على كامل الجغرافيا السورية ، وبقليل من التأمل تتبخر الدهشة . بل الذي يدهشنا أكثر مدى شجاعة جيشنا وصبر شعبنا .
……………………… هذه هي المفارقة الأولى " ……………………
عديد الدول التي شاركت في هذه الحرب والتي زادت عن المائة دولة ، كل منها ساهم بحجم من الحجوم ، بقيادة أكبر دولة متوحشة في العالم ، هي أمريكا ، بالتآزر مع أوروبا ، وكندا ، واستراليا ، وتركيا ، حتى جزيرة " مكروزينيا " أما المحميات والرجعيات العربية ، فتطوعت لتحمل العبء الأكبر ، حيث لم تكتف بتقديم المال ، والكثير من السلاح بل أرسلت كل وحوشها ووحوش العالم الذين يؤمنون بفقهها الأسود للقتال في سورية ، كل هذه الدول وغيرها ، ساهمت بإرسال المسلحين ، أو تدريبهم ، أو تزويدهم بالمال ، أو بالسلاح ، أو بالحرب الاعلامية وهذا أضعف الايمان ، كلها توجهت لإسقاط دولة صغيرة ، مساحتها الآن لا تزيد عن 185000 / كم2 .
…………………….وهذه المفارقة الثانية " …………………….
كان القتال عبر التاريخ بين جيش كما قلنا أو أكثر ضد جيش أو أكثر ، أو أفراد قبيلة أو أكثر ضد أفراد قبيلة أو أكثر ، ولكن حربنا الآن تشترك فيها مئات الجنسيات ، ومن الجهات الأربع ، من كل المهمشين في الأرض من الحواري ، والأزقة ، والمدن ، ومن كل بقاع الأرض ممن باعوا جماجمهم للشيطان ، وأجروا عقولهم للتوحش ، لفقه اسود عتيق ، مسروق من هوامش ومتون ومدونات اسلامية مشوهة ، مطعمة بكثير من " الاسرائيليات " تحت فقه يقوم على : أن الوحش القاتل إن قَتل له الجنة ، وإن قُتل له الجنة والحور العين ، على أرضية فقه ابن تيمية الذي حكم عليه بالزندقة ومات من أجل ذلك في سجن قلعة دمشق ، بعد أن عدله وأضاف عليه محمد بن عبد الوهاب بمساعدة الاستعمار البريطاني ، والذي قام على مبدأ الكافر يقتل ومن لا يقتل الكافر يقتل ، فتشكلت قطعان الارهاب ودخلت الأراضي السورية ، وتعاونت مع المهمشين ، والمجرمين ، والأغبياء والحاقدين من السوريين ، وبات على الجيش العربي السوري البطل مواجهة كل هذه الخلطات النابتة كالفطر ، في كل جبل أو واد أو شارع أو زقاق .
………………………..وهذه المفارقة الثالثة ………………………..
لم يترك سلاح في العالم إلا واستخدم في هذه الحرب ، ولكن كان السلاح الديني هو السلاح الأمضى ، لأنه وعن طريقه ومن خلاله تم استقدام مئات الآلاف من الوهابيين والاخوانيين من كل بقاع الدنيا ، ليشتركوا في هذه الحرب ، التي حاول الغرب ومحميات الخليج ، استخدام الفقه الديني الأسود القاتل لأول مرة بعد الحروب الدينية في أوروبا ، لذلك وبهذا السلاح الفتاك ، يكونوا قد خاضوا حرباً بأداة جديدة لأول مرة وذلك باستخدام مئات الآلاف من الارهابيين ، بدلاً من الجنود ، بشكل مباشر .
……………………… وهذه المفارقة الرابعة ………………………..
…… اذن هي حرب لامثيل لها في التاريخ من حيث عديد دول معسكر العدوان ، ومن حيث نوعية المقاتلين الارهابيين الذين استنفروا من كل أزقة العالم ، و آلاف الجبهات القتالية المفتوحة ، وكانت المفارقة الأكبر استخدام الدين كسلاح فتاك لتحقيق مآرب الغرب الاستعماري ودول الرجعيات العربية المسروقة من قاع التاريخ .
………..يبقى السؤال الأهم لماذا هي آخر الحروب الكبيرة ؟؟؟…………
.
النظرة السريعة لتشابكات الواقع ، مع الأخذ بعين الاعتبار العدوان الأمريكي الأشد على مطار الشعيرات السوري ، ـــ بكل صدق ـــ عندما كنت قد بدأت لتوي بصياغة الجواب على هذا السؤال ، حدث الزمهرير الاعلامي الذي يطبق على الدنيا بقناعة أن حرباً عالمية كبيرة ، وأن اسرائيل ستشترك فيها ، وستقلب الطاولة بوجه سورية ، وحلفائها من الروس والايرانيين ، ولقد هللت لهذه الضربة دول الرجعيات العربية ، وتركيا ، أما المعارضات السورية فلقد اعتبرت أن هذه الضربة ، قد أعطت الأمر بتحريك النسغ في أوصالها ، وهي الآن تعيش نشوة ولكنها ستكون نشوة مؤقتة ، وسيحدث بعدها انهيار بالمعنويات يضاف إلى انهياراتهم التي لاتعد ولا تحصى في السنوات السبع .
.
أنا أتشجع وأقول بكل ثقة أن هذه الحرب هي آخر الحروب الكبيرة .
………………………….. لماذا ؟ …………………………
جميع الحروب السابقة التي خاضتها" اسرائيل " تمت على أرضنا ، من خلال الدبابات ، والمدفعية القريبة المدى ، والطيران ، وحتى هذه الحرب كلها خيضت على أرضنا أيضاً بالكامل .
.
أما حروب المستقبل فستكون حرب صواريخ بعيدة المدى ، ولذلك سيفكر الاستراتيجيون العسكريون ألف مرة قبل التفكير بشن حرب ، على دولة أخرى ، لأنهم لابد وأن يأخذوا بعين الاعتبار الخسائر الجسيمة التي ستلحق بشعبهم ، وبممتلكاتهم ، وبخاصة مؤسساتهم الاستراتيجية ، كالسدود وغيرها ــ بالنسبة لتركيا ــ والأمونيا والمفاعل النووي وغيرهما ــ بالنسبة " لإسرائيل " ــ ولو وضعنا في اعتبارنا حرب / 2006 / بين حزب الله و" اسرائيل " والتي استمرت / 33 / يوماً فقط وبعدها راحت " اسرائيل " تستعطي وقف اطلاق النار ، من كل حلفائها ، والمعلوم والمدرك ومهما كانت ترسانة حزب الله قوية وهي قوية ، فانهالا تملك لا من حيث الكم ولا من حيث النوع ، ما يوازي أو حتى يقترب مما تملكه سورية ، فكيف إذا ما أضفنا لذلك الترسانة الإيرانية الكبيرة !!
.
لذلك ولما كانت " اسرائيل " هي الدولة الأهم في المنطقة التي ستؤخذ بعين الاعتبار ، بل وفي المقام الأول من اي قرار بإشعال حرب ، من قبل " اسرائيل " ذاتها ، أو من قبل حلفائها وبخاصة الولايات المتحدة الأمريكية ، مما سيجعل معسكر العدوان يفكر ألف مرة ، قبل أن يشعل حرباً كبيرة ، هذا الرأي لا يشمل عدة ضربات وضربات متقابلة ، لأنها ستكون بمثابة رسائل فقط .
.
البرهان الأكبر والجلي جداً كل الدنيا تعرف أن الوضع السوري اقتصادياً ، واجتماعياً ، وعسكرياً ــ بالرغم الانتصارات التي تمت والانتصارات التي ستأتي تباعاً ـــ هي الآن أضعف من اي وقت مضى ، وكذلك حزب الله الذي حشد الكثير من مقاتليه في سورية ، بدلاً من أن يكونوا على الجبهة مع " اسرائيل " ،
المنطق يقول في مثل هذه الحالة : أن الآن الآن وليس غداً الواقع يمنح أكبر فرصة " لإسرائيل " على تنفيذ العدوان الأكبر وسحق سورية جيشاً وشعباً ، وبالطريق تدمر حزب الله العدو الأشرس ، وبذلك وبالتتابع تصل العراق المنهك أيضاً وتعمل على تمزيقه ، وبالطريق تصل حدود ايران ، التي تهددها منذ سنوات ، ألا يحكم هذا الاستنتاج المنطق ؟؟
…………………….. ولكنها لا تفعل لماذا ؟؟؟!!!…………………..
نعم لانزال نحن في أتون الحرب المدمرة ، ولا يزال أمامنا الكثير من الانجاز ، ولكن ما أنجز أعطى ملامح المستقبل ، ورسخ الثقة الأكبر في جيشنا وشعبنا وحلفائهما ، وفي نفس الوقت يساهم بهزائم عسكرية ومعنوية متلاحقة في معسكر العدوان ، بكل أطرافه بما فيه المعارضة التي تستغيث ، والتي باءت جميع أحلامها بالفشل .
.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
…….نحن لانضرب بالمندل ، ولا قمنا بعمل استخارة ، ولا نبيع تفاؤلاً مجانياً ، بل سير الأحداث والمنطق الذي يحكمها ، مع الأخذ بعين الاعتبار كل ما أنجز ، والمصلحة الاستراتيجية لحلفاء سورية بشكل خاص ، نخلص إلى نتيجة .
……هذه هي الحرب الأخيرة الكبيرة في المنطقة ، أكرر في المنطقة
……. وسنستمر في مواجهاتنا لكل أعدائنا ، ولن يخيفنا بعد الآن أي هجوم ، لا بالتموهوك ولا بغيره ، فالذي مر اصعب ألف مرة من الآتي ، بل العدوان الذي حدث سيزيد من إصرارنا على الفعل العسكري ، والسير أسرع نحو الانتصار ، كما وسيدفع الحلفاء الأصدقاء إلى القيام بدور فاعل أكثر على جميع الجبهات .
………….وسيكون المستقبل القريب أهم جواب على ما حبرت ……….
……………………………فلا تقلقوا …………………………..