
*ذاكرة الحلم
ذات حلم… وشى لي الّليل عن مكان مكوث شهرزاد الحكايا.. تلك التي تبثّ الرّوح أملاً والقلب نبضاً… وتفتح بوّابات النّفس على جنّاتٍ وعيونٍ وأنهار….. ورحلاتٍ وأسفار… فتحيلُ الوحشة أنسا..وتصبّ في الأذن الأماني العِذاب همسا…
هممتُ أزوّدُ النّفس بما لذّ وطاب من الآمال المشرقة… علّي أزيلُ تجاعيد الرّكود عن مسامات روحي… .
أبحرتُ في بحرٍ خضمٍّ واسعٍ ممتدٍّ..حاملةً وهن السّنون على ظهريَ الموهون… ورحتُ أجدف بيديّ المتعبتين بعد أن فقدت مجدافي نجاتي… وسط الطّريق أو أوّله ..لستُ أدري ؟
فقد كانت الأمواج المتلاطمة تتقاذفني… والبحرُ الملول يعزف في نفسي قلقا من عالم مجهول غامرتُ في الوصول إليه لأغفو في أحضان ألف ليلة وليلة…. بعيدا عن عوائق الواقع والخوف من الآتي…تابعتُ التجديف وحبال الإصرار تشدّ وثاقي لتمنعني من التّراجع والعودة حيث الحقيقة…
إلى أن وصلتُ إلى تلك الجزيرة الافتراضيّة… التي رسمتْها في مخيّلتي منذ صغري/حكاياتٍ عالميّة/ و/ رحلة السّندباد وأسفاره/…..لقد كانت ساحرة حدّ الإبهار…مريحةً حدّ السّكينة…
تسلّلتُ… .إلى شرفة شهرزاد حيث كانت متّكئةًعلى أريكتها الوثيرة… وحيدةً هي ونفسها ولا أحد سواهما… نجواها قصص زمان مضى ؛شخوصها شعراء وأدباء الزّمان الماضي… وخليطٌ من المتعبين والحالمين… ومن نافذتها المطلّة على حديقةٍ ساحرةٍ ألقيتُ التّحيّة على / زهرة النّادي/… تسلّلتُ من زجاجها الوهميّ الذي يتظاهر بالوجود ولا وجود له..
اتّخذتُ مجلساً قربها… ورحتُ أجول تفاصيلها… وأستذكر أزقّة حكاياتها التي أمتعت سمّارها…
أخبرتني بأنّهاستروي لي حكايةٌ. .فصرختُ متلهّفةً ؛
إذاً أريدها عمّا سيأتي ويأتي… لا أريدها عمّا كان في قديم الزّمان… تبسّمت بمكرٍ؛ إذ أبصرَتْ في لهفتي تعطّشي للاستئناس بقادمٍ أودّ أن يكون…. فهزّت رأسها موافقةً…
بدأت تروي… وأنا أصغي وأصغي بصمتًّ راح يسرقُ الكلمة من شفتيها…
/سيكون في الآتي من الزّمان جبالُ نورٍ ستحجب العتمة. .وسيكون هناك أصدقاء يلبسون ثياب الوفاء البهيّة ..ولا يعرون منها ابدا… يخلصون, يساندون, يعينون,يحفظون السّرّ في صناديق قلوبهم.. ويقيّدون ألسنتهن عن البوح بها… سيكون هناك أناسٌ يتصدّقون بالابتسامات. ويزرعون الفرح ورودا في الطّرقات… ويزيلون ما يرونه في طريقك من عقبات… عندها سيدفن اليأس في أعماق الزّوال…
ستستيقظ،فيك الطّفلة المدلّلة ..مصطحبةً معها دمية الطّفولة.. وتركض بك إلى الرّوابي والوديان…. باحثة عن أرجوحة التجدّد والانطلاق…
سيكون هناك حاوية تُرمى فيها مفرداتٍ ومعانٍ رديئة. ..
/الخذلان.,اليأس,الإحباط, الكره, الغشّ, الفشل والإفشال/
-رفّ قلبي وأنا أصغي لحكايتها الشّائقةلكنّها توقّفت فجأةً
فصِحتُ باستغراب؛ هل من مزيد؟؟؟؟
ضحكتْ،ضحكة المنتشي النّاجح بإمتاع جليسه.. وقالت:
حدّثتك عن الآتي…. أمّا المزيد فهو عن آتي الآتي… ولاااا متّسع له هذه الليلة…
استأذنَتْ وانصرفتْ لتخلدَ إلى النّوم…
أمّا أنا فاستيقظتُ من نومي أرتدي نفساً جديدة.
إدلب : سهام السعيد















