يحذر خبراء ومسؤولون من أن تنظيم “داعش“، الذي يواجه هزيمة ميدانية في العراق وسوريا، سيعمل على إقامة “خلافة افتراضية” في الفضاء الإلكتروني يواصل من خلالها التواصل مع أنصاره وتجنيد الناشطين.
وينبه الخبراء إلى أن اجتثاث التنظيم من كل الزوايا الخفية للشبكة العنكبوتية، حيث لا يزال يطلق دعايته ويحث أعضاءه ومؤيديه على التحرك، سيكون أصعب بكثير من العمليات العسكرية في ازقة الموصل والرقة
في مطلع العام 2017، وفي نص بعنوان “الخلافة الافتراضية”، حذر الجنرال الأمريكي، جوزف فوتل، قائد القيادة الأميركية الوسطى (التي تمتد من الشرق الأوسط إلى آسيا) من أن “القضاء على تنظيم (داعش) على أرض المعركة لن يكون كافيا”.
وكتب فوتل: “حتى بعد هزيمة قاسية في العراق وفي سوريا، فان تنظيم (داعش) سيجد على الأرجح ملجأ في العالم الافتراضي يمكنه من مواصلة تنسيق الاعتداءات والإيحاء بها”، مضيفا أن ذلك “سيتيح له أيضا الاستمرار في حشد المؤيدين إلى أن يصبح قادرا على إعادة الاستيلاء على أراض”.
وأضاف أن “هذه الخلافة الافتراضية صيغة محرفة للخلافة التاريخية: فهي تضم مجموعة من المسلمين يقودهم خليفة (هو حاليا ابو بكر البغدادي) وتطمح إلى الانتماء إلى دولة خاضعة لأحكام الشريعة الإسلامية ومقرها في الفضاء الإلكتروني”.
ويقول خبراء إن اندحار التنظيم من القسم الأكبر من الأراضي التي استولى عليها في العراق وسوريا أثر على قدرته على التواصل عبر الإنترنت، إذ تراجعت كمية ونوعية المضمون الذي ينشره بالمقارنة مع الأشهر الأخيرة، من دون أن يختفي.
فوكالة “إعماق” التابعة للتنظيم، لم تتوقف عن البث وتبني الاعتداءات والحث على تنفيذ هجمات. كما لا يزال من الممكن الاطلاع بسهولة على نشرات التنظيم المتوافرة بلغات عدة وهي تدعو مؤيدي الخلافة أيا كانوا وأكثر من أي وقت مضى إلى التحرك وتمدهم بنصائح وشروحات لتنفيذ اعتداءات قاتلة.
من الصعب جدا مقاتلته
في العام 2015، أعد الباحث في مركز “كويليام” البريطاني للأبحاث، تشارلي وينتر، تقريرا بعنوان “الخلافة الافتراضية” حلل فيه الإستراتيجية الدعائية للتنظيم المتشدد.
يقول وينتر: “من الواضح أن حضوره العقائدي والفكري سيزداد أهمية في الأشهر والسنوات المقبلة”، مضيفا أن “التنظيم يسعى منذ الآن إلى التركيز على أن فكرة الخلافة أهم من وجودها الفعلي”.
ويتابع: “لكن ذلك ليس معناه أن الأمر سيقتصر على واحد من خيارين: الافتراضي أو الفعلي، فهو سيظل مزيجا من الاثنين وسنواجه في السنوات المقبلة تنظيما أضعف لكنه سيكون قادرا على السيطرة على جيوب من الأراضي خصوصا في سوريا، كما سنشهد حرب عصابات في العراق”.
وتحت ضغوط السلطات الحكومية، اتخذ مزودو الخدمات وعمالقة الإنترنت في العالم إجراءات وتدابير لعرقلة استخدام التنظيم للشبكة العالمية لغايات الدعاية والإدارة.
إلا أن الباحثين الفرنسيين، لوران بيندنر ورافايل غلوك، اعتبرا أنه “رغم تكثيف رقابة السلطات والرقابة على شبكات التواصل الاجتماعي، فإن تنظيم (داعش) أبدى قدرة كبيرة على الصمود بالنظر إلى مرونته وقدرته على التأقلم إزاء حذف مضامين تخصه على الإنترنت”.
وقال الباحثان إن التنظيم “سيتمكن بذلك من المحافظة على انتشار كاف لبلوغ قاعدته من المؤيدين وتجنيد عناصر جدد”.
وحذر وينتر من “صعوبة محاربة” حملة الدعاية على الإنترنت، التي قال التنظيم إن عامي 2014 و2015 كانا “العصر الذهبي” لها، أي عندما كان يسيطر على أراض شاسعة في سوريا والعراق.
وأوضح وينتر أن “فرض رقابة على الإنترنت لن يجدي نفعا، فالسلطات تركز على الجانب الخطأ من الشبكة (القسم المتعلق بكل المستخدمين) وهذه مشكلة.. فأعضاء التنظيم يختبئون في أعماق الشبكة ويستخدمون تطبيقات مشفرة، وستظل هناك أماكن يختبئ فيها الإرهابيون على الإنترنت، مهما سيقول السياسيون
تحت المجهر ”.