.jpg)
حملتُ بنطالَ ابني الممزقْ
وفتحتُ خزانةَ ملابسي
أبحثُ عن قميصٍ
هجرتُهُ منذ أربعينَ عاماً
نفضتُ عنه غبارَ السنينْ
حاولتُ أن ارتديهما
عللني أجدُ فيهما شباباً
صار في خريفِ العمرِ
سجينْ
نظرا إليَّ باستغرابٍ
كأنهما يسألاني : من أنتْ ؟
وأمامَ صمتي الحزينْ
تلاشى السؤالْ
واحتدَّ بينهما السجالْ
بنطالُ إبني يضحكْ
وقميصي القديمُ يبكيْ
وأنا
تنتابني هيستيريا من الضحكِ والبكاءْ
اليومَ سأتحدّى الزمن
وأصحبُ حبيبتي الى حفلةِ الديسكو
سأصنعُ إبتسامتي الهوليوديةْ
وأضعُ على رأسي قبعةً سحريةْ
وأُمرنُ جسدي على الرقصِ
لساعاتٍ طويلةْ
تماماً كما كنتُ منذُ أربعينَ عاماً
أزاحمُ الجميعَ وأنا أرقصُ
أعانقُ حبيبتي بيدْ
وباليدِ الأخرى ألوحُ للفتياتْ
أغيظهنَّ بنجمةٍ أراقصها
رجلٌ عجوزٌ هناك
عبثاً يحاولُ أن يقلدَني
ويصنعُ في حلبةِ الرقصِ عالماً من السحرِ
كما العالمُ من حولي
يراقصُ امرأةً تنظرُ بعينِ الحسدِ الى حبيبتيْ
الى قدّها الممشوقِ كشجرةِ حورٍ
وخصرها كطوقِ الياسمينْ
وشعرها ينساب كشلالٍ ماءٍ عذبْ
ونحنُ نرقصُ ونرقصْ
إلى أن أُطفئتْ الأنوارْ
العتمةُ حالكةٌ
لم تكن لحظةٌ وعبرتْ
إنها أربعونَ عاماً مضتْ
أحاولُ اليومَ الرقصَ من جديد
أتذكرُ ذلك العجوزْ
فترتعشُ أوصالي
أيمكنُ أن أجدَ اليومَ في حلبةِ الرقص
من يُغيظَني بشبابهِ وعنفوانهِ
أيمكنُ أن تجدَ حبيبتي الى جوارها
عاشقةً ترقصُ كنجمةٍ تحلقُ في الفضاءْ
وعيونُنا تلاحقُها
ونحن نحاولُ أن نحلقَ مثلها
أيمكنُ لبنطالِ ابني
وقميصيَ القديمُ الجديد
أن يصنعا لي سحراً
ويعيدا إليَّ ذلك البريقُ المفقودْ
لأراقص حبيبتي في حلبةِ الديسكو
نحلقُ ونحلقْ
ويحسدنا كل من حولِنا
ينتابني شعورٌ بالخوفِ كبيرْ
لكنني لم أتعودْ الهروبْ
كانت أمي تنعتُني بالعنيدْ
وإني أحصلُ على كل ما أريدْ
لكنَّ ماأريدُهُ اليوم
ضربٌ من المستحيلْ
يحتاجُ الى قُدُراتٍ خارقةْ
أشبهُ ماتكون بقدراتٍ إلهيةْ
المرآةُ تنظرُ إلي بوجوم
لم يرقْها مظهري المهزوم
أشاحت بوجهها عني
ماجعلني أستجمع كلَّ حماسِ الدنيا
وبريقٌ من السحر يلمع في عينييَّ
شعرت بالشبابِ ينبضُ في قلبيْ
خلعتُ القميصَ والبنطالَ الممزقْ
لبستُ ثيابي الخمسينيةْ
رسمتُ على وجهي ابتسامةٍ خفيّة
أحطتُ خصر حبيبتي بيدي
وذهبنا الى حفلةِ الديسكو
لأراقصَ نجمتي
لا أدري كيف استطعنا أن نحلقَ في الفضاءْ
ونسحرَ كل مَنْ كان حولَنا
د . جهاد صباهي