.الوجـــــــود الأمريـــــــكي أسبـــــــابه، ودوافــــــــعه، والرحـــــــيل……….
……….الامبــراطورية الأمريكـــية ليســـت كليــة القــدرة ويمــكن كســرها………..
……….هــل يستــفيد الانفصــاليون الأكــــراد مــن الـــدروس ويتعــظون ؟………..
المحامي محمد محسن
عندما ننطلق من قناعة أن البعبع الأمريكي لم يعد مخيفاً، وأنه قابل للكسر، حينها تكون الموضوعية طريقنا للاقتراب من الحقيقة، أما عندما نعتبر أن أمريكا غولاً متوحشاً، تَسلل إلى داخل منازلنا ولا طاقة لنا لمواجهته، سيبقى الرعب حاكماً على مشاعرنا، ونفتقد أساسيات التحليل الموضوعي، لأن كل ما نصيغه حينها سيأتي تحت هذا الكابوس المرعب، في هذه الحالة أنا أنصح من يقع تحت غائلة هذا التفكير، أن يجلس في بيته ويريحنا من أرائه السوداوية الخائفة، حتى لا يخيف أحداً، لأن عليه أن يدرك أنه يساند بذلك موقف المعارضين الحاقدين العملاء .
.
وانطلاقاً من القناعة الأولى وتأكيداً لها، سأجيب مستنداً على المثال الماثل أمامنا الآن، ألا وهي الحرب على سورية، والذي لانزال نعاني منها ولاتزال تستنزف طاقاتنا .
هل هناك من شك بأن أمريكا هي من قادت الحرب على سورية ؟، وهي التي قررت، وخططت، وهي التي استنفرت الحلفاء والتابعين للانخراط في الحرب ؟، ( والأدق رقبة ) من كل ما فات، هل هناك شك في أن أمريكا هي المساهم الأول في خلق، واستحضار، وتدريب، ومن ثم الاستثمار في الارهاب الاسلامي المتوحش الذي غزت به سورية؟، طبعاً بتمويل فقهي، مالي، سعودي، قطري؟، وكانت غاية الغايات الأمريكية كسر الارادة السورية، وتدميرها، وتمزيقها، خدمة لإسرائيل، والحلفاء، والتابعين، وتهيئة لحصار روسيا والصين ؟؟ .
.
…………….. نعم دمروا، وقتلوا، وفتكوا !! .
…….ولكن هل حققت أمريكا غاياتها عبر سنوات ثمانية من حربها التي جاءت من أجلها ؟، وهل تمكنت هي وجميع دول العدوان وأدواتها من كسر ارادة سورية، وتحقيق أهدافها العدوانية ؟؟، أم أن الجيش العربي السوري وحلفاءه قد تمكنوا من تحقيق النصر على هذا الرهط من المعتدين ؟؟، بكل أسلحتهم وأدواتهم، وخلال آلاف المعارك، وتمت ملاحقة فلول تلك القطعان المتوحشة في كل بيت وحي وكهف وجبل وصحراء، وتم تحرير ما يقارب من 85% من أراضي الجمهورية العربية السورية، وحاصروا الارهابيين وداعميهم في مناطق ضيقة، والسؤال الساذج هل من حرر كل تلك المساحات وصبر وانتصر في آلاف المعارك بعاجز عن استكمال انتصاره الناجز والكامل ؟؟، وهل ستتمكن أمريكا في الوقت المستقطع من تحقيق الانتصار؟، أنا أجزم أن لا .
.
إذن ما هي أهمية وجودها في التنف، وشرقي الفرات ؟؟، المعلن أنها تلاحق فلول داعش التي ساهمت بتصنيعها، والتي ثبت أنها قدمت لها ولغيرها من الحركات الارهابية، الكثير من المساعدات العسكرية واللوجستية، كما ساعدت الارهابيين مباشرة في قصف الجيش العربي السوري في جبال ( السردة وغيرها )، ولعلنا نتذكر تدمير أمريكا للرقة تدميراً شاملاً وبكل حقد، كل هذا لم يعد خافياً على أحد، ولم تعد أمريكا بقادرة على تضليل أحد .
ثم تتباهى أمريكا أيضاً أنها جاءت لمساندة الأكراد وإزالة الحيف عنهم، هنا وجدت من الضروري التركيز على قضية مفصلية، ألا وهي : على كل عاقل كردي أو غير كردي أن يتبحر في التقصي، ويسأل نفسه هل من مصلحة الأكراد في الانفصال ؟؟، وسأجيب على هذا التساؤل في القادم .
.
إن حقيقة الوجود الأمريكي له أسباب عدة غير هذين السببين، فهي وكما عودتنا تكذب وتكذب وتضلل من هو قابل للتضليل، وأن آخر اهتماماتها انصاف الشعوب، فالأكراد ـــ ومع الأسف ـــ كانوا يستخدمون كأدوات منذ البرزاني الأول، من خلال أمريكا واسرائيل على وجه الخصوص، لزعزعة استقرار المنطقة واستنزاف طاقاتها والتآمر عليها، هم في الشمال واسرائيل في الجنوب، عندما كان الشاه عميلاً أمريكياً، لم نكن لنسمع للأكراد قضية، وكذلك في عهد الملكية في العراق، حتى عندما اجتاحت الماركسية مجتمعات المنطقة، انتسب غالبية الأكراد العاملين في الحقل السياسي إلى الشيوعية، وبالتالي صنفوا أعداءً لأمريكا، ولكن عندما سقط الاتحاد السوفييتي، تخلى الأكراد عن انتمائهم الأممي، وعادوا إلى عنصريتهم، ووضعوا أنفسهم تحت الحماية الأمريكية، وعندما شق العراق وايران عصا الطاعة، ظُهِرَ الحيف الكردي، وبات الأكراد أصدقاء أمريكا، ومن يضع نفسه تحت الحماية الأمريكي، هو بالتتابع صديق لإسرائيل ولم يعد هذا بخاف !! .
.
أما الوجود الأمريكي في سورية فله أكثر من هدف غير ما زعمت وتزعم، أهمها الظهور بمظهر أن سورية لم تتفلت بعد من بين يديها، وأنها لاتزال تمسك ببعض الخيوط المهمة، التي تشكل قوة ضاغطة وفاعلة في الواقع السياسي السوري، والثالثة أنها تناصر ( حق الانفصاليين الأكراد في تشكيل كانتونهم )، والتساؤل الذي يملك كل الموضوعية في طرحه : متى ناصرت أمريكا حقوق الشعوب العادلة ؟؟ .
.
لكن حقيقة وجودها في التنف وعلى الحدود السورية العراقية، هي محاولة اقتناص أي فرصة لخلق تناقض بين سورية والعراق الشقيق، لقطع الطريق البري بين سورية والعراق وايران، أجزم أنها لم ولن تستطيع، ( فعلى الكافة أن يدركوا أن سياسة العداء بين الشقيقين أصبحت وراء ظهورنا وبنت الماضي )، كما أن المساهمة بخلق كانتون كردي يحقق عدة غايات بآن واحد، أهمها التنغيص الدائم للدول الأربع المحيطة بالأكراد، وبخاصة ايران العدو الألد بالنسبة لها ولإسرائيل .
.
لكن الأهم من كل ما تقدم والذي يعتبر بيت القصيد :
هل سيتمكن الانفصاليون الأكراد من تحقيق حلمهم ؟؟، وإن كان الجواب بلا فلماذا ؟؟ .
كنا قد أجبنا على الجانب الأول من هذا السؤال : أن من لم يتمكن من تحقيق نصر خلال ثمان سنوات من حرب ضروس لم تبق ولم تزر، بات من المستحيلات تحقيقه ضمن الظروف المستجدة التي بات فيها النصر قاب قوسين أو أدنى، فضلاً عن أن عدد الجنود الأمريكيين كما يُعلن اعلامياً لا يزيد عن /2000 / جندي أي أنه وجود رمزي، غير قادر على المواجهة : كما أن على عقلاء الأكراد أن يتخذوا من التاريخ العظة، وبخاصة من التخلي الأمريكي عن الحليف البرزاني الاستراتيجي عندما اقترب الحشد الشعبي العراقي من كركوك، حيث تركت البرزاني يواجه مصيره المخزي لوحده، ( وعندنا سيحدث مثيل ذلك إن لزم الأمر ).
.
أما الشأن الكردي فلم يمر في اي يوم من الأيام بأسوأ مما هو عليه الآن، لأن الانفصاليين الأكراد خلال عقود، كانوا يوظفون حالات العداء بين الدول الأربعة المحيطة بهم بين بعضها وينفذون من بين تلك التناقضات، فالانفصاليون الأكراد في تركيا استفادوا كثيراً من حالة العداء المقيمة بين سورية وتركيا، فحصلوا على الموئل والمساعدة، إلى الحد الذي استقبلت فيه سورية مئات الآلاف من منهم الفارين من الحرب مع تركيا، وهم الآن على رأس التحرك الانفصالي الكردي، وهم ذاتهم الآن يطالبون بالحصول على الجنسية السورية، وكذلك انفصاليو العراق عندما كان العراق يحارب ايران، كان الأكراد يحصلون على الدعم والرعاية وحتى والتمويل من ايران .
.
ولكن في هذه المرحلة ولأول مرة ومنذ عقود تتفق الدول الأربع ، على العداء للانفصاليين الأكراد، كما تلاقت مصلحتها على العداء لأمريكا بسبب موقف الأخيرة المؤيد للانفصاليين الأكراد، حتى تركيا حليفة امريكا التاريخية، هي الآن في تناقض كبير معها بشأن موقفها من ذات القضية، مما يجعل الانفصاليون الأكراد في حصار مطبق، من الجهات الأربع كالسوار، حتى سماءهم مغلقة لأنهم لا يستطيعون الانتقال براً وجواً إلا من خلال أجواء الدول الأربعة المحيطة بهم .
.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كنت قد أكدت في أكثر من مقال، أنه وبالرغم من العداء التاريخي بيننا وبين تركيا، ستتلاقى مصلحتنا ومصلحتهم في قضية واحدة ، هي محاربة النزوع الكردي للانفصال، وسميتُ ذلك الاتفاق بين عدوين [ بالاتفاق التضايفي ]، أي أن هناك حالات عداء كثيرة، لكن هنا أضيفت حالة خارجة عن العلاقة المأزومة بين الطرفين .
ولما كانت دعوة الانفصاليين الأكراد، تتعارض ومصالح الدول الأربعة المحيطة بهم، كانت دعوتهم للانفصال دعوة مجنونة، تتعارض مع التاريخ والجغرافيا، لذلك كان على العقلاء منهم ان يتعظوا من درسين : موقف أمريكا من دعوة البرزاني الانفصالية حيث تركوه يواجه خيبته، والثانية لن تقايض أمريكا مصلحتها في المنطقة بمصلحتها مع الأكراد، وبخاصة مع تركيا، فضلاً عن أمريكا وبعد سقوط عشرة قتلى ستفر لا تلوي على شيء .
…………………فهل يتعظ الأكراد ويستفيدوا من دروسهم وبخاص الدرس المرير في عفرين !!!؟؟