الدكتور المهندس محمد رقية
خبير استشاري في االجيولوجيا والاستشعار عن بعد والبيئة
الجزء الأول
تمهيد
لقد عملت لمدة ثلاث سنوات ضمن فريق عمل تم تشكيله بقرار من السيد رئيس مجلس الوزراء في أواخر ثمانينات وبداية تسعينات القرن الماضي , لدراسة الطاقة الحرارية الجوفية والمياه الحارة في سوريا , تم من خلاله دراسة كل مظاهر المياه المعدنية الحارة والطاقة الحرارية الجوفية في سوريا بشكل ميداني وتم تقييم كل مظهر من مظاهر هذه الطاقة , وجرى اعداد دراسة جدوى اقتصادية لحمامات أبو رباح في القريتين لاستثمارها سياحيا" والاستفادة من الأبخرة المنبعثة في المعالجات الصحية والخدمات السياحية .
المقال الحالي يستعرض أهم مظاهر المياه المعدنية الحارة والطاقة الجوفية التي تم دراستها وتوثيقها في سوريا
مقدمة
تشكل المياه المعدنية الحارة أحد المظاهر الرئيسية لطاقة الأرض الجوفية، و تستخدم هذه المياه على نطاق واسع في مختلف أقطار العالم، فتشاهد المحطات الحرارية العاملة على حرارة الأرض الباطنية في دول عديدة كاليابان و كاليفورنيا في أمريكا و السلفادور و إيطاليا و أيسلندا و المكسيك وزامبيا و كينيا و غيرها…
كما أن العديد من دول العالم تستخدم المياه الحارة في تدفئة المدن و القرى و المصانع الكبيرة، والبيوت البلاستسكية , كما في مدينة ماخشكالا بالاتحاد السوفييتي السابق و التي تدفأ بمياه حرارتها 65 درجة…
والعديد من الدول تستخدم هذه المياه وخاصة المعدنية والكبريتية منها في السياحة الصحية وبناء المنتجعات السياحية ومعالجة العديد من الأمراض كأمراض الجلد والمفاصل والأعصاب وغيرها .
ما هي مصادر الطاقة الحرارية الجوفية ؟؟؟
يمكن القول بأنه يوجد مصدرين أساسيين لهذه الطاقة:
الأول ناتج عن خزانات المياه المعدنية و الحارة كالينابيع الحارة و الجيزرات و الأبخرة الساخنة و التي تظهر على شكل ينابيع أو في الآبار، و تستخدم بشكل رئيسي في السياحة و معالجة الكثير من الأمراض، وفي التدفئة بمختلف أشكالها بما فيها البيوت البلاستيكية ..
و الثاني ينتج عن خزانات الصخور الجافة الساخنة، أي الصخور البركانية الحارة في مناطق الإندفاعات البركانية الحديثة، حيث تستقر كميات ضخمة من المهل المتدفق في الغرف المهلية المخزنة داخل القشرة الأرضية العلوية و التي تقع أسفل هذه البراكين و تحتفظ بحرارتها لعشرات آلاف السنين حيث تسخن الطبقات الصخرية و المياه الجوفية التي تعلوها..
إن الإندفاعات البركانية تغطي مساحات شاسعة من أراضى القطر تصل إلى خمس مساحة سوريا ، و يعرف منها البركنة الحديثة في مناطق عدة، و خاصة المنطقة البركانية الجنوبية، أي منطقة دمشق و جبل العرب، حيث توجد أحدث الإندفاعات البركانية التي لا يتجاوز عمر بعضها بضعة آلاف من السنين، كما في تلول الصفا و الزلف و شهبا والهبارية وخربة الأمباشي و غيرها و قد بينت دراستنا الأولية لهذه الصخور مع خبير الأمم المتحدة دي باولا في عام 1981 وجود العديد من الشواذات الحرارية في الكهوف و المغاور المتواجدة ضمن هذه الصخور.
لذا فإن دراسة هذه الإندفاعات بدقة و تفصيل يمكن أن يعطي معلومات هامة حول هذه الطاقة الجوفية و إمكانية الاستفادة منها، و تشير الدراسات إلى أن الحرارة يمكن أن تصل إلى 150 درجة على عمق /3600م / في المناطق الجنوبية من سوريا…
يتبع
المصدر :
مجلة الأدب العلمي , جامعة دمشق . العدد 61 (أيلول) من عام 2018 ,