من رحم الدمار، والمعاناة، والصبر، والصمود، والتحدي، والمواجهة .
سنجترح المعجزات ونحقق سورية العربية دولة العدالة والتقدم والعقلانية
…وسننتصر على داء الغربنة الثقافية، والعسكرية، وداء الأصولية السلفية
المحامي محمد محسن
التاريخ لا يغلق ابوابه، ومن يغلق ابواب التاريخ يغلق عقله، ومن يغلق عقله يموت هو وعقله، بدون أي حد من المساهمة في مسيرة التاريخ لأنه لم يفهمها، إذن كان على العقل العاقل أن يؤمن أن التاريخ كنهر لا يعود ماؤه إلى الوراء وهو في تغير دائم ولحظي، ترفده سواق كثيرة، هذا التدفق الهائل المتراكم يجرف كل الأوحال، ولا بد أن يصب في بحيرة أو بحر، عندها يحدث التحول ويصبح النهر بحراً، هذه حقيقة واقعية تلزمنا الإيمان بأن التغيير لابد قادم، ولما كان التغيير تراكمي، يتحول إلى تغيير كيفي ونوعي، عندما ينضج الواقع لذلك، وهذا ما ننتظره وسيحدث .
.
المناضلون وحدهم من يؤمنون بهذا، ومن يؤمن بالتغيير والتطور الحتمي هذا، يتساوق موقفه ونضال جيشنا البطل وتضحياته، وما حققه من انجازات أذهلت العالم، يؤازره صمود شعبنا التاريخي، وعون الأصدقاء والحلفاء الصادق، ويدرك أن شعباً فيه شاب صغير يافع ، يهاجم عسكريين مدججين بالسلاح ويطعنهم بسكين، أو ينتزع بندقية أحدهم بالقوة ويقتلهم بها، شعب لا يمكن أن يموت، ومن يرى اهلنا المعممين في مجدل شمس يحرقون الهوية الاسرائيلية، بعد مرور ما يزيد على خمسين عاماً على احتلال أراضيهم شعب لا يموت .
.
أستكمل لأن الواقع يتطلب : ومن يرى أماً لأربعة شهداء في السلمية تعتز بشهدائها، ويجالسك أب الشهداء الخمسة ابن الشهباء ( مصطفى عبد الباري ) وهو يدعوك للصمود، تثق أن أمة ينتسب لها مثل هؤلاء أمة لن تموت، ومن يرى ضيعة صغيرة في ريف اللاذقية تزف خمسة شهداء في يوم واحد، ومن رأى صورة الجندي الشاب وهو تحت الموت [ الشغري ] يقول للإرهابين [ والله سنمحيها ] انه من جنود ينتمون إلى عقيدة شعب لا يموت، لأن هذا التحدي يستند على ارث عشرات الآلاف من السنين من الحضارة والتاريخ، ومن شارك شعبنا في حلب، ودمشق، ودير الزور، وغيرها وهم يزدهون بالانتصار، وهزيمة الطاغوت ثنائي القطبية، الارهاب ــــ وأمريكا شعب لن يموت وسيخرج من تحت الرماد كالعنقاء ولن يستسلم بل سينتصر .
.
أعرف بل أدرك تماماً أن الكثيرين من المتشائمين، وضيقي الأفق، والذين يعانون من اليباس، والتصحر العقلي، والذين يلتهون في صغائر الأمور، سيقولون هذا خطاب سمعناه كثيراً، وسيستخفون بهذه الحقائق، وقد يصل الأمر إلى وصفه بالديماغوجية .
.
ولكن سأجيب بتروٍ : هل هذه الوقائع نسجتها من مخيلتي، أم سرقتها من رواية، أم قال لي الواقع خذها كدليل قطعي، لا يمكن لأي قاضٍ إلا أن يحكم بموجبها بقرار قطعي لا مطعن فيه، وأطلب طلباً آمراً من صديقي الفنان الصامد في الحسكة ( جوزيف قرياقوس ) والفنان الكبير الدكتور( عبد الناصر ونوس ) وغيرهما من الفنانين أن يجسدوا هذه البطولات في لوحاتهم، وأن يبادر الفنانان الكبيران دريد لحام، وأيمن زيدان، والمخرجان الوطنيان الكبيران ( نجدت أنزور، وعبد اللطيف عبد الحميد ) إلى تجسيد هذه الانتصارات التي ليس لها مثيل في التاريخ، في أفلام أو مسرحيات، حتى يقرأها أو يشاهدها الأحفاد وتبقى محط اعتزاز للأجيال القادمة، وأضيف ( كل من يعرفني يعرف أنني لا أنافق لمخلوق خلق ) لذلك اسجل وأضيف لهذه المآثر زيارات السيدة أسماء الأسد( المريضة والتي نطلب لها الشفاء ) للجرحى والمصابين حتى في بيوتهم، هو موقف نبيل وله دلالات صُمودٍ وتَحدٍ .
.
ذكرت هذه البطولات لا لأنها نماذج نضالية وطنية فقط، بل لأشير إلى الكافة أصدقاءً وأعداءً أن يدركوا، أن نضالات شعبنا وتضحياته، التي لا يمكن حصرها في كتاب أو في ألف كتاب، فكيف بمقال متواضع، هي تضحيات من أجل الدنيا ـــ كل الدنيا ـــ شعوباً وجغرافيا، لأن انحسار وخسران الرأسمالية الغربية المتوحشة، هي إيذان بتغيير دراماتيكي لحركة التاريخ وانعطافة، سيكون لها أثرها العالمي على الطبيعة وعلى الانسان، كما أن هزيمة الارهاب المتوحش على يد الجيش العربي السوري وحلفائه، هي استئصال لجرثومة الطاعون العالمي المدمر، وهذا انجاز ستفيد منه جميع دول العالم بما فيها الدول التي استولدته، ورعته، ومولته، وعلى رأسها مملكة النفط السعودية، لأنها كانت يجب أن تكون نقطة الإزدلاف الأخيرة ” للخليفة البغدادي ” أو ” الجولاني ” لأنها أرض الاسلام المقدسة .
.
بعد كل هذه الانتصارات التي أذهلت العالم، هناك عيون مصابة بالغبش لا يمكن أن ترى إلا اليباس، ونحن ننبه إلى أن هذه الأعين الحولاء عَرِفَتْ أم لم تَعْرِفْ، هي أداة في الحرب النفسية، وتسهم في تسريب روح اليأس والخسران، والفت في عضد شعبنا الصابر المحتسب، لأنها تلعب مع المعارضين العملاء في المتاعب اليومية الحقيقية التي يعاني منها شعبنا، والتي تنزل برداً وسلاماً من حيث النتيجة في سلال العملاء، والتي أكدنا دائماً انها موجودة، ولكن وبدلاً من وضعها في موقع النقد البناء، يذهبون بعيداً في ربطها بحبل من التشاؤم والتيئيس، ومن خلالها يُسَرِّبونَ كل الانجازات الهائلة التي لا أبالغ إن قلت أنها اسطورية، لكن علينا أن ندرك أن هؤلاء المتشائمين لا يستطيعون رؤية الشمس حتى في رابعة النهار .
.
نحن نقر أن شعبنا الذي تحمل ما لا تتحمله الجبال، يعاني الكثير من المتاعب، ومنها فساد الادارات الذي أصبح مزمناً، ونقد هذا الواقع حق بل وواجب، ولكن هناك فرق بين أن يكون نقدنا لبعض مؤسسات الحكومة ، وبين أن نعممه ليشمل بنية الدولة كلها، والذي يغلق الأبواب جازماً أن الإصلاح بات مستحيلاً، كمن تعربش على قانون وزارة الأوقاف وحاول تصويره وكأنه بات ” هوية للدولة الدينية ” وهو لو قرأ ما وراء سطوره، سيجده خطوة متقدمة وهامة، اجتث من خلالها صلاحيات الكثير من المؤسسات الدينية السوداء المتناثرة، وتم مركزتها في يد وزيرـــ والوزير هذا سيتغير ـــ مما سيسهل توجيهها بما يخدم التوجه العقلاني للدولة .
.
لكل من يحملون معركة التيئيس البريئة على أكتافهم ” ويطحشون جموعاً من المواطنين في دروبهم ” نقول لهم : اجلسوا لدقيقة واحدة في واحد من صباحاتكم السعيدة واستمعوا إلى فيروز، وجولوا في أعمق أعماق تفكيركم وأجيبوا على سؤال
……….ماذا كان سيجري على شعبنا وعلى وطننا لو خسرنا الحرب ؟؟
أقول جازماً : ستتفتت سورية إلى خمس دويلات طائفية وقومية، انسجاماً مع فتوى ” كيسنجر ” عام / 1973 / التي تقوم على تفتيت دول الطوق، ومن ثم تطلق يد اسرائيل على كل المنطقة، ليس هذا فحسب، بل ستسيل الدماء أنهاراً، وبعد احتساب حجم الموت والدمار الذي حدث .
………..يكون انتصارنا انتصاراً مشهوداً على أعتى دولة في العالم……
…………..فلا تسربوا وتضيعوا القيمة الابرائية لهذه الانتصارت المذهلة………
.من خلال التركيز على ( بعض الارتكابات هنا، وكثير من الفساد هناك ).
.
ما وصل إليه الميدان السوري : لم يكن يتوقعه أعداء الوطن والعملاء حتى في أحلامهم ، وأن جيش اللاهوت الظلامي، الإطلاقي، الاستبدادي، المتوحش، سينهزم ، حتى ولا من عملاء الداخل المنشقين عن مجتمعهم، وعن وطنهم، وعن وعيهم القشري، أما الصعقة الكبرى فلقد تلقتها الامبراطورية الأمريكية، حيث أضاعت صوابها وأفقدتها السمت، وما ارتجاليات ترامب إلا التعبير الاهتزازي عن حالة الصرع التي تعيش فيها أمريكا، أما ممالك النفط وملصقاتها، فهي تبحث في السر عن واقعها المستقبلي بعد رفع الغطاء الأمريكي عنها، وهل سَنَتَحَرَّجُ إذا قلنا: إن اسرائيل في ضيق عميم لم تمر به من قبل منذ التأسيس، أننا بهذا الكلام سنوقظ الدبابير، التي تعتبر اسرائيل محصنة تلمودياً .
.
وهناك الصورة المقابلة التي باتت حقيقة واقعة، وبالرغم من أننا سنوقظ بعض الأمراض القشرية، التي لم تتمكن بعض العقول من مسحها بَعْدُ، أن حزب الله لوحده حقق نظرية الردع مع اسرائيل، فكيف إذا تعافت سورية، والعراق، وهذا بات بحكم المؤكد، وتم فتح الطريق مع ايران !!، التي نتشارك معها على الأقل في معاداتها لأمريكا واسرائيل ؟؟ .
وهل يجوز لأي عاقل ولو كان من جوقة المتشائمين، أن يتجاهل الطاقة الخلاقة التي أنتجها الميدان السوري، وذلك بولادة وتنشئة القطب المشرقي الجديد ( روسيا ، والصين )، الذي سيوقف الروح العدوانية وسيفتح باباً عريضاً لشعوب المنطقة على التاريخ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
انطلاقاً من ادراكي القاطع بأن سورية لاتزال في وطيس حرب، اخطبوطية الأبعاد، أثخنت مواطننا السوري بالجراح، وأن أمننا لايزال مهدداً، حتى أمننا اللغوي ( اللغة العربية ) بات يعاني من داء الغربنة، لذلك أُحَذر كل من يساهم قولاً أو فعلاً، في النقد الجارح للأفراد والمؤسسات بشكل سلبي، قد يحدث أي تصدعات في البناء الاجتماعي الوطني، لأن المعارضين العملاء يتصيدون أية سقطة مهما كانت صغيرة، وأن هذا النقد قد يصب في الموقع الخطأ من قضايا الوطن المركزية .
لذلك ونحن في ظروف حرب مريرة، أهم ما يحتاج إليه جيشنا وشعبنا : إلى أناس يزرعون بذور الأمل والتفاؤل، إلى عقول نشطة فاعلة جاهدة لاستيلاد التوازن الاجتماعي، من خلال نشر الوعي التقدمي العقلاني، لا إلى عقول مستقيلة كسولة، همها نشر اليباس والتصحر، أو عقول خالدة للنوم تُسيَّرُ من خلال اشاعة هنا، أو عمل مستفز هناك .
وعلينا أن ندرك جميعاً أننا ونحن نواجه الحرب بكل استطالاتها، علينا نثر بذور العقلانية، في كل أرض نتمكن فيها من كسر منظومة الاستبداد الديني، وتهشيم مرتكزاتها الأصولية السلفية .
…………….بهذه الرؤية التأصيلية نؤسس للحظة حضارية جديدة……..