…….حربنا ليست حـرباً اقليمية بل هي حـرب عالمـية بكل المقاييس……
…….وللحروب العالمية، معاييرها، وسياساتها، وتحـالفاتها، المـعقدة…….
المحامي محمد محسن
حاولت أمريكا استثمار وتوظيف الحادي عشر من أيلول / 2001 / كما وظف واستثمر هتلر حريق ( الرايخستاغ ) حيث اتخذه حجة لتصفية خصمه الألد [ الحزب الديموقراطي الاشتراكي ـــ الشيوعي ـــ ] والتحضير للحرب العالمية، وهكذا حاولت الولايات المتحدة، أن تستثمر هذا الفعل المُرَكَّبْ، حيث أرادت الزُمَرُ الحاكمة من مجرمي الحرب في أمريكا ، المأخوذين بالزهو من قدراتهم العسكرية الهائلة، الذين تلبسهم الشعور بالقوة المفرطة، أو ينتابهم احساس عميق بفائض في القوة، أشعرتهم بأن لهم القدرة على اجتياح العالم، ولا مانع لديهم من قتل عشرات الملايين من شعوب العالم، وتدمير وافقار بلدانهم، من أجل السيطرة على الكوكب، وبذلك تتحقق شروط [ الامبراطورية الأمريكية ]، وبخاصة بعد أن تمكنت مع حلفائها وتابعيها من فكفكة الاتحاد السوفييتي العظيم، اللجام الذي كان .
.
بادرت أمريكا فوراً إلى سرقة أوروبا الشرقية، وأعلنت ضمها إلى حلف الناتو بعد أن تفكك حلف وارسو، وظَهَرَتْ صواريخها على حدود روسيا ” يلسن ” الوريث السكير، الذي تعهد بتصفية الاتحاد السوفييتي، بعد التمهيد العملي لذلك من غربتشيف، متمادية في قصقصة أجنحة هذه الدولة العظيمة، حتى لا تَحُنُّ ثانية إلى حلمها الذي اغتيل، فبدأت بتفتيت حديقتها الخلفية يوغسلافيا ” تيتو العظيم ” حيث مزقتها إلى خمس دويلات مذهبية وليست طائفية .
.
ثم اقتربت أكثر حيث حركت عملاءها في جورجيا بلد ” ستالين ” حيث نجحت في خلق عداوة بين جورجيا و روسيا، ولكنها خرجت بجرح أصاب انتصارها وذلك من خلال استقلال ” أوسيتيا “، الموالية لروسيا عن جورجيا، ثم انتقلت إلى أوكرانيا ـــ الروسية تاريخاً ولغة ـــ وهنا كان الجرح غائراً حيث أهدت ” هذه الحرب بوتن ” جزيرة القرم، [ التي سمحت وهيأت للاستفاقة الروسية ] ، وقسمت أوكرانيا إلى شرقية موالية لروسيا، وغربية سيطر عليها عملاء أمريكا النازيين الجدد.
.
وكانت أمريكا قبل كل هذا قد حركت الجمهوريات الاسلامية ، التي كانت جزءاً من الاتحاد السوفييتي، فأصابت في بعضها وخسرت الأخرى، أما حرب الشيشان فكان لها شأن آخر، حيث أعطى الانتصار فيها الفرصة ” لبوتن ” الذي قاد العمليات العسكرية، ليكون قائداً لروسيا الجديدة، التي تعافت على يده والذي بدأ يلملم جراحها، ولكن جزيرة القرم التي أصبحت أكبر قاعدة عسكرية لروسيا على البحر الأسود، هي التي أعطت بوتن ( الدفق الثقوي ) الذي أعاد الحلم بعودة روسيا مجدداً إلى الساحة الدولية، وكان الهدف من كل هذه الحروب قصقصة أجنحة روسيا .
.
وازدهاءً بالانتصارات الناجزة والجزئية في بعضها، أطلقت أمريكا تسميات زاهية على تلك ” الثورات “، حيث أطلقت على ” الثورة ” في أوروبا الشرقية، ( بالثورة المخملية ) و” الثورة ” ( البرتقالية ) في أوكرانيا .
.
أما ” الثورات العربية ” ولأهميتها القصوى، فلقد أرادت أن تجمع طيفاً من ألوان الربيع فسميت ” بثورات ” ( الربيع العربي )، الذي بدأ من العراق، بكذبة ملفقة من كولن باول وزير خارجية أمريكا في حينه، بتهمة انتاج أسلحة الدمار الشامل، والتي كانت سبباً كاذباً لتدمير العراق، وتسريح جيشه الوطني، ثم جاء كولن باول بإنذاره المشهور والذي رفض من القيادة السورية، ثم أشعلوا حرب 2006 ضد حزب الله في لبنان، والتي هُزمت فيها اسرائيل، في الوقت الذي كانت فيه اسرائيل تطلب من ” كونزي ” السعي لوقف اطلاق النار ووقف القتال، كان عملاء اسرائيل في الداخل اللبناني يستجدون ويتضرعون ” لكنزي ” مطالبين استمرار الحرب حتى يُسحق حزب الله ، وكان ذاك الضغط برئاسة ” السنيورة ” و ” وليد بك ” ــ الذي لايزال في فترة حداد على كلبه الذي نفق قبل ايام ـــ و ” الحريري ” و” جعجع، والجميل، و غيرهم كثير، والذين ومهما حاولوا تزويق وتبرير مواقفهم هم يتخادمون مع اسرائيل .
مرت جحافل الطغيان الأمريكي على ليبيا فدمرتها، أما في مصر فلقد اجترحت حلاً وسطاً بين الاخونج وبين القوى الوطنية المصرية ، فجاء السيسي كحل وسط بين القوتين .
.
لكن الحرب على سورية فلقد تفردت، خططاً، وتحالفات، وأدوات قتالية، حيث استنفرت أمريكا جميع حلفائها في المنطقة، منهم من شارك في التخطيط، ومنهم من شارك باستنفار جميع القوى الاسلامية الظلامية في العالم، ومنهم من شارك باستقبالهم وإدخالهم الأراض السورية، أما ممالك الخليج وإماراته، فلقد شاركت بكل هذا، مع تزويد المقاتلين المتوحشين، بفتوى شرعية بأن قتل السوريين هو فرض عين، كما زودتهم بالمال والسلاح، مع تغطية اعلامية قل نظيرها، أعدت ليوم كريهة، ( الجزيرة ، والعربية ) والتي تملك قدرات استثنائية على الفبركة ، والكذب ، واختراع الانتصارات الوهمية، ثم بدأ الهجوم من كل المنافذ البرية والبحرية، كما استنفر عملاء الداخل، وكانت الحرب .
.
……………لمــــاذا كـــل هـــذه الحـــــروب ؟؟
كل من يعتقد أن الهدف الأوحد من هذه الحروب هو تدمير هذه البلدان للسيطرة عليها فقط، هو واهم، أو مشتبه .
المؤلف كمال ديب الذي أصدر كتاب ” حروب الغاز “، وحتى المحلل السياسي فوزي الشعيبي، وغيرهما، أطلقوا على هذه الحروب ( حروب الغاز )، أنا لا أقلل من أهمية هذا الاستنتاج، ولكن ورغم أهمية هذه المسألة، يمكن أن نضعه من ضمن الأهداف لهذه الحروب ، لأن تحقيق غاية الغايات التي جاءت أمريكا لتحقيقها، وهي اغلاق كل السبل أمام روسيا وحرمانها من عودتها ثانية لتكون لاعباً دولياً، ستحقق تلقائياً كل هذه المصالح بدون أي عناء في حال الانتصار، ولكن وحتى نقترب من الموضوعية أكثر، يمكن أن نعتبر هذه الحروب كلها هي حروب تمهيدية، [ لحصار روسيا ، والصين ] .
.
لذلك ابتلعت أمريكا دول أوروبا الشرقية، وعبثت في الدول النائمة في حضن روسيا، ودمرت الدول العربية وبخاصة سورية، كل هذه الحروب كلها كان هدفها من حيث النتيجة، حصار الصين وروسيا والتضييق عليهما، وقتل حلمهما ، لأنها بذلك تحقق جميع أركان الامبراطورية الأمريكية من خلال امتلاكها لكوكب الأرض، عندها تسيطر على الغاز من منبعه وحتى مصبه وعلى غيره، وتلعب بمصائر الدول والشعوب كما تشتهي .
.
……….المصلحة الاستراتيجية المتبادلة بين سورية وروسيا ………..
.
من هنا يمكن أن نفهم أهمية التدخل الروسي في سورية، ومصلحة روسيا في ذلك، ومن هنا أيضاً يمكن أن ندرك أبعاد التحالف الاستراتيجي ومبرراته ، والذي لا فكاك منه، لتحقيق مصلحة البلدين الجوـــ سياسي فيه، فأي خسارة لأي من الدولتين هي خسارة مؤكدة للأخرى، فتدمير سورية يؤدي حتماً إلى إغلاق البحر الأبيض المتوسط في وجه روسيا، وحتى الصين، ويعني تماماً وبدون مبالغة [ قطع للشريان ] الذي يوصلهما بالعالم الخارجي، والذي هو الشرط الأساس الذي يخرجهما من واقعهما الاقليمي إلى العالمية، ويجعلانهما في وضع ليس قادراً على مواجهة الحصار الأمريكي، الذي سيطر على شبكة من الدول المحيطة بهما .
.
ومن هذا الفهم الاستراتيجي نقرر : إن أي محاولة لجرح هذه العلاقة المصيرية بين البلدين، ولأي سبب كان، من خلال التشكيك بصدقية الحليف، أو مهاجمته، يعتبر وبدون مواربة، تحقيق لغاية فضلى لأمريكا وكل معسكرها، بل هي الغاية والمقصد عند أمريكا، وعند عملائها في الداخل السوري على وجه الخصوص، الذين ما فتؤوا يحاولون النيل من هذا التحالف، لكن ونحن نحدد هذا الموقف الاستراتيجي القطعي، نؤكد أن هذا لا يحجب حق أي مواطن من الدولتين توجيه تساؤل، مستفسراً عن سبب اتخاذ اجراء ما وبصيغة نقدية، ولكن من الضرورة بمكان أن ينطلق النقد أو التساؤل من موقع الصديق المستفسر، وليس من مواقع التشكيك بصدق الغاية، من خلال هذا الاطار الصداقي، نرى حق الجميع في الاستفسار عن سبب تسليم جثة قاتل صهيوني بمراسم غير معتادة .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
.
………………دعـــــــــــونا نقــــــــــــــر :
.
أن حاجتنا للتحالف مع روسيا والصين، حاجة حياتية مصيرية، لأن الوحش الأمريكي لو ترك لوحده، لفتت سورية ومزقها وقتل الملايين من شعبها، بحجج مذهبية، أو طائفية، أو قبائلية، وشرذم الدول العربية [ وحولنا عبيداً عند شعب الله المختار اليهود ] وليس في هذا أية مبالغة .
ولولا صمود الجيش العربي السوري ، والدعم الصادق من الأصدقاء الروس، والحلفاء الإيرانيين، وحزب الله، والانتصار الذي حققناه معاً، لأُغْلِقَ البحر الأبيض المتوسط في وجه روسيا والصين، وأطبقت أمريكا عليهما الحصار، ومنعتهما من المرور في البحار والممرات المائية، إلا بتصريح من حارس أمريكي، أو من اسرائيل الوكيل الحصري للإمبراطورة الأمريكية .
ولسحقت ايران، ولوحق مقاتلو حزب الله إلى حيث مواقعهم، وسيلعب حينها وليد بك ، وجعجع، ومن لف لفهما، دور الأدلاء على أماكن وجودهم، وكذلك سيكون شأن العراق .
.
أما الملوك العرب في السعودية، وغيرها، ومعهم الأمراء فسيؤخذون الى حدائق الحيوانات، ليشرحوا للزائرين كيفية استعباد الشعوب، وأحدث الأساليب في ممارسة العهر الجنسي، لأن هذا دينهم وديدنهم، في السماء والأرض .
إذن بات المصير واحداً، والتحالف لا محيد عنه، ولكن هذا لا يعني أبداً تطابق السياسات الدولية، والمواقف بين حليف وآخر، فلكل دوره، ولكل سياساته، وعلى الجميع أن يدرك أننا في حرب عالمية، والحرب العالمية لها قواعد اشتباك خاصة وبالغة التعقيد، لا مصلحة لحليف أن يقوم بأي فعل يضر بالحليف الآخر، لأنه بذلك يضر نفسه .
.
…….. مــن هنــا يحــق لنــا التســاؤل ولكــن لا يحـق لنــا التشكـــيك !!!!؟؟