د. م . عبد الله أحمد
أن تفكر خارج النمط السائد …يعني أن تكون هدفا لحملات عنيفة ، وذلك لان تلك القوى التي تدير هذه الحملات لا تريد لأحد أن يحيد عن السرد التاريخي السائد ، بغض النظر عن صحة هذا السرد التاريخي من عدمه …كون هذا التفكير يهدم الهيكل التي تبنى عليه هذه الهيمنة .
إلا أن الطريق إلى المستقبل تحتاج إلى إعادة قراءة للأحداث التاريخية والسياق الذي يبنى عليه الوعي الجمعي …ومنها :
– السياسات والإحداث التاريخية خلال المائة سنة الماضية –ومنها حرب السويس والانتصار السياسي المكتسب والذي لم يتم استثماره لبناء دول حقيقة ، وكانت النتيجة هزيمة 67 ، ومن الإحداث المهمة الحرب الإيرانية –العراقية وحروب الخليج الأولى والثانية وصولا إلى أحداث الفوضى والحروب المركبة التي بدأت في 2011 .
– هيمنة الدين السياسي على الدول العربية وبالأخص فيما يتعلق بالجانب الاقتصادي والاجتماعي وبالنهاية السياسي ، وما يثير الاستغراب هو الضرائب المركبة التي تفرض على المجتمعات من خلال ما يسمى “الزكاة ” ،في ظل وجود “الضريبة” التي تعتبر ألا ساس لتمويل الدول من أجل القيام بالخدمات الأساسية ، وهكذا في الوعي الجمعي الزكاة هي الأصل،أما الضريبة فيمكن التهرب منها وهذه المعضلة الأساسية التي تواجه تطور المجتمعات ، والجزئية الأخرى هي قصة “الدعوة ” فإذا كانت الدعوة والرسالة قد تمت بماذا يبشر هؤلاء ؟ والقائمة تطول ….إنها أدوات الدين السياسي من أجل السيطرة والاحتفاظ بالسلطة الدنية المفترضة .. وكذلك الأمر فيما يتعلق بإضفاء القدسية على شخصيات تاريخية وعلى نصوص مركبة والمشكلة ليست هنا وإنما هي استحضار تلك المقدمات المفترضة لتعود بالحاضر إلى هوة الماضي دون إمكانية الخروج منه .
– العلم والدين – هناك صراع مفتعل ما بين الدين والعلم ،وهنا تبدو الغرابة …فالعلم يتعامل مع ما هو موجود من ظواهر وقوانين تحكم الوجود الذي يظهر افتراضيا بشكل مادي،والعلم يعني الاستفادة من تراكم المعرفة من أجل رخاء الإنسان وتطوره ، والعلم بدوره يقود إلى التفكير في الجانب الروحي وفي ما وراء المادة من اجل فهم الكون بالمعني الكلي …وتطرح الأسئلة المنطقية والفلسفية والتي قد تؤسس إلى الوصول إلى حالة اعتقاد إيماني أو ديني أو لا ، بينما الدين يبدأ من خلال التسليم بالتفسير الديني والاعتقاد به كحقيقة مطلقة ، مع العلم أن الانقسامات الدينية قد جعلت هذا “التسليم أو الاعتقاد ” يسلك طريقا سياسيا بعيدا عن الجوهر الديني الذي يتم تبنيه.
في النهاية لا بد من تحرير العقل العربي ، من خلال إعادة قراءة وتقيم، ليس من أجل الغوص في النفق التاريخي وإنما من أجل التفرغ لبناء المستقبل ، أما الحريات الدينية فهي حريات شخصية لا يمكن أن تفرض وإنما يمكن احترامها عندما لا تكون أداة لتقييد الآخرين …أما النمط الأخلاقي فيجب أن ينطلق من بديهية أن كل إنسان هو نظير وظل …
هل نحن قادرين …بالطبع ، رغم أن تلك المجموعات التي تروج للوعي السائد ، سوف تحارب هذا النمط من التفكير بكل ما لديها من أدوات ..