اعداد : د. سمير ميخائيل نصير
*- أسطورة الياسمين, أسطورة رمزية جميلة, تخبرنا بأن من ينحني يسهل تغييره… وتلوينه… ومن يبقى شامخاً ولا ينحني… يعانقه البياض دائما وأبدا… لذلك لم تكن صدفة…, أن إقترنت زهرة الياسمين بدمشق والشام… لأنه هكذا كانت… وهكذا ستبقى دمشق الى الأبد… شامخة في العلياء لا تتلون ولا تنحني لأحد.
*- تقول الاسطورة :
– افترق حبيبان يعيشان على كوكب آخر.
– تركت له الكوكب لتهيم بحزنها بين الكواكب … باحثة عن كوكب آخر… لتقيم فيه… بعيدة عنه.
– تبعها الحبيب من كوكب لآخر… باحثا عنها… وكان كلما وصل الى كوكب… تكون قد غادرته.
– وصلت الى كوكب الأرض… انبهرت بينابيعه بأنهاره… بغطائه الأخضر الذي يفترش كل مكان…
– لحظتها… أحست بشوق جارف الى الحبيب… فهامت على وجهها وهي تبكي…… وفي مكان كل دمعة سقطت… كانت تنبت زهرة بيضاء بشكل وحجم مختلف… حتى شكلت الأزهار المتعددة الأشكال… دربا أبيض.
– وصل الحبيب الى كوكب الأرض… رأى الدرب الأبيض المزهر… غمره الشعور بأن الحبيبة لا زالت في هذا الكوكب ولم تغادره.
– سار على درب الزهور… وكان كلما لمس زهرة منها.. تميل لتنحني وتتلون…
– فجأة… زهرة واحدة… صغيرة…. ناعمة… عطرة… أبت أن تميل… وأن تنحني… وأن تتلون…
– رفع رأسه… فلمح حبيبته واقفة في ظل شجرة وارفة …
-كان اللقاء… وكان العناق… وكانت هذه الزهرة هي “الياسمينة البيضاء”.
*- لمحة عن شجيرة الياسمين :
– حملت شجيرة الياسمين قيمة خاصة لدى جميع السوريين.
– انتشرت في حدائق مدنهم وقراهم… وتدلت من شرفات منازلهم… وافترشت جدران بيوتهم القديمة… لتتحول إلى رمز ارتبط بتاريخ الشام… فحملته دمشق ليعطيها لقبا آخر من القابها الخالدة : “مدينة الياسمين”.
– تنتمي الشجيرة مع عدة أنواع منها وعددها /200/, بما فيها الفل, إلى جنس الياسمين Jasminum Sp. ولها صلة قرابة في التطور والشكل مع شجرة الزيتون لتنضم معها ومع الزيزفون والليلك وأجناس أخرى الى الفصيلة الزيتونية Oleacea Fam. .
– اسمها الدارج مشتق من لفظة “اسمين” الفرعونية، حيث حرف الاسم إلى الياسمين، وقد زخرفت أزهارها رؤوس وأعناق بعض الملوك والملكات الفراعنة. ويعتقد أيضا أن أصل اسمها سرياني. أما اسمها باللغة العربية الفصحى فهو “سمسق”!!!!.
– ذكر أبو البقاء عبد الله البدري وهو عالم من القرن 9 الهجري، في كتابه “نزهة الأنام في محاسن الشام”، أن من محاسن الشام (الحواكير) هي الحدائق في سفح جبل قاسيون التي زُرعت بالرياحين والياسمين والأزهار المتنوعة ليحمل منها النسيم العابر طيب الريح، ويسري به إلى أماكن أخرى من المدينة”.
– قال محمود درويش : “في الشام، أعرف من أنا وسط الزحام، يدلّني قمر تلألأ في يد امرأة عليّ، يدلّني حجر توضأ في دموع الياسمينة ثم نام”.
– أجمل ما قال فيها نزار قباني : “لا أستطيع أن أكتب عن دمشق دون أن يعرش الياسمين على أصابعي”. وكتب في وصيته : “انني أرغب في أن ينقل جثماني بعد وفاتي إلى دمشق ويدفن فيها في مقبرة الأهل لأن دمشق هي الرحم الذي علمني الشعر وعلمني الإبداع وأهداني أبجدية الياسمين”.
– أخيرا… كشف باحثون ألمان و خبراء في جامعة ويلينغ جيسويت بغرب فيرجينيا أن إستنشاق رائحة الياسمين قد يكون له نفس أثر تناول الحبوب المنومة أو الفاليوم في تهدئة الأعصاب والمساعدة على النوم بشكل مريح, ولها نفس قوة تأثير المهدئات والأدوية التي تحتوي على البروبوفول التي يصفها الأطباء، فهو يخفف الاحساس بالقلق ويهيئ الشخص للنوم.