(ضاعَ من صوتي صداه
و روحي في مهبِّ البردِ
تستجدي دفئاً وفيضَ حنان.)
قراءة النص : خلف عامر
أقف أمام نص للأديبة أميمة إبراهيم ، بسيط في كلماته، كبير في مآلاته، إشكالي في تكوينه، أخذ صفتي المفرد والجمع، ونطق بصوت الجموع التائهة المقهورة، بدلالة هجر الصدى للصوت حيث قالت:” ضاع صوتي من
صداه”،
وهنا ردني صوت النص إلى”معجم المعاني الجامع، حيث ورد فيه أن صوَّت الشَّخصُ وغيرُه: صات ، صاح بصوت حادّ ، أحدث صَوْتًا قويًّا”، وهنا كان الصوت أكبر من احتمال الناطق بالنيابة عن الجموع الحالمة التي تئن في ذات المكان، والصوت هنا مصدره ناتج إما عن ضغط حنين، أو وجع كبير، وهنا يتوجب “دراسة الصّوت من حيث حدوثه وانتقاله وانعكاسه وانكساره وتداخله وقياسه”.
لم يخرج صوت النص هنا من فراغ، بل من وجع ضياع لم يحتمل فضاع الصوت والصدى في آن واحد، ليتحول الآدمي كتلة ملتهبة من القهر، وصوّر النص اغتراب الروح كورقة تتقاذها: “وروحي في مهب البرد”، باتت بانكساراتها تستجدي بقايا دفء وفيض حنان في زمن عسكرت الزمهرير في الروح.
نص ناطق بوجع خاص وعام في آن واحد، نص كمقطوعة موسيقية أو لوحة تشكيلية، عابر للمكان ويلامس الغالبية لا يحتاج لترجمان.
وفي نص آخر تبقى في نفس السياق، وكأنها تشير للمكان الذي صار أقسى من القبر، مفارقة مدهشة تأخذنا مكرهين لدروب الاغتراب الباردة..
قلق وخوف وكوابيس أحلام:
“نامتْ يقظتي
توسّدَتْ حجراً”.