على هامش قصيدة: ((متعبٌ بعروبتي))
البدرُ من فُتِحَتْ لهُ الأبوابُ
في حيّنا.. أم طائرٌ جوّابُ..؟
سرقتْ جميلاتُ المدائنِ قلبَهُ
و أرينَهُ المسكينَ كيفَ يُذابُ
فهو المسافرُ دائماً..و جديدُهُ
سفرٌ و أمّا حظُّه..فإيابُ
أم شاعرٌ لمّا استبدَ به الهوى
جعلَ القريضَ جداولاً تنسابُ؟
فهي التي أمستْ هنا.. رقراقةً
وهناكَ..غنَّتْ حولَها الأعنابُ
يا سائلاً عن سرِّ ما جاهَدْتُ أن
يبديهِ منّي بالسؤالِ…جوابُ
فوجدتُني.. متحيِّراً في وصفهِ
من فَرْطِ ما أعيا بهِ الإعجابُ
سَلْ ما تشاءُ..ولا تسلْ عن حَيْرَتي
فلها.. كما لهزائمي.. أسبابُ
و انظرْ..فللبدرِ المنيرِ حضورُهُ
عند التّمامِ…و بعدَ ذاكَ غيابُ
فكذلكَ اللقيا.. إذا ابتدتِ انتَهتْ
صورٌ… و أبقتْ ذكرَها الأحقابُ
يا لائمي… ماذا أسوق إليكَ من
شعري… و فيضُ قريحتي هيّابُ..؟
أأقولُ مرحى بالحبيبِ.. وخشيتي…
أن لا يفي.. بمقامِكَ الترحابُ… ؟
لا أدَّعي أنّي لشعري… مخلصٌ
حتى تثورَ… بوخزهِ الأعصابُ
دعني أقولُ نزلتَ أهلاً عندنا
و وطِئتَ سهلاً… أيّها الزريابُ!!
أنا متعبٌ… يا سيّدي.. و قضيتي
هي غربةٌ… و تعثّرٌ… و عذابُ
مذ جِِئتُ أحملُ في فمي.. أُنشودةً
لحبيبةٍ… في صدقِها.. أرتابُ..!!
و أنا وراء الشّعرِ…من وادٍ إلى
وادٍ…أهيمُ… كأنّني حطّابُ
ما الشّعرُ..؟ لا شعراءُ هذا العصرِ قد
شادوا به مُلْكاً… و لا الكتّابُ
تَعِبَ المِدادُ من الحروفِ..يَضُمُّها
ضمّاً..و يأبى شرحَها الإسهابُ
ما اضيقَ الكلماتُ حينَ نخونُها
و أشدَّ… تصفيقاً لها الكذّابُ
فهي الحريرُ تُرى… على أفواهِنا
فإذا انتهتْ… فحريرُها أنيابُ
وطني..!! أنا الظّمآنُ فيكِ..وكلُّ ما
حولي… مياهٌ عذبةٌ… و شرابُ
أو ليس لي في المجدِ حقٌّ؟أم تُرى
بيني… و بينَ المجدِ..قامَ حِجابُ؟!
أأظلُ أذهبُ..أو أجيءُ..كأنّما
جَدْواكَ منّي… جيئةٌ..و ذهابُ
جُرحانِ فيكَ… نسيتُ جُرحي فيهما
حَسَدُ الذي يأتيكَ… و الإرهابُ!!
مالي سوى الأتعابِ أحملُها معي
أو عنْكَ… تُغني هذهِ الأتعابُ
أودَعْتُكَ الأحلامَ..و هي صغيرةً
و اليومَ شاختْ… و هيَ بعدُ شبابُ
ما أصْعبَ الحِرْمانَ..إذ جرَّبْتُهُ
و الكلُّ في طلبِ الثّراءِ..ذِئابُ
لم يبق إلاّ أن نصيرَ عبيدَهم
و هم الذين لنا فقط أربابُ
قيلَ السّلامُ سفينةٌ… حتى إذا
ركبَ الجميعُ… تخاصمَ الرّكّابُ
ليس السّلامُ خرافةً..مما روتْ
جدّاتُنا… أو روّجَ الأصحابُ
أو ما إليهِ دعا المعَريْ مذهباً
في الشّعرِ… أو نادى بهِ السّيّابُ
أو ما تحيكُ له اليهودُ..عباءَةً
شَوْهاءَ… أو ما قالتِ الأعْرابُ
لكنّهُ الحبُّ الذي في حِزْبِهِ
ما ضرّها… لو ذابتْ الأحزابُ..؟
وطني أنا حبٌّ… و حبّي ها هُنا
قُبَلٌ وصالٌ… هَمْسَةٌ و عتابُ
نحنُ المحبّونَ الذينَ أدانهم
في وصلِهِ المُحتالُ.. والنّصّابُ
ضاقتْ بنا الآفاقُ..حتى لم نعدْ
ندري.. أأهلٌ نحنُ..أم أغرابُ..؟!
ودّتْ خفافيشُ الدُّجى لو طَيرُنا
قامتْ مقامَ رؤوسها.. الأذنابُ
فإذا بها لا تستطيعُ..!ويا لها
من قطرةٍ… فاضتْ بها الأكوابُ
لو هذه الشّكوى ستكفي.. لانطوى
فيها على قصصِ الدّموعِ كتابُ
وطني أنا حبٌّ..و حبّي ها هنا
وطنٌ… و فيهِ جميعُنا أحبابُ
شعر د.عبدالسلام محاميد
***************