د . م . عبد الله أحمد
قد يكون من المفيد والمثير في آن، أن نشهد أزمات وجودية وننجو، والنجاة قد لا تكون جسدية فقط وإنما فكرية ومعرفية ، وفي الوقت نفسه إنها فرصة للتفكير مليأً من خلال الابحار على التخوم ، اي على الحدود الفاصلة بين التفكير العاقل وبين الاساطير والبدع الموجهه أيضاً …
وهنا نسأل كيف يمكن للمرء أن ينجو بينما يغرق العالم في الظلام؟ هل بالعلم والمعرفة ، أما بالاساطير والبدع ؟ في الواقع من الصعب على البعض فهم الفواصل بين هذا وذاك …فالبدع والاساطير نوع من العلم يبث بطريقة مثيرة لتحفيز العقل تارة ولاغتصابه تارة أخرى ، والعلم بحد ذاته ليس كيان مستقل له عنوان محدد يمكن اللجوء اليه لتفسير كل شيء بل انه منهج وطريقة تفكير تراكم المعرفة عن طريق التجربة والاختبار ، لذلك فهو يتطور بتطور الوعي وبتطور المحاكمة العقلية والتجربة والامكانيات ولكن ضمن حدود – فالمطلق مازال غير متاح ، ومازالت البشرية في المهد فيما يتعلق بالعلم (بما تم تجريبه بالمنهج العلمي ) …
عموماً ، من المهم أن تساعد الازمات على التفكير والابتكار والوصول الى حلول ، ولكن ما نراه الان من خلال أزمة كورونا يجعلنا نعيد التفكير في مسلمات تم تلقينها لنا عبر العصور تحت قناع العلم …ومنها :
1- نظرية الارتقاء والتطور (الاصطفاء الطبيعي ) التي نسبت لداروين ، وهي فكرة سخيفة. حيث أن أول من تحدث عنها جدّه، إيراسموس داروين من جمعية القمر، في كتابه Zoonomia في عام 1794 ، ومن ثم روج لها تشارلز إينجلز لتبرر الابادة البشرية (جمعيات الاخوة)، وما نراه الان يدل على أن مستوى التفكير ينحدر حيث يسود منهج القطيع (بكل الاحوال لا يمكن اثبات هذه النظرية علميا ، فالمادة بكل تجلياتها ليست الا شكل واحد من الصورة …والمادة – تشكلت من الطاقة ..والدافع لبرنامج الحياة يقع في بعد اخر )
2- من جهة أخرى العلم لا يفسر نشوء الكون والحياة ( نشوء الحياة بحد ذاته خارق لقوانين الترموديناميك ذاته – كليوسوف أب ومؤسس علم جينولوجيا ال DNA) ، كما أن نظرية الانفجار العظيم لا تفسر نشوء الكون كذلك (نظرية سخيفية ) لانها تفترض وجود مادة هائلة الكثافة وفراغ من أجل جعل الانفجار ممكن …وهذا مناقض للمنطق لان وجود شيء يعني وجود كل شيء .
ولكن لماذا كل هذه النظريات التي لا تقدم و لا تؤخر ؟ الهدف واضح لمن يريد التفكير والتعمق …اغتصاب العقل والقول أن المادة هي أصل كل شيء من أجل تبرير كل السياسات والقتل وسجن العقل في متاهة المادة والغريزة والجشع …وتبرير قتل الفقراء …وهذا ما سعت اليه (جمعيات الاخوة الماسونية عبر التاريخ ) …
ولكن ماذا عن الدين ؟ لا تختلف المقاربة كثيرا عما سبق .- في الاصل يفترض في الدين وفي الاسئلة الوجودية الفلسفية أن تنُمي الجانب الاخلاقي والروحي وأن ينحاز الى العقل ، الى الروح الى الانسانية (انحياز الى الطبيعة ضد القسر ) وليس أن يصبح “كما هو الحال في الاديان السائدة ” وسيلة للمذهب المادي السائد ، وأن يساهم كما هو الحال الان في اغتصاب العقل ايضاً
في هذه المرحلة ، لا بد من ايقاظ العقل ، وترميم البني المعرفية ، فالعلم هو الطريق (أي المنهج العلمي الشامل ) والذي يشمل ليس فقط الجانب المادي الحصري والاتجاه القسري ، وإنما البعد الروحي والكوني ، فالابعاد الاخرى جزء اساسيا من العلم ، والطاقة الكونية الكفيلة بتوفير الرخاء للبشرية هي جزء أساسي كذلك …والباراسيكالوجيا …وعلم الكارما …وعلوم الطاقة القابلة للقياس وغير الفابلة للقياس جزء أساسي أيضاً- بينما الموسيقى الكلية هي الوسيلة ..
إن أخطر ما يحدث الان من خلال أزمة كورونا المصطنعة ، هو تسطيح التفكير ، واغتصاب العقل مجددا بهدف القضاء على الفقراء في هذا العالم ….الفيسبوك والرسائل الاعلامية من الوسائل المستخدمة ،كونها ادوات لجمعيات الاخوة ، و لا يمكن استثناء منظمة الصحة العالمية ، أنت مضطر في الفيسبوك ان تسمع الجهلة يتحدثون ..” الفيروس ليس فيروس وانما غاز – الهزة الارضية ليست هزة وانما ردة فعل اهتزازي نتيجة تدمير بارجة بصاروخ ، الفيروس ارسله الله لكي يعتبر الانسان …الخ ” البعض لا يفرق بين البيولوجيا والكيماء ، والاخر لا يعرف شيء على قوانين الطبيعة والفعل وردة الفعل ….والثالث يفترض أن الله يحارب الانسان…وحدث ولا حرج عن التحليلات الاقتصادية و انهيار الدول وغيره …” أي غباء وتسطيح للعقل هذا ..في هذا الزمن …اصبح للجهلة منبر للاسف.
بكل الاحوال ، الطاقة والموارد في هذه الكون تكفي الجميع ، والمواجهة الحقيقة يجب ان تكون ضد الطغمة المالية الدولية المهيمنة اولا وأخير ، وعندها فقط يستيقظ العقل البشري الجمعي ….
أن ما يميز الانسان عن غيره ..هو عقله، والعقل للاستخدام وليس للدفن .