( مهرجان تراثي في قسمين وبلدية عين البيضا.. 23-9-2023)
بالتعاون مابين السياحة وثقافي اللاذقية
كل ما حولنا زائل ولا يبقى إلا وجه الله والجمال
على متن السياحة صعدنا لتنطلق بنا الحافلة إلى مشارف الخلد وها نحن هنا قد وصلنا وقد قسم الجمال في قسمين إلى قسمين .. قسم يطل على جنان السد وقسم يستعيد الإرث والتراث الشعبي القريب فوق تلال الورد وفوق تلال الورد عقدت أهازيج الفرح والأشعار في قلوب العاشقين والزوار فوق تلال الورد امتدت الطاولات وحفلت بمنتجات يدوية تعكس ذاك الإصرار وتلك الأناة المعجونة بروح البساطة في نفوس لازالت تحيك وتحكي إرث أجدادها تنتجه وتصدره بأبهى حلة .. مجسمات ..سلاسل .. ودمى .. بسط .. حصائر .. عطور .. وفطائر شهية على التنور وعلى ضفاف الوادي شباب يرسمون على أنغام المخيلة وزقزفة العصفور ..
قضينا برهة من الزمن في هذا المكان ثم مشينا على ضفاف الوادي مابين التين والرمان إلى أن وصلنا الحافلة المنتظرة بأمان وانطلقت بنا نحو بلدية عين البيضا ومركز الثقافة فيها وقد نبض بحكايا بالتراث بكل ما فيهوما عليه
في الخارج أمام المدخل يستقبلك صديق بسيط طالما ظلمناه رغم صبره على الحياة وعلينا رغم تحمله واحتماله ورغم كل خدماته رغم النير المعلق والرحى رغم دورانه الذي لا ينتهي ودوران الباطوس معه فوق القمح المقشر أو فوق تلال الزيتون رغم كل ما قدمه لنا من خدمات
وأنا أراقبه صرت أفكر وأقول لنفسي : تفرض إنسانيتنا أن ننصف صديقنا الحمار فهو أذكى مما نعتقد وعلينا أن نصحح كل المتوارث حوله من أفكار .. هو رمز للكفاح للصبر للشقاء ل…… أفلا يكفي هذا … لنتوقف عن ظلم أنفسنا
في بهو المركز إلى اليسار تصطف مطربانات العسل الدواء بأشكاله وأنواعه المختلفة إلى جوار كل ما يتعلق بذاك المنتج و لك أن تذوق وتدعو باليسر لصاحب تلك المملكة وذلك القصر
في الوسط عامل وفنان تطبيقي ماهر امتلك الخبرة عبر التكرار وصار يصنع مجسمات لعربات وجرارات على مرأى الزوار لم يسمح الازدحام والوقت بالوقوف عنده طويلا
فتوجهت إلى اليمين حيث متحف برهان حيدر صديقنا العاشق للتراث الشعبي والذي رهن حياته لجمع وتجميع كل ما حصله سعيه الحثيث ليشعل بداخلنا الحنين لبساطة حياة الآباء والأجداد وليخلد تلك المرحلة الزمنية من خلال بعض أدواتها الحاضرة في ذاكرة من عاصروها
وال موزعة هنا في عدة غرف وصالات غرفة خاصة
( للأزياء الشعبية العقالات الشراويل وفساتين الأعراس ودمى العرائس وعروس المطر والشالات وأسرة الأطفال وألعابهم غيرها وأخرى غنية بالمجسمات الصغيرة للتنور للرحى للنواعير للطواحين لعربات وزحافات ولكافة الأدوات ..خزانة زجاجية تضم كل أشكال العملة الورقية والمعدنية والطوابع قديمها وحديثها … قبعات وسلال قش بأشكال مختلفة أجهزة قديمة تلفاز مذياع ماكنات وآلات للخياطة للطباعة معاول مناجل قناديل مصابيح فخاريات وووووووووووووو……)
أمام ذاك الكم المتنوع الحاضر كإرث شعبي ترفع القبعات لصاحب ذاك النفس الطويل في البحث والاستقصاء ولشخصه الجميل البسيط والطيب والتلقائي والمرتبط بالتراث في إشارة لمدى تعلقه وحنينه لذكريات الماضي
وعلى الجانب الآخر لن أفوت الإشارة لما يمكن أن يجعل المكان أكثر جدية وأهمية … وأقول هنا أن الباحث التراثي برهان حيدر أتم مهتمه التي تحولت لشغف وهواية عبر جمع وتكديس واقتناء … ولكن المهمة الأكثر حساسية هي في كيفية عرض تلك الموجودات القيمة على ندرتها ويتحقق هذا من خلال رؤية شمولية وعين هندسية تحسن استغلال المكان بالإضافة وكادر عمل ضخم آخرين .. واعتقد أن العائق المادي ربما حال دون تحقيق المراد
ويبقى المأخذ كان في رتابة العرض وازدحام مفرداته المتشابهة ولهذا أثره السلبي فقيمة كل غرض من تلك الأغراض تتحقق في مكانها الصحيح وإلى جوار ما يخدمها وظيفيا وجماليا لذلك أجد أن الاختصار والاختيار ضروري هنا وكذلك الإخراج الكلي الذي يبتعد عن الرتابة ويمتاز بتنوع أساليب العرض ضمن ذاك المتحف الصغير والكبير
لايسعني سوى التقدير والاحترام لذاك الجهد الكبير الذي قدمه الباحث التراثي برهان حيدر و طالما رغبت بزيارة متحفه الذي كان ولايزال حديث المهتمين
أما المحطة الأخيرة فكانت احتفالية لفرقة معهد العجان ضمن مدرج الثقافة في عين البيضا شباب تتراوح أعمارهم بين الثالثة والسادسة عشر وصوت ملائكي ووو
لم يبقى سوى أن نتقدم بالشكر ،لمديرية الثقافة في اللاذقية ممثلة بالأستاذ مجد صارم ومديرية السياحة بالاستاذ فادي نظام وسمعتهما العطرة تسبقهما لكل مكان
واتقدم بالشكر للباحث التراثي الجميل حيدر نعيسة المشارك تنظيمياً بهذا المهرجان و قد توجه بالسؤال عن رأينا بالمهرجان وعن إيجابياته وسلبياته
وكان جوابي المسؤول هو الشكر على ذاك التنظيم للمهرجان وأنا مدرك لمدى الصعوبات التي واجهت وتواجه المنظمين ولكن أمام هذا الجمال الساحر على ضفاف السد والذي أكاد أجزم بأنه من أجمل المناطق السياحية في سوريا … كنت أتمنى كسر ذاك التقليد المتبع والتوجه عبر المايك لجميع الزائرين وليس للمسؤول الذي افتتح المهرجان فقط بحيث يكون لكل جناح متحدث لبق سواء أمام المشغولات اليدوية أو المعرض التشكيلي أو ملتقى الشباب فليست الغاية تسجيل نشاط فقط الغاية نشر ثقافة حقيقية عبر اللون والكلمة لنرقى بذائقة المتلقي والمهتمين …وذاك المكان يستحق منا تخليده وتخليد ذكرى فيه من خلال مشاركات مميزة ومتنوعة ومنظمة لكافة الشرائح من موسيقيين ومسرحيين ومحاضرين وفنانين وأدباء شباب ومخضرمين ولكم كل المحبة مني ومن جميع الطيبين