عالم مضطرب، والكل مشتبك، حروب عسكرية، وحروب اقتصادية، للخروج من القطبية الواحدة إلى التعدد القطبي.
فيض القوة لدى أمريكا، واستخفافها بالبنية الدولية، دفعت الصين وروسيا، للتحالف ضد أمريكا وقطبها.
لأول مرة ينقسم العالم كله إلى معسكرين، وستــــــــــــــعلن شعوب الجنوب، انضمامها إلى معسكر الصين وروسيا.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قال المناضل البريطاني (جورج كلوي)، في خطاب له، لقد جهدت أمريكا دائماً، في زمن الرئيس الأمريكي (نكسن) ووزير خارجيته، ثعلب السياسة الأمريكية (كيسنجر)، ومن جاء بعدهما، على توسعة شقة الخلاف، بين روسيا والصين، ونجحا في ذلك، حتى باتت مواقف الصين رمادية، وأقرب للحياد، من جميع الصراعات الدولية.
حتى شنت أمريكا وقطبها، وعملائها، حربها على سورية، بهدف تدميرها، وتمزيقها، والسيطرة على شرقي البحر الأبيض المتوسط بكامله، مما دفع روسيا للتدخل عسكرياً في الحرب لصالح الدولة السورية، كما استخدمت الصين (الفيتو) لأكثر من مرة إلى جانب روسيا، في مجلس الأمن لصالح الدولة السورية، إدراكاً منهما لموقع سورية الجو سياسي، الذي يتقاطع مع مصلحة الدولتين المستقبلي، ولأن البحر الأبيض المتوسط، هو شريان الحياة الذي يربطهما بالعالم الخارجي، ويخرجهما من محيطهما الإقليمي، إلى العالمية.
لذلك كان تلاقي الدولتين على الأرض السورية، هو من وضع حجر الأساس، للتحالف الجدي بين الصين وروسيا، وإرساء قواعد القطب الشرقي الواعد، وهذه كانت الخطيئة الاستراتيجية الكبرى، التي وقع فيها النظام الأمريكي، حيث دفع الدولتين للتلاقي في معسكر واحد، دفاعاً عن مصالحهما المشتركة، بعد أن كان كيسنجر قد حقق انتصارات محسوبة له، في توسعة شقة الخلاف بين الدولتين الكبيرتين.
ثم جاءت الحرب الأوكرانية، التي دفعت أمريكا روسيا دفعاً لشن حربها على أوكرانيا، لاعتمادها سبباً لإعادة الحياة إلى حلف الناتو، الذي كان يمر بحالة موت سريري، وزج أوروبا في حرب ضد روسيا، الشريك الاقتصادي الأول لها، وفي نفس الوقت، راحت أمريكا تستفز الصين، في بحر الصين، وفي دعمها لتايوان، وتقيم الأحلاف المعادية للصين، وهذا ما جعل التحالف الروسي الصيني ضد القطب الغربي، ضرورة.
وبذلك تكون السياسة الأمريكية الخرقاء، التي انطلقت من مواقع الإحساس بفيض في القوة، إلى ارتكاب هذا الخطأ التاريخي، الثلاثي الأبعاد، بشنها الحرب على سورية، التي تشكل بعداً استراتيجياً للدولتين الصين وروسيا، وإشعالها الحرب في أوكرانيا، والعمل على استفزاز الصين، هذه السياسة بسقطاتها الثلاثة، خلقت جميع المناخات لولادة القطب الشرقي المنافس.
بذلك تكون أمريكا هي من دفعت شعوب العالم الثالث، التي عانت ولا تزال تعاني من الاستعباد الغربي، أن تجد في ولادة القطب الشرقي، الذي أعلن وقوفه ضد القطب الغربي، أملاً، ومتنفساً، لإعلان بعض الدول انحيازها المطلق للقطب الشرقي، كإفريقيا الجنوبية، وإيران، وسورية، والبعض الآخر لا يزال ينتظر نتائج الحروب، ومواقع التصادم بين القطبين، بعدها سيعلن موقفه الصريح لجانب القطب الشرقي.
ويجب أن نعتبر أن الحروب في الشرق العربي، وآخرها الحرب الفلسطينية ضد الكيان، ليست إلا جزءاً من عملية المخاض الدولية، لبلورة القطب الشرقي الواعد.