Abdul-fattah Abdul-fattah
يا مَنْ أطالَ وقوفَهُ في خاطِري
وببالهِ أنا محــضُ طيـــفٍ عابرِ
باب المــودّةِ مــــا يزالُ موارباً
فمتى سيُشْرَعُ للعميـــدِ الصابرِ
بصفيفِ أحلامي أطيرُ مكابراً
وتدفُّ يقظاناً إليـكَ مشاعــري
حتى إذا سَمِــعَ الفــؤادُ نداءَها
غنّى فأطربَ بالوعودِ قياثري
قدرٌبأنْ أهواكَ من دون الورى
وبحكمةِ الأقــدارِ تبقـى آسري
النوءُ أنتَ وقاربي لا يرعوي
وبمقلتيك شواطئي وجزائري
فمتى يكـونُ العاشـقون بمأمنٍ
من ليثِ وجدٍ في الأضالعِ زائرِ
وبكلِّ سانحةٍ بأحــــلامِ الكرى
طيفٌ يُذكّرُهمْ بجـُــــرحٍ غائرِ
ألقيتَ في روعي سرابَ محبةٍ
نهراً لصادٍ في المفــازةِ سائرِ
حتى إذاجمحَ الخيـالُ تجمّعَتْ
خيلُ اليراعِ على بياضِ دفاتري
الصدرُ ساحتُها وفارسُها الأسَى
وصهيلُها يُغري نزيفَ محابري
فإذا الطروسُ حدائــقٌ أنِقَتْ بها
أرضُ الكلامِ بكلُّ حـرفٍ عاطرِ
أستافُ منها ما أشـاءُ وأشتهي
وأدسُّ آهــاتي بجمرِ مباخري
لو أنّ حَقلَ الحلمِ يمكــنُ جَنيُهُ
لَملأتُ منهُ صوامعي وبيادري
لكنه حلمٌ وأحــــــــلامُ الكرى
مثلُ السرابِ على صعيدٍ قافِرِ
قد كنتُ قبلكَ لا أُضارُ ولا أرى
بأساً وأنتَ الآن وحدَكِ ضائري
صِلْني ولوطيفاً بليــــلِ متاهتي
فأعدَّهُ وصلاً وأطلـــقُ طائري
فلعلّ وَصــلَكَ قارباً أنجـو بهِ
من بحرِ شوقٍ بالصبابةِ ساجرِ
إن الفؤادَ من النــــوى بمكانةٍ
مثلُ الجزورِعلى أداةِ الجازرِ
لولا خيالُك في المنامِ أصابني
من دونِ شـــكٍّ مَسُّ جِنٍّ ماكرِ
مَنّيتُ نفسيَ أن يجـيءَ مُبشّراً
لكنّهُ يأتي بوجـــــــــــهٍ باسرِ
يأتي فتحــــرقُ يابسي نيرانُهُ
وتجذُّ أزهاري وتُذبِلُ ناضري
ويقلّبُ الجمَراتِ من ماضٍ ذوى
ليُزيدَ بالماضي مواجعَ حاضري
وذكرتُ قبل الهجرِ أياماً مضَتْ
إذ كنتُ غَيْراناً أعاتِبُ ناظري
عينانِ ناعستانِ أشـرقَ منهما
قمرٌ تمامٌ وَسـْــــطَ ليلٍ ساحرِ
طال الوقوف على شفيرِ رجائها
روحي فليتَ لها جنــاحيْ طائرِ
لتطيرَ حتى لو تزاحــــم فوقها
نسرٌ حـــديدُ العينِ صَلدُ الناسـرِ
قَصُرَتْ خطاي وأمعنوا بغيابهم
فبقيتُ فـــرداً أســتعيذُ بهاجري
الدربُ وحشٌ والحنينُ مخالبٌ
والوجدُ أنيـــابُ الفراقِ الكاسرِ
وتقطعتْ سُبُلُ النجاة من الهوى
فنظرتُ نظرةَ مسـتغيثٍ حائرِ
ورأيتُ في أيكِ الفـؤادِ حمامةً
حَطّتْ على بعضي فأغْرِمَ سائري
فعلمتُ أنّ هواكَ جــــارٍ نهــرُهُ
والروحُ عطشى من زمانٍ غابرِ
يامن مكثتِ بخاطــري وملكتِه
لا أدّعي أني عليـــــــكِ بقــادرِ
إن الهوى قدرٌ محــــــــــالٌ ردُّهُ
أفلا يكون السـهمُ رهنَ الواترِ
لا درَّ للأيـــــــــــــــــــــــامِ درٌّ إنها
كقطيعِ سِـــيدٍ حولَ قلبيَ دائرِ
أنا كلما أصبو إلى نيل المنى
يُمنى الفؤادُ بيــــومِ حظٍّ عاثرِ
لا يملك العشّاقِ أمــرَ قلوبِهم
إن الذي يهوى قليـلُ الناصرِ
فإذا أتاك أطــــعْهُ دونَ ترددٍ
لانفعَ في حذرٍ ولا في حاذرِ
ودع القلوب على سجيّةِ خلقها
لستَ ابنَ عِمْرانٍ ولستُ السامري
أمسكتُ في عينيَّ غيمةَ أدمعٍ
ورأيتُ أن بكاءَ روحي عاذري