امريكا دولة تحمل رخــــصة لــــصيد البشر ، أليس للبشر حـق انتزاع هذه الرخصة ؟
جاءت أمريكا إلى سورية ، لاستكمال السيطرة ، ففوجئت بالمواجهة ، المهددة لقطبيتها
فتحـولت حربها على سورية ، الى حـرب لانتـزاع تلك الرخـصة ، ومبشرة بعالم جديد
المحامي محمد محسن
لا يجادل أحد حتى حلفاء أمريكا ، وعملائها ، في أن أمريكا تمر في أزمة بنيوية ، وما اختيار ترامب إلا الدليل القاطع على ذلك ، فهو لم يأت من الندوة السياسية ، بل تسلل من الوسط التجاري ، لذلك يتعامل مع السياسة الدولية ـــ الداخلية ، من مواقع التاجر الوقح .
الذي لا يقيم وزناً لعلاقاته مع الدول الصديقة ، فكيف بالمعادية ؟، إلا من خلال ربحه الاقتصادي ، حتى أنه تفلت من جميع المعاهدات الدولية ، بما فيها الاتفاقية النووية مع ايران ، والاتفاقيات العسكرية مع روسيا ، أما الهيئات والمنظمات الدولية فلا تعنيه في شيء .
هذا الاستخفاف ينم عن خلل في توازنه السياسي ـــ الاجتماعي ، الذي يعبر عن واقعه النفسي المضطرب ، وعن واقع بنية مجتمعه ، الذي أوصله إلى البيت الأبيض ، والذي انعكس على علاقاته مع مؤسسات الدولة الأمريكية العميقة ، بسبب مواقفه الارتجالية ، المتسرعة ، وشبيهه ( بمبيو ) وزير خارجيته .
ولما كانت أمريكا قد تحولت من دولة للمجتمع الأمريكي ، إلى ( دولة الشركات الاحتكارية ) ، الذي يمكن اعتبارها نقلة نوعية سلبية في التشكيلة الرأسمالية العالمية ، والتي بات يطلق عليها ( دولة اللبرالية الجديدة ) .
هذه التشكيلة الامبريالية الجديدة ، نقلت الدولة الأمريكية من المجال الوطني ، إلى المجال الكوني المعولم ، لأن وظيفتها باتت حماية مصالح شركاتها العابرة للقارات ، التي تتناقض و( العالمية ) ذات النزعة الانسانية ، والتفاعل بين الحضارات والثقافات ، بما يخدم الانسانية .
بل تبنت ( العولمة ) وصراع الحضارات .
التي تتناقض مع ( العالمية ) والتي تهدف تكريس تفوق ( دولة الشركات الاحتكارية العابرة للقارات ) ، وفرض سيطرتها ، على كل دول العالم ، والتعامل معها كمستعمرات تابعة ، أو محميات بالأجرة ، أو مستعمرات حليفة كأوروبا .
أما الدول التي لا ترفع رايات الاستسلام ، والتبعية ، تنعت بالدول المارقة ، والدول المارقة لابد من تركيعها ، واخضاعها ، على غرار ما حدث في العراق ، وسورية ، وايران ، وكوريا الشمالية ، وكوبا .
دولة الشركات الاحتكارية هذه ( أمريكا ) ، لم تترك سلاحاً إلا واستخدمته في صيد البشر ، فعندما خسرت حروبها العسكرية ، من الفيتنام ، مروراً على افغانستان ، وصولاً إلى العراق فسورية .
بدأت تستخدم أسلحتها الاقتصادية ، كسلاح احتياطي ، إلى جانب الأسلحة العسكرية ومعها ، هدفها من لم يمت بالحرب ، أويركع ، يموت جوعاً .
وذلك من خلال سيطرتها على المؤسسات النقدية العالمية .
لأن الشركات الاحتكارية العابرة للقارات ، تتطلب السيطرة على الأسواق العالمية ، والتحكم في أسعار المواد والسلع .
فكانت أسلحتها الاقتصادية هي الأسلحة الاحتياطية الفعالة :
1 ـــ العملة الصعبة ( الدولار ) ، الذي لا يكلف امريكا غير الورق المطبوع عليه ، ومع ذلك يعتبر معياراً لقيمة أية سلعة في العالم .
2ـــ صندوق النقد الدولي ، والبنك الدولي ، التي تشترطان عند اقراضهما الدول الفقيرة ، خصخصة جميع القطاعات الاقتصادية ، وانهاء الدعم ، وتقليص دور الدولة إلى الحد الأدنى ، وفتح الأسواق ا ، غير القادرة على منافسة منتجات الشركات العبرة للقارات ، وهذا يعتبر شكلاً فاضحاً من أشكال الاستعمار .
هذه القطبية الأمريكية الواحدة ، فرضت سيطرتها على العالم ، وتفردت بالشؤون السياسية ـــ الاقتصادية العالمية ، بعد انهيار الاتحاد السوفييتي .
ومنذ أن تفردت بالقطبية الواحدة ، و ( استحوذت على رخصة بقتل البشر ) ، راحت تتنقل من حرب إلى حرب ، لتدمير البلدان ، وقتل للشعوب بعد تجويعها.
وإلى زعزعة الاستقرار السياسي ، في جميع القارات ، وخلق الصراعات بين الدول ، والصراعات البينية داخل المجتمع الواحد ، من خلال تفكيك البنى الفكرية ، والاجتماعية ,
هذه الرخصة المتوحشة ، ( رخصة قتل البشر، وتجويعهم ) ، أدت إلى خلل ، وعدم اتزان حضاري ـــ انساني .
[هذا الخلل وعدم التوازن السياسي ـــ الاقتصادي ـــ الاجتماعي على مستوى العالم ، أوصل البشرية إلى حالة من الاستعصاء ، كان لا بد وأن يُخلق دافعٌ لإعادة هذا التوازن المفقود .
[ فكانت المواجهة التاريخية ، على الميدان السوري ، بين الدولة القاتلة ، وكل حلفائها ، وتابعيها ، من جهة ، وبين قوى الـتغيير ، التي قالت لها :
لا لم تعد الحضارة الانسانية تتحمل وحشيتك ، التي تكاد تطيح بما أنتجته البشرية .
[ لذلك سيتحمل القطب المشرقي ، الجديد المواجه ، مسؤولية الانتقال ، إلى واقع حضاري انساني ، ( يجب ) أن يعيد التوازن ، إلى الانسان والطبيعة ]
،