لن نتكلم اليوم عن الثروات الطبيعية المنهوبة من قبل الارهاب والمدعوم من قوى الاحتلال أو عن الفاقد من ثرواتنا الطبيعية والمادية نتيجة سوء الاستغلال أو النهب ولكن سنتكلم عن ما يعد ثروة الامم والتي عن طريقها تنمو اليلدان وترتفع التنمية و تتضاعف الموارد وهي الثروة البشرية وطالما هناك دول لم تكن تملك موارد وثروات طبيعية و تجاوزت الندرة بفضل موارد بشرية كفوءة ماهرة ومن منا ينسى تجربة اليابان بعد الحرب العالمية او تجربة خروج ألمانيا من دمار كامل وحصار تام مفروض عليها بفضل التراكم المعرفي والتعليمي.. وكلنا يسمع في السنوات الأخيرة عن التجربة السنغافورية وكيف تحولت من جزيرة فقيرة معدمة لجنة تمتاز بأعلى الدخول على المستوى العالمي و بأعلى رفاهية عبر إدارة متكاملة اهتمت بالإنسان عبر الاهتمام المتزايد بالتعليم المجاني والصحة والسكن ومن منا ينسى التجربة الماليزية والتي صرح مسؤول فيها في السبعينات نتمنى ان نكون مثل سورية و التي ثابرت و لم تبخل بجهد لتكون مثالا يضرب به ونموذج يقتدى به وكل هذه الانجازات عبر الاهتمام بالموارد البشرية وتنشئتها وتنميتها وهذا لا يعني فقرنا بها أو عدم التفوق بإعدادها بفترات و كوننا نبعا لتصديرها لاغلب البلدان لتكون ركيزة للتنمية بمختلف بلدان العالم فهناك تطور شبه كلي لدول قام على الكوادر السورية والتي تتجاوز عشرات الآلاف بمختلف الإختصاصات وكلنا سمع بأعداد الكوادر الطبية والتي توفيت بسبب الكورونا بكل دول العالم والتي كانت الجيش الاول لمواجهة هذا الوفاء ونقف لهم بالاحترام والتقدير كما فقدناهم في بلدنا بأعداد كبيرة تشكل خسارة لا تقدر بثمن ولكن الواجب الإنساني والذي كنا ننساه بعد تحول المهن للدولرة بعيدا عن القيم الأخلاقية ليعود التصدي لهذا المرض ليعيد النظرة التقديرية لجزء كبير من هؤلاء المقاتلين بمهمة تشبه من يضحى بجسده ودمه دفاعا عن وطنه وما نعتب عليه هنا التجاهل الرسمي لهكذا تضحيات لا يمكن التقليل من حدوثها اسوة بدول العالم الأخرى والتي كانت الكوادر الطبية الضحية الأولى لهذا الوباء. وبالعودة لنزيف اهم الثروات كان من الاهداف الموضوعة للحرب الارهابية المتعددة الجوانب على بلدنا التخلص من العقول النيرة الوطنية البناءة عبر اساليب متعددة منها القتل والتصفية و التهجير والسرقة والقتل الاستراتيجي لها عبر تفريغ البلد من فئة الشباب و نجحوا بجزء مما خططوا له بهجرة الالاف من الكوادر المتنوعة ومن حملة الشهادات بكافة الاختصاصات ولتكون خسارة مضاعفة على بلدنا وعلى التنمية وإعادة البناء والإعمار فبعيدا عما كلفته من اموال للإعداد والتأهيل فندرة الكوادر طول الفترة اللازمة للتجديد تضاعف من خسارتها لتربحها دول سعت اليها بلا أي تكلفة تذكر ولن ندخل هنا بهجرة الكوادر والكفاءات التقليدية بين عوامل الجذب والطرد ولكن نحاول ان نركز على السلب. ولكن الوضع والظروف تجعلنا بحاجة ماسة لوضع برامج متكاملة لتنشئة الموارد البشرية و لإعادتهم لبلدهم و للإستثمار الصحيح لهم وفق معايير للتعيين و المتابعة والمحاسبة .فسياسة التعيينات حجر الأساس للإستثمار الصحيح لهم و لزيادة النمو ولتحقيق نواتج تنموية متميزة و كذلك فلابد من إصلاح حقيقي لقطاع التعليم ليعود نبع لمخرجات كفوءة تغزي دول العالم كإستثمار معرفي وعلمي وهو ما كان ففي فترات معينة خرجت جامعاتنا ومعاهدنا فوائض عن حاجاتنا التنموية عائداتهم ساهمت بالتنمية و زيادة الاستثمارات المختلفة وكذلك لابد من إصلاح القطاع الصحي والذي طالما تفاخرنا به وبكوادره وبمجانيته وبتوسعه الافقي والعامودي قبل أن يسعى لخصخصته بطرق شتى و قبل ان تتداخل المصالح ولليوم عجزت الحكومة عن التفرغ الطبي والذي يخصص قدرات الكوادر و يعدل بمكافئتهم ويزيد من قدراتهم و كذلك لابد من إصلاح قطاع التدريب والتأهيل والذي تحول للسعي المالي بعيدا عن المخرجات وعامت به سلوكيات بعيدة عن المهنية و طافت كوادر و تخصصات بلا أي فائدة سوى الربح السريع . سورية نبع تاريخي لا يستهان به لاهم ثروة وهي الموارد البشرية وما زالت و لكن السير السريع بخطى الإصلاح الإداري و الذي يركز جزء كبير منه على هذه الموارد يسرع بالعودة السريعة و بإعادة البناء والإعمار و يعيد الكثير من الكفاءات والقدرات المهاجرة. تقاس ثروة الشعوب بالبشر وليس بالحجر وطالما بلدان بلا ثروات طبيعية تفوقت وتميزت و بلدان تعوم على محيطات من الثروات لا زالت تتارجح. التحية للكوادر الطبية الشجاعة والتي ما زالت تمارس دور بطولي في مواجهة الوباء الفتاك والرحمة على من قضى منها. والتحية لشهداء سورية ولمن لم يقبل ان يغادر بلده في الظروف الصعبة وهي حر الخيار و صبر وما وما زال بصبر…
. الدكتور سنان علي ديب