قبل التفكير بهذا السؤال الذي لا علاقة لنا تأثيرية بكامل جوانبه لا من الناحية السببية ولا من ناحية التاثير ولا من ناحية المعرفة وبقتصر دورنا فقط على اننا احدى المجموعات البشرية التي سيطالها التأثر …
و لنبداً بمفاهيم اساسية
المفهوم الاول: قانون التطور: ضرورة حتمية
سواء ارتضينا ام لم نرتضي فالتطور ضرورة حتمية فهو ضرورة من ناحية تطور المعرفة لدى الانسان وتطور تفاعله الذاتي والجمعي وتاثره وتاثيره في مكونات الطبيعة ومواردها وما ينتج عن ذلك من ادوات ومصنعات ومتطلبات وسلوكيات ومناهج تفكير ، من هنا تصبح الحتمية جزء أساسي من هذه المصفوفة الكونية فانتقال البشر نحو الانسنة ابتدأ بالعقل والذي جعل الانسان ضمن مسار زمني يتطلب منه تطوير مدركاته بكافة انواعها، ولا يغني ابدا رفض مجموعة بشرية لذلك او اهمال مجموعة بشرية لذلك فالانسانية ووفقا لمجرى التاريخ تتطور من شاء فهو في ركب التطور ومن أبى صار أثر.. فالتاريخ يقول انه وبمجرد انهيار منظومة حضارية في حينها تبزز منظومة جديدة تختلف عنها في النظام المجتمعي وقواعد السلوك وادوات الادراك والاستفادة من الطبيعة …
المفهوم الثاني : الولايات المتحدة
ودون الخوض في تفاصيل العقد الجامع لهذه الولايات فهناك قواعد وروابط أساسية تشمل في طياتها السلوك العام والقانون العام والمنهج العام الذي تسير عليه الولايات مجتمعة في السياسة والاقتصاد والمجتمع ، مع اعطاء الحرية المطلقة لكل ولاية في التفاصيل مما يعني بقاء العقد مرنا غير صدامي سواء مع ولاية أخرى أو مع النظام العام للولايات المتحدة وهذا الأمر محمي بالفلسفة القيمية المؤسسة والناظمة لروابط هذا الاتحاد.
قصور الادراك للمشكلة :إن من أهم أسباب قصور ادراكنا في المنطقة العربية لماهية المشكلة الحاصلة في حاليا في الولايات المتحدة هو قصور في ادراكنا لطبيعة العلاقة الجامعة بين الولايات في الولايات المتحدة الامريكية فنحن ما تزال تحكمنا ذهنية أحادية في التفكير رسخت معايير الماضي ومقاديره أساس للتفكير وللبناء وهذه الذهنية لم تصل بنا للقبول والتأقلم والتكيف مع تطور ضوابط العقد المجتمعي والسلوك الجمعي الذي على أساسه تم بناء الدولة الحديثة ، واستدراكا فمما لا شك فيه أن بزوغ الامبراطوريات العربية الحاكمة لنصف الكرة الارضية في قرون مضت من اموية وعباسية كان متوافقا ومتوائما مع العصر الذي ظهرت فيه بأدواته المعرفية وبالمقدرة للتعامل مع الكون والطبيعة ومواردها وبأدوات الانتاج والزراعة والصناعة والسياسة والتجارة ، وحين تتوقف مجموعة بشرية عند مرحلة تاريخية فهذا لا يعني أن التاريخ يتوقف أو أنه لزاما على مجموعات بشرية العدول عن التطور ..
ان قراءة البعض إلى أن المشكلة هي في شخصية ترامب وعنجهية ترامب وسلوك ترامب هو ضرب في الهزل والسطحية لمجتمع بعيد كل البعد عن ذهنية السطوة الفردية والتي ان تأثرنا بها في السينما الامريكية فهي عبارة عن تشخيص للانسان الامريكي بشكل عام مجرداً من الاسم المحدد والكنية المحددة والعرق المحدد وهو أشبه باستخدم الرمز x في معادلة رياضية ..
اذا ماذا قدم ترامب في فترة الحكم من ضمن منظومة الحكم الامريكي سواء في الداخل الامريكي او في العالم وماذا سيقدم بايدن بالمقابل ، وهل تجاوز ترامب المحرمات في الشفافية والوضوح حد الوقاحة أم كان ذلك من ضمن السلوك الامريكي العام السياسي والمجتمعي والذي يمكن ان يوسم بالمباشرة والوضوح اكثر من نعته بالغموض فمبدأ ايزنهاور كان معلناً به ولم ينتظر العالم عقودا ليسمع به وريغان كما بوش الاب والابن كما كلينتون كما اوباما فالمباشر والوضوح فيما تريده الولايات المتحدة دون الاغراق في التفاصيل كما فعل ترامب واغراق ترامب في التفاصيل مرتبط اساسا بانتماءه لمنظومة الاعلام التي انبثقت منه “الميديا” الحديثة المسماة اصطلاحا “السوشيال ميديا “، أما بايدن فلربما ومع القفزة المعرفية التي حصلت في القرن الحادي والعشرين وما نتج عنه من تطور هائل في امكانية الاستحكام والاستفادة من عناصر الطبيعة ومقدراتها – والتي يدركها ترامب جيداً- فلربما يجد نفسه في المرحلية الزمنية المناسبة التي تسمح لخبير ومتمرس في العمل القانوني التشريعي المتعلق بالمجتمع وبخلفية مناصب سياسية رفيعة منذ سبعينيات القرن الماضي بأن يقدم عقدا اجتماعيا جديدا للولايات المتحدة الامريكية أشبه بما قدمه روزفلت في منتصف القرن الماضي سواء على مستوى النظام العالمي بانشاء الامم المتحدة ووضع الخطط لاستقرار النظام العالمي المالي او على مستوى التشريعات الناظمة للسلوك الاجتماعي والمالي والتجاري داخل الولايات المتحدة الامريكية .
فالخلاف الحاصل حالياً في الولايات المتحدة الامريكية ليس تعنتا ترامبياً أو بلادة بايدنية بقدر ما هو صراع طبيعي ومنتظم بين مختلف المتحكمين لبناء عقد اجتماعي اقتصادي جديد داخل الولايات المتحدة الامريكية وفي العالم ككل، قد يصل لأن يكون حدياً وأشبه بما حصل ابان فترة حكم ابراهام لينكولن أو يسير ضمن السياق التنافسي الأشبه بلعبة كرة القدم الامريكية والتي تشبه أساسه منظومة العلاقات الناظمة للتنافس التجاري الصناعي والتي بمجملها حددت طبيعة الشخصية الامريكية..
واختم بتوضيح إن سبب كتابة مقالي هذا هو مزيج من التمني والتحسر من جراء الحالة المزرية في هذه المرحلة الزمنية من تطور الانسانية والتي نقف فيها نحن العرب مجرد مراقبين نتكهن بأشكال وأنواع التأثر التي ستطالنا..