من المؤكد بأن الفضاءات الفكرية بأنواعها بحر من المعلومات والمعطيات ومن الصعب الإحاطة بها كلها كصعوبة سباح مهما بلغت مهاراته يبقى عاجزا عن الخوض في بحار ومحيطات الكون مجتمعة .
وهكذا فاتساع الأفكار يتطلب من الناهل والمفكر جزئيات مفيدة مساعدة للخوض في القضايا او الافكار أو في استخدامها في التحليل الدقيق الصحيح المقنع المفيد البعيد عن التحيزات العاملة عن حرفه عن مساره و فعاليته وهدفه وغايته.
ما جعل مقدمتنا هذه بهذا المحتوى هو الجدال والحوار و الخلاف والإختلاف والذي كنا وما زلنا نعاني منه حيال أي قرار صادر عن حكوماتنا المتعاقبة وآخرها وليس آخرها طرح الورقة النقدية من فئة ال خمسة آلاف وما تلاها من تحليلات ولو أن الأغلبية يتقاطع بجزئيات إلا أنها لم تخل من التناقضات والإختلافات
ومن المؤكد لا يعني أن المباركة أو التقييم بجودة الطرح أن كل السياسات صحيحة أو أن التنمية الاقتصادية والاجتماعية عادت لمؤشرات متميزة كما كانت قبل الحرب القذرة أو ان السياسات المالية والنقدية وخاصة فيما يتعلق بسعر الصرف كانت ناجحة ومتناسبة مع الواقع وأن الفجوة الكبيرة بين الدخول والمبالغ المطلوبة لتأمين متطلبات المعيشة قد ردمت و أغلقت وأن الرفاهية عنوان معيشة المواطنين ولكن كذلك لا يمكن القبول بأن تكون التقييمات ضمن حزمة واحدة بعيدة عن الواقع و ضمن أهواءه وتخندقاته التي تلتزمت معه منذ بدء الحرب وما قبلها بعيدة عن الحيادية والمنطقية والوطنية سواءا بالايجاب او السلبية وهذا ما جعلنا دوما ننادي بالواقعية والمنطقية والوطنية والتقييم حسب الحالة والإمكانيات و ضمن القدرات ودوما كنا ننطلق من مقولة واضحة في الظروف الإستثنائية القرارات إستثنائية وذلك ضمن معطيات الواقع في كثير من الظروف الصعبة الارهاب العسكري و السيطرة على الأراضي والارهاب الاقتصادي قد يكون أحد ادوات تأمين الضروريات التهريب والذي ننظر له بأنه تجاوز للقوانين وضرر للبلد و لمداخيلها و غيره من الأساليب التي تتخذ لمواجهة اساليب غير شرعية ولا قانونية ولا إنسانية من حصار وعقوبات استعمارية هوائية.
المهم العودة لموضوع طرح العملة ما بين مؤيد ومبارك وبين رافض وناصح وميأس
فالواقعية أرتأت أنه في ظل الظروف الطاغية على البلد والتضخم الكبير و المضاربات اللا شرعية و خروج الكثير من الفئات الورقية وغيرها للتلف ولمحاربة العملة عبر تهريبها والمضاربة بها فطرح الفئة الجديدة لن يؤثر على حجم الكتلة النقدية المتداولة كما أرتاى البعض وبالتالي لن تلاحق بتضخم أو تضخيم خارج ما وجدناه واعتدنا عليه من قبل بعض المرتزقة والتي هدفت وتهدف لتفشيل البلد واستنزاف قدراته و اللعب على العواطف بشعارات كاذبة وهي من فئة تجار الحرب والأزمة و تدعي لبوسات اخرى وهي تابعة ومأجورة .
وبالتالي هذا الطرح سيحقق فوائد لسهولة تداول النقود الشخصي وعبر التحويلات الداخلية وتوفير الوقت والإزدحام و سهولة تخزين النقود وحملها وتوفير كلف طباعة ما يوازيها من فئات نقدية مختلفة.
أما محاولة البعض المضاربة على سعر الصرف لإظهار أثر تضخمي لها فهي من باب التأثير النفسي على المواطن المسبوق بضخ إعلامي بهدف النيل منه ومن ثقته ومن صموده وهي ما دأبت ان تقوم به هذه الفئات من قبل الحرب القذرة وبالتالي الفوائد الناجمة عن الطرح كثيرة ولن يتأكد المجموع منها الا بعد الاعتياد على الاستخدام و فشل من حاول التضليل و التهويل
كثر حاولوا من باب النتائج التضخمية لطرح الورقة النقدية متناسين بأنه طالما الطرح استبدال لكميات تالفة لن ينعكس على الأسعار وكذلك متناسين بأن الطباعة و التداول ضمن المعتاد لا تأثير له على التضخم وكلنا يعلم حجم الاموال المخزنة في البنوك والتي قدرها البعض ب ٣٠٠٠ مليار من بداية الحرب وما زالت خارج التداول و من دون اي آثر وكذلك سير الحكومة نحو تقييد الطلب ضمن الإمكانات المحدودة عبر وسائل متعددة احدها البطاقة الذكية رغما من صعوبات هذا التقييد
ولكن مهما أختلفت الرؤى يبقى الواقع هو المؤشر الأهم لصوابية التحليلات والتي يجب أن تكون علمية دقيقة بعيدة عن العواطف والرغبات والنزوات
ومهما يكن رغما من الصعوبات وزيادة الضغوطات و السوداوية التي ينطلق الكثر منها فإن الواقع يشعشع معابر أمل بحاجة لتضافر الجهود و الإنطلاق من برنامج وطني واضح يعد معيار للتقييم و معيار للأدوات الواجب إنضواءها ضمنه لحل علاجي شافي يعيد الصحة والعافية لوطننا ولمواطننا.
الدكتور سنان علي ديب