أمــريكا تستعـــمر المنطقـــة ، منـــذ حـــرب الســويس ، عــام / 1956 / ولا تـــزال
ما هـي أهـداف أمريكا ــ اسرائيل ــ تركيا ، التي كانت متوخاة من (الربيع العربي) ؟
ما تحـ،قق من اهــدافهم ، ؟ ومـا لـم يتحقــق ،؟ والمـوازنة بيـن الـربح ، والخـسارة ؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ( 2 ) ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لكل حرب ظروفها وبواعثها ، فما هي بواعث وظروف حروب (الربيع العربي) ؟؟ .
بعد تفكك الاتحاد السوفييتي ، وتفرد أمريكا في (حكم العالم) ، لم تترك دولة لم تقدم لها الولاء والطاعة في كل القارات ، إلا وغزتها ، بثوراتها الملونة ، وغير الملونة بهدف التدمير ، والسيطرة ، والتأديب .
لذلك جاء (الربيع العربي) ، (بلونه الخاص) ، وبهذه الأبعاد ، وتلك الغايات .
بالرغم من أن المنطقة العربية ، تكاد تكون تابعة بالمطلق لأمريكا ، (مع بعض المشاغبات هنا وهناك) ، ومع ذلك جاءت لتسقط المنطقة ، وتغير بنيتها ، بحرب لا يحكمها أي منطق ، وتجتاحها من مغربها إلى مشرقها ، مع حلفائها ، وكل أدواتها .
مستغلة مشاعر الخيبة التي سيطرت على الشعب العربي ، بعد حرب تشرين ، التي أسست ( لاتفاقية كامب ديفد ) ، وما تلاها من اتفاقيات مذلة ومهينة ، مع العدو الصهيوني ، وتقلص أي دور للقوى التقدمية ـــ العقلانية ، حد الغياب .
هذه البيئة القهرية شكلت حالة ارتدادية (مستنقعية) ، صالحة لتنامي الفكر الديني السلفي الأصولي ، بمدرستيه (الاخوانية) و (الوهابية) واستطالاتهما .
في وقت كانت أمريكا تشعر فيه بفرادتها وجبروتها ، واسرائيل يحكمها الاحساس بفرط في القوة ، وتركيا أردوغان (الإخواني) ، يسعى لإعادة السلطنة العثمانية ، وأوروبا سلمت قرارها لأمريكا منذ أمد .
جماع هذه الظروف ، مضافاً لها الواقع العربي المريض ، قررت أمريكا غزو المنطقة ، وتسليم مقاليدها ، إلى الحركات الدينية السلفية الأصولية ، حتى تؤبد تخلف المنطقة ، وتحقق بذلك أقصى أسباب السيطرة ، والتبعية الكاملة ، وتغلق بالتالي بوابة المتوسط أمام طموح روسيا والصين .
انطلق (الربيع العربي) بثقة تامة بتحقيق ما جاؤوا من أجله .
كانت العراق قد اغتيلت قبلاً وبسهولة ، استفردوا بليبيا وساهم العرب ، وجامعتهم بتدميرها ، قبل أن تنهض روسيا ، ثم جاء دور تونس ، ومصر يوماً أو بعض يوم ، تسلم فيهما الاخوان المسلمون مفاتيح السلطة ، ثم تمردت مصر واسقطت حكم (الإخوان) .
فجاؤوا إلى سورية مستبشرين ، يحدوهم الأمل ، قياساً على ما فات من انتقالات ، أسبوعاً أو اسبوعين ، هذا سيصلي في الأموي ، وذاك سيأتي من مطار دمشق ، سلحوا ، ومولوا ، كل الحركات السلفية ، واستوردوا مقاتلين اسلاميين حتى من الصين ، وتحرك العملاء ، والحاقدون ، والغوغاء في الداخل ، وبدأ القتل ، والتدمير ، بتوحش لا سابقة له .
لكن صمود الشعب ، والجيش العربي في سورية ، أوقظ روسيا ، فبادرت للمساعدة ، وكانت إيران الصديقة قد سبقتها .
فهل حققت أمريكا الغايات التي جاءت من أجلها ؟ هي وحلفاؤها ؟؟ .
أو بالأحرى ما حققوه ؟ وما خسروه ؟؟ عبر سنوات عشر من حروبهم ؟؟.
نعم قتلوا الملايين من شعبنا ، وهجروا الملايين ، وأفقروا ، وجوعوا الباقي ، ودمروا ، غالبية ما بنته سورية عبر نصف قرن من البنى التحتية ، هذه حقيقة ساطعة .
ولكن الانجاز الأهم الذي تحقق من خلال هذه الحرب الطويلة الأمد ، فضح ، وتعرية الاسلام الأصولي السلفي ، الوهابي ــ الإخواني وكل أذرعه ، وإظهاره على أنه فقهٌ متخلفٌ ، قاتلٌ ، متوحشٌ ، كان ولا يزال أداة بيد أعداء الأمة العربية .
وأنه لا حرية ، ولا تقدم بدون استئصاله ، فقهاً ، وأداة ، ومحاربة جميع الدول الدينية ، لأنها المفرخة الأساس ، لهذا الفقه الأسود ، وحاميته ، وناشرته .
كما أظهرت هذه الحروب ، مدى حرص أمريكا الكاذب على حقوق الانسان ، وعلى زيف ديموقراطيتها ، وبأنها الدولة التي لا تعيش إلا على الحروب ، وقتل الشعوب ، ففقدت بذلك هيبتها ، وأظهرت هويتها .
ووضعت المنطقة أمام خيار واحد لا ثاني له ، الخروج من تحت العباءة الأمريكية ، والتلاقي على برنامج تحرري ، عقلاني ، بدأت ملامح تشكله من العراق ، وستكون سورية قاعدته ، وهذا ليس حلماً بل حقيقة قادمة ، يراها كل من يملك عيناً باصرة ، [ ويأخذ العبرة من انتصارات اليمن ] .
عندها ستقلب الطاولة أمام (الكيان الصهيوني) ، وستلغى كل معاهداته ، واتفاقياته ، وسيسقط كل من تحالف عمه .
[ وعندها ستكون جميع الظروف مهيأة لتنامي القطب المشرقي ، الذي سينجز طريق الحرير ، من سورية وإليها ]