على مدى اكثر من الف عام، حرص بعض الفقهاء – مع احترامنا الشديد لفقهائنا الحقيقيين الذين خنقت اصواتهم – على تحويل حياتنا الى قيود مقدسة تحكم اقفالها على كل تصرفاتنا. لاحقونا حتى المرحاض ليفتوا بنوع الحجر الذي يجب استخدامه في الاستنجاء وحجمه وطريقة استعماله. حولوا وظائف الحياة بكل مكوناتها وتفاصيلها لطقوس دينية مقدسة تحتاج لدليل من الكتاب او السنه، وإن لم يجدوا فيها ضالتهم فأمامهم أبواب القياس والإجماع والإجتهاد ومنامات الصالحين مفتوحة على مصاريعها بحيث إنهم لم يتركوا للمسلم حرية التصرف بأي شيئ.
ثم نصبوا أنفسهم أوصياء على الدين وخلفاء لله على أرضه، فكفروا أصحاب الآراء المغايرة لآرائهم وافتوا بقتلهم. خنقوا كل الأصوات المعارضة بواسطة اعوان الحكام عبر تحالف يسكت الحكام بموجبه عن تصرفات الفقهاء ويحترمون مصالحهم، مقابل تعهدهم بإخضاع الشعب للسلطان. ومن هذا التحالف المقدس بين الشراذم المنتفعة من رجال الدين والحكام استمدت الديكتاتوريات العربية والإسلامية نسغ الحياة.
استنادا الى ماسبق يمكننا القول بأن مجرد التفكير بان رجال الدين التكفيريين ان وصلوا للسلطة سينتجون نظاما ديموقراطيا يعتبرغباء سياسيا يدل على الجهل بالتاريخ وسطحية في التفكير، هم سيصلون للسلطة عن طريق الانتخابات ثم يغلقون الباب الذي دخلوا منه وراءهم. أما المواطن العادي، فلن يحصل على شيئ لانه سيستبدل نظاما دكتاتوريا وضعيا يعتبر من يخالف رأيه خائنا يستحق السجن بنظام ديكتاتوري سماوي يعتبر من يخالفه الرأي كافرا يجب قتله.