لعل عبارة عالم الآثار الفرنسي أندريه بارو (لكل إنسان متحضر في هذا العالم وطنان، وطنه الأم وسورية) هي الأكثر تعبيراً عن الواقع الذي نعيشه اليوم في ظل الإرهاب العالمي لمرتزقة لاعلاقة لهم بالتحضر وفي وطن يتسع لحضارة العالم كله ويضيق بالغرباء عن كل أشكال الحضارة، وطن أهدى للبشرية أول أبجدية في التاريخ فأصبح وطناً لكل متحضر.
ولعل قدر أبناء سورية يحاكي حبهم لهذه الأرض ويخالف (بارو) ليتمايزوا عن كل أبناء الحضارات الأخرى فتكون سورية هي وطنهم الأول و الثاني .
منذ بداية الحرب الكونية على سورية وتراثها الثقافي الذي ينتمي لمختلف العصور يتعرض للتدمير والسرقة على مرأى ومسمع العالم (الحر) وبمساعدة منه، أقدم أرض على وجه التاريخ تستباح على يد الإرهاب المتطرف الإخواني الوهابي الذي لا يعرف قيمة التاريخ ولا علاقة له بالتحضر ولربما لو عرف لكان أكثر حقداً لأنه يحارب نقيض جهله وهمجيته وتخلفه الذي توجه في الثاني من الشهر الجاري بمهاجمة مستودعات مديرية الآثار والمتاحف في هرقلة بمحافظة الرقة حيث لايزال قصر هرقلة الذي بناه هارون الرشيد شاهداً على حضارة هذه المحافظة.
من لاتاريخ له يستهويه تهويد التاريخ وتدميره، ومن تاريخه من نفط ودماء تستثنيه حتى الحجارة في وطن الحضارة لأنه لن يفهم مفردة واحدة مما تبوح به الأرض.
الكثير من الآثار السورية التي تمت سرقتها من قبل مرتزقة الناتو بأموال ومساعدة ملوك الرمال أستعادتها مديرية الأثار والمتاحف بالتعاون مع الأجهزة الأمنية اللبنانية بينما لايزال الوضع غامضاً فيما يخص الحدود التركية والتسهيلات التي يقدمها العثمانيون الجدد قادة حزب العدالة من تسهيلات لتهريب هذه الآثار.
أمر آخر على قدر كبير من الأهمية وهو الخوف من وصول بعض التحف الأثرية عبر هؤلاء المرتزقة على اختلاف مشاربهم من الناتو والعثمانيين والوهابيين إلى قصور ملوك الرمال الذين يملؤهم الحقد على كل ماهو نقيض جهلم وتخلفهم. لم يعد المشهد السوري خافياً على من يريد أن يعرف ماذا يحصل في سورية بعد أن أفرغ المتسلقون والحاقدون على هذا الوطن مطالب الناس المحقة من مضمونها، بحيث أصبح في عرفهم سرقة وتدمير الآثار السورية والوطن السوري مطلباً شعبياً يتغنى به آل سعود الذين يدعون الدفاع عن حرية لم يمتلكوها يوماً.
ويبقى السؤال الأهم لمصلحة من يعتدى على تاريخ هذا الوطن وتسرق آثاره وتهرب في العلب الليلية التي لايعرف النفط وأمراؤه غيرها؟.