في الصحراء يا صديقي وحين تكون أنت من اخترت المكان الذي نزلته والرفقة التي ستعاشر .. وتكون تحضيراتك للرحلة / المرحول / التربيعة مكتملة .. وحين تكون ولو نسبيا خبيرا وصاحب تجارب بمستلزماتها المختلفة من ماء ومؤونة وأوعية وأغطية .. حينها يكون ربيعك رائع حتى وإن تخللته بعض رياح قوية وجالبة للرمال فانها لن تزعجك .. وإن كنت ذا حظ حسن فتنزل المطر لتعيد للخضرة نضارتها وللطيور زقزقتها .. ستستمتع بالمناظر والمدى والشروق والغروب وترتاح من هم المدن والفواتير بالغياب والهروب .. ستجد واضمن لك ذلك عقلا خال من كل همّ وستنسى وأنت هنا من ظلمك و من كذب عليك ومن كرهك ومن استدان منك وتغيب عن ذهنك مشاغل العائلة والشغل .. فقط راحة شبه مطلقة من كل صوب تحاصرك وتطل عليك .. استرخي لها وأقبلها كما هي دون تأفف أو امتعاض .
قم باكرا لتستمتع بظهور النهار وببزوغ الشمس وكم تحلو نار الفطور وصياح المواشي أو رغاء الحواشي .. ستتحرك طوال اليوم دون كلل أو ملل وستتنقل حسب ما تريد وحيثما تشاء .. إن كان صيدا وتقفي آثار الأرانب او تجوالا بين الكثبان أو أعالي الهضاب او حنايا الوديان .. لن تشعر بالتعب حتى يحل المساء ، وكم يحلو السهر والسمر على ذلك الموقد / العافية .. احاديث تعيد فيك ذاكرة عقود وقرون ، وعبرا وحكما مستوحات من قصص وخرافات وأساطير وقصائد شعرية محكية خصوصا إذا كان مرافقك خابية ومخزونا لتراث أنت فطمت عليه .. يكون جليسك ورفيق رحلتك أم عاشت أجيالا أو أبا وعى دهرا أو عما حفظ قصصا وروايات .. ينتهي نهارك وأنت لم تشبع منه بعد وكم تتمنى أن يطول الليل حتى لا تنتهي المسامرة على نار هادئة ودافئة كرحم أم وكأس شاي تصحيك كلما راود النوم جفونك .. يغالبك النوم الذي ان حل كان مريحا عميقا ولذيذ .. وكم يصعب توديع الجليس الذي صار في عمقك حبيس .
صحرائي / دوز / شكري محمد .