أعلن صباح اليوم الأحد 9 أيار 2021 في دمشق عن وفاة الشاعر الكبير فايز خضور بعد معاناة مع المرض ، وأعلنت صفحات الوفيات وصفحات الأصدقاء عن نقل جثمانه إلى سلمية حيث سيوارى الثرى في مقبرة العائلة فيها ظهر هذا اليوم .
وفايز خضورشاعر ينبض شعراً ويتدفق خصوبة، لغته غير عادية أو مألوفة تختزن قدراً هائلاً من الشراسة، مسكون بالوطن والرفض والتمرد والحرية، سلوكه كنصه الشعري تماماً.
له تجربة طويلة مع المفردات والتفاعيل، جعلته محترفاً في نحت الكلمات ومجدداً دوماً بلغة طازجة.
كانت ولادته في القامشلي عام 1942 وطفولته في سلمية، حصل على الثانوية من مصياف والأدب العربي من جامعة دمشق، حفظ القرآن الكريم على يد خاله الشيخ شهاب الدين الحموي، وأولع بسورتي (مريم ويوسف).
عمل في الصحافة الثقافية مابين دمشق وبيروت منتصف الستينيات، ونشر شعره في مجلات الآداب والمعارف والأديب وفكر والأحد والبناء والمعرفة والموقف الأدبي.
بدأ رحلته الشعرية بالشعر التقليدي، ثم تحول إلى التجديد في أجواء كانت تعتبر الحداثة نوعاً من التخريب.
اكتشف هويته الشعرية في أواخر الستينيات، وكان قد جرب كتابة القصة والمسرح والرواية، إلا أن صوته الأقوى كان في الشعر الذي رأى فيه خلاصه، فاندفع بقوة في درب رسمها بنفسه يعتبر أن أبا نواس كان حداثوياً بخروجه عن المألوف، وأن (طرفة بن العبد وامرؤ القيس) شاعران مولدان.
تذوق المتنبي وأبا تمام، واهتم بكتابات جبران خليل جبران، وأعجب بكتابات محمد الماغوط رغم إصراره على أنه كان كاتباً كبيراً وليس شاعراً.
تحفظ على تسمية وتوصيف قصيدة النثر، ونفر من جماعة مجلة شعر نفوراً شعرياً، وقد ذكر مرة أنه لم يقرأ شاعراً من شعراء الحداثة قراءة كاملة، كما أنه يعتبر أن ترجمة الشعر خيانة عظمى له بسبب خصوصية اللغة وإيحاءات الشاعر التي لا يمكن أن تنقل بالترجمة.
قال عنه الشاعر جوزيف حرب أنه الشاعر الأمهر، إشارة منه إلى تعبه على قصيدته، وتناول تجربته عدة نقاد منهم: حنا عبود وخليل موسى ومعروف عازار.
أصدر ثلاثا وعشرين مجموعة شعرية هي على التوالي (الظل وحارس المقبرة ـ صهيل الرياح الخرساء ـ عندما يهاجر السنونو ـ أمطار في حريق المدينة ـ كتاب الأنتظار ـ ويبدأ طقس المقابر – غبار الشتاء ـ الرصاص لا يحب المبيت باكراً ـ آداد ـ ثمار الجليد ـ سلماس ـ نذير الأرجوان ـ فضاء الوجه الآخر – ستائر الأيام الرجيمة ـ حصار الجهات العشر ـ قداس الهلاك ـ مصادفات ـ عشبها من ذهب – في البدء كان الوطن – أريج النار – مرايا الطائر الحر – رنيم الطائر الجارح – هجائيات هادئة )
أصدرت وزارة الثقافة أعماله الكاملة عام 2003رتبها الشاعر كقصائد كتبت مابين 1958 ـ 2000حسب التسلسل الزمني لكتابتها، كما أصدرت الوزارة كتابه (ظلال الكلام) عام 2004الذي يضم نصوصاً نثرية تمثل سيرته الذاتية وبعض آرائه في الشعر والحياة.
وعندما تحاول الدخول إلى قصائد ـ مملكة الشاعر فايز خضور، تحس أنك بحاجة إلى قدر واسع من التأمل والتأني، من الصفاء الذهني كي ترجع معه إلى بداية القصيدة أو الجملة الشعرية، أو ربما إلى أقرب من ذلك بكثير، لأن أغراضه قد تتعدد وتتنوع في كلمة منحوتة أو جملة مختزلة بعناية.
وقد ظل الشاعر خضور يرفض المهادنة بكل أشكالها، حتى في قصائد العشق، أو في تصوف ابتدعه وأجاد في رسمه.
وظل يمارس النحت في الحرف والكلمة، ويمضي في ابتكار قاموسه اللغوي الخاص، منذ قصائده التقليدية الأولى حتى ظلال كلامه أو تلك القصائد أو الزوايا التي ينشرها في بعض الصحف أو الدوريات.
وظل يعلن أن الوحدة خير من جلساء السوء، وأن هوية الخصم تحدد هوية الفارس، وأن أجمل ما في حياته القصائد، أصدقها ثم أصدقها ثم أصدقها.
ولا نزال نحن نعلن، أن مملكة فايز الشعرية غنية بالصدق ثم الصدق ثم الحكمة.
إعداد : محمد عزوز
اقتبسنا فقرات من كتابي ( شعراء سلمية ) الجزء1 – الصادر عن دار الباحث – سلمية 2009