في الواقع إن الاجابة عن هذا السؤال بنعم أو لا يدخلنا في عالم الاحتمالات والغموض ولا يؤدي إلى نتيجة. عمومًا، قد يكون هذا السؤال من أعقد الاسئلة وأبسطها في آن..
لمقاربة ذلك لا بد من التوضيح أن هذا السؤال يقودنا أصلاً إلى السؤال عن ماهية الانسان وجوهره، أي إلى الاسئلة الوجودية. وبالتالي لا يمكن المقاربة بناء على فرضيات بعض علماء الاعصاب والبيولوجيا لأنهم أصلا لا يمتلكون الفهم الكامل لجوهر عملها ولا بفرقون بين العقل والدماغ . بل ينسبون كل شيء إلى الاعصاب والجينات والى عمل الدماغ.الخ . ولكن كل ذلك هو مجرد الطبقة العليا لتجلي قوة الحياة، فما الذي يحرّك الدماغ والأعصاب والجينات؟ وماذا حدث للشخص الذي مات للتو وقد كان يتكلم قبل لحظات! فالبنية ذاتها والأعصاب والدماغ ولكن قوة الحياة “لنقول الروح” قد غادرت…فأصبحت كل تلك البنية بدون فائدة.وذلك مشابه لنظام مراقبة ذكي قطعت عنه الكهرباء..أو لمعالج حاسوبي جبار لم يركّب فيه البرنامج الذي يشغله . إذًا، ما يقوله بعض التقنيين (ما يسمى علماء اعصاب أو بيولوجيا) لا يمكن اعتباره حقيقة لأنهم لا يرون سوى حيز صغير جدًا . وبالتالي فإن البنية البيولوجية للبشر تعطيهم أمكانية التصرف، وبالتالي الأمكانية للارادة الحرة ..ولكن هذا تعبير يحمل في طياته الكثير من المفاهيم . فهل تعني الارادة الحرة امكانية تغيير القرار أو الخيار في كل لحظة، أما أن الخيار الذي نتخذه قد يحمل في طياته قيودًا. لذلك نضطر إلى مواجهة تداعيات القرار أو الخيار وإلآ فإن التغيير المتتالي للقرار أو الخيار قد يؤدي بنا الى فوضى لا نهائية .
من جهة أخرى، يقول البعض إلى أن الحياة تطورت من تلقاء نفسها وبالصدفة وتنتهي بالموت ..وبالتالي لا أرادة حرة ..هذا ما يروجه بعض العلماء الماديين، ولكن هذا الافتراض لا يستند إلى أي منطق أو علم، حيث سقطت نظريات الطفرة واخفق هؤلاء في تفسير وجود قوة الحياة (اوردت ذلك في كتاب الانسان بين العلم والاسطورة وفي كتاب العقيدة السرية) فالطفرة والعشوائية لا تخلقان هذا التنوع الهائل وهذا الانتظام المذهل ولا يفسران الفكر، الوعي ..الخ . – هما غير موجودان أصلًا
تبين العلوم العلمية الحديثة والباطنية والمنطق الفلسفي؛ أن الكون والأكوان وحدة حية، وأن الحياة المادية التي يعيشها البشر والكائنات الاخرى هي مجرد مرحلة ضمن سياق ودورات لا تنتهي ويحكم السلوك، والمعرفة مسارها. وتشير بعض العلوم الأخرى أن الوجود في هذة الحياة هو مجرد خيار للتجربة والتعلم .. وبالتالي فإن نفي البعض للارادة الحرة يشير أو يدل على جهل أو افتقار للمعرفة ..
قد تحتاج بعض القوى الى ترويج هذه المفاهيم من أجل تطوير تقنيات للسيطرة على البشر وتحويلهم الى مجرد جثث متحركة، وهذا ما يفسر الضخ الاعلامي المستمر من اجل سلب الناس أهم ما يملكونه .. وقد رأينا كيف تعتمد تلك القوى الموجودة على الاعلام العالمي لسجن الناس أو لدفعهم باتجاه دون آخر ..رأينا ذلك في الحرب على سورية وفي بدعة ما يسمى الربيع العربي، وفي الترويج لفيروس كورونا المفترض …يتبع .