محمد عباس
واجه المثقف السوري ارهاصات عظيمة وكبيرة ومخلخلة للقناعات والافكار التي آمن بها.عند تعاطيه مع الازمة السورية التي جاءت بطوفان وطغيان اعلامي وبدعم لوجستي عالمي.
وقد اختلفت ردود الافعال بين مثقف واخر وذلك حسب تجربته الذاتية وقرب او ابتعاد الحدث عنه شخصيا وعن مداركه.
ففي حين كانت اضعف حلقات المثقفين.(امام الحدث ) هي فئة المثقفين الذين كانت لديهم تجربة سيئة او قاسية مع الجهاز الامني (والجهاز الامني هو جهار منوط به مهام كبيرة ومتسعة) وهو ليس جهاز مقدس بل هو ( جهاز انساني بامتيار يتعرض للصح والخطأ والنجاح والفشل) والقائمين عليه هم بشر وكل ابن ادم معرض للخطأ والزلل والاختراق) الُمٌُهمٌ هذا المثقف ركب الموجة ربما بدافع رد الفعل او الانتقام وهو هنا يربط بين التجربة الشخصية والشأن العام وكذلك يربط بين خطأ المسؤول آين كان والمصلحة العامة لمجموع الافراد والسكان. وهي نقطة مهمة في مسيرة البعض الثقافية اذ لا يجيب إن يغيب عن اي شخص متوسط الثقافة ماذا يعني الخلط بين هذه المفاهيم ومدى خطورته واثاره المدمرة علئ صاحبها وانعكاس ذلك علئ المجتمع
وفي الحالتين دفع بنفسه ومتابعيه الى خانة الانجرار والتبعية لمشروع كبير ومترامي ومخطط له منذ اكثر من نصف قرن من التخطيط واكثر من عشر سنوات من التجهير والاعداد الفعلي (كلنا راينا سعد الحريري وهو يخلع الجاكيت والكرافةويشمر عن ساعديه ويهدد ويتوعد بنقل الحرب الى ديارهم ) ومؤكد انه لا يقصد السعودية ولا اسرائيل ولا العراق. وهو موقف مر مرور الكرام على السوريين ولم ينتبه لدلالته احد .
ثاني المثقفين هو المثقف الذي جاء الى الثقافة من منصب تنفيذي كبير ومن بعض الدوائر ذات الصلاحيات الغير محدودة وصناديقها ملأى بالاموال وهو هنا بالقطع متابع بملفات فساد كبيرة وعظيمة وتحت الاضواء .وعندما جاءت الاحداث كانت كطريق خلاص له من ازمته .
هو اولا وقع تحت ضغط الاعلام الذي كان مركزا لدرجة هزت قناعات اشد المتحمسين والموالين بان الازمة عمرها اسابيع ولم يقبل احد ولو من باب الافتراض ان الازمة عمرها شهرين او اكثر. .ومن ناحية ثانية سيكون له حصة في التشكيل الذي ياتي بعد انهيار الدولة (لا سامح الله )
وهذه الفئة من المثقفين وقعت (بحيص بيص ) فلا الدولة انهارت ولا يبدو انها ستنهار لذلك تشاهد استماتتهم للعودة لحضن الدولة السورية وقد عاد بعضهم فعلا.عودة الابن الضال لحضن والدته تائبا مستغفرا والاهم ان قرارات التسوية التي تصدرها الدولة السورية تجب كل الجرائم المرتكبة قبل صدورها وهنا بالضبط المقصد والهدف .اي تسوية ملفات الفساد التي كانت تثقل كاهله قبل الازمة
ثالث الفئات التي هي فئة المثقف الانتهازي وهو الذي امتطئ الثقافة للتسلق والوصول وتمسيخ الجوخ للمسولين والمدراء. و تلميع السواد ومتابعة اخطاء الاخرين وتحويلها لنقطة ابتزاز او الحصول على مكاسب عن طريقها ..وهذه الفئة لا يهمها من يحكم وكيف يحكم ولا يهمها المعارض ولا المعارضة ولا تهتم بما يتفق عليه الاثنين او يختلفان عليه.
وهي بعيدة عن الوطن كمفهوم جامع متجاوز للحكومة والمسولين وكذلك هي بعيدة عن المواطن الذي تشتت وضاع وهو يتابع ما يحصل ولا يدرك طريق النجاة والخلاص فتاره تراه يتعاطف هنا وتارة ينجرف هناك.
الفئة الرابعة هي فئة المثقف الواعي المدرك لدوره الريادي والتوجيهي والتوعوي وهو هنا يلم ويدرك بما يجري وكيف يجري ومدئ الاختلاق الاعلامي والخلق ( إن صحت التسمية) لحوادث واحداث مختلقة اساسا يراد منها الايحاء. بانكسار الدولة وغياب سيطرتها. وهذه المثقف بقي محافظا علئ رباطة جاشة وتماسك قناعاته وايمانه المطلق بان الوطن لجميع افراده وللوطن علينا حق رد الحميل والمعروف. وهذه الفئة صمدت ورفضت الخروج والمغادرة وتحملت مع المواطن كسرة الخبز وندرته وتحملت ضغوط الحياة الهائلة في سبيل قناعاتها وادراكها بآن القادم افضل رغم قساوة الحاضر وشراسة الهجمة عليه وعلى ما يحمله من افكار وتطلعات ورؤي للمجتمع الذي تكالبت عليه زنادقة الارض وشذاذ الافاق
ونحن هنا نؤكد علئ اهمية الاهتمام بمن تبقى من المثقفين المتابعين لقضايا الوطن والمواطن. ومساندتهم وتقديم كل الرعايا والدعم لما يمثلونه كرديف قوي وشرس ومتمترس خلف الجيش العربي السوري الذي قدم تضحيات تعجزمعظم جيوش الارض عن تقديم جزء صغير منها.