كتب المحامي محمد محسن البديلة
شعبنا العظيم , الصامد لعشر من السنوات , يستحق حكـــومة بمستوى تضحياته
حكومة من الأكفاء , متقشفة , فعالة , تحارب الفساد , تُعْمِلُ القانون على الجميع
مع علمنا أن أمريكا , تَحْتَلُّ أرضنا , تُجَوِّعُنا , تُحاصِرنا , وتَسرقُ نفطنا وقمحنا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في أوقات الحرب , والموت اليومي , والدمار , أظهر شعبنا صموداً أذهل العالم , فلم يئن , أو يتعب , بل كانت المعارك الدائرة في الليل والنهار , تُلهب الحماس , وتشد العزائم , والهمم , وكانت الانتصارات تلأم الجروح , وتعزي النفوس , وكانت أم الشهيد , وأخته , وزوجته , يستقبلن شهيدهن بالزغاريد , وكان الأب يُقَبِّلُ علم البلاد , شاكراً مستبشراً , والكل يقول ( انه فداء لتراب الوطن ) .
في زمن ( الانتظار ) زمن (ألا حرب) , زمن احتلال أمريكا , وأداتها (قسد) العميلة , سلة غذاء سورية , ونفطها أداة الحياة فيها , زمن الحصار , زاد الجوع , والعوز , بوتائر متسارعة , إلى حد لم يعانيه شعبنا منذ سبعة عقود .
شكل الواقع المتعب , بيئة مثالية لتصاعد أكبر حرب نفسية , تشن على شعبنا , أدواتها الاف المحطات الاعلامية , وعلى رأسها الجزيرة , والعربية , وملايين من العملاء الذين خرجوا على الوطن , وطوابيراً من ( الانتظاريين) في الداخل , الكل يستثمر في الحالة الاجتماعية الصعبة , محاولاً لي ذراع الشعب العربي في سورية , وتحقيق ما لم تتمكن الحرب العسكرية من تحقيقه .
فسقط في أتون هذه الحرب النفسية , غير المسبوقة , بعض من المواطنين البسطاء , بسبب التضليل أحياناً , وبسبب الجهل , وضغط الحاجة الاقتصادية أحاييناً .
كما أن جمود الحرب العسكرية , جعلت المواطن يقارن بين زمن الحرب المستمرة في كل يوم , بل في كل ساعة , وبين حالنا الآن السيء , حيث حررت غالبية الأرض , ومع ذلك كان الوضع الاقتصادي في زمن الحرب متوازنا , وكان المواطن يحصل على رزقه بطريقة أسهل , وبأسعار أفضل , متحملاً أوزار الحرب وويلاتها .
كما أن حرب التجويع , غير المسبوقة , لم ير المواطن َ الحكومات المتعاقبة بالعين المجردة , ولم نسمع بمبادرات خلاقة , أو ببرامج إنقاذية , بل بقيت حبيسة مكاتبها , جميع أعمالها في حدود الترقيع .
نعم يدرك المواطن العادي أننا في حرب اقتصادية , وحصار غير مسبوقين , ولكن على الوزير اجتراح المعجزات , ورسم الخطط البديلة , واعتماد مبدأ التقشف , وتبيان أسباب العجز , من خلال حوار هادف , وبناء , وشد الهمم لمضاعفة التحدي , وزرع روح المواجهة , وإلا فما هي مهماته ؟؟
.
وأن نتجاوز زمن (عبد الحليم خدام , ومصطفى طلاس , وغيرهم ) زمن هدر المال العام , زمن استشراء الرشوة والفساد , وتوريث الأولاد العمالة , وثروات خيالية , داخل البلاد وخارجها , زمن امتلاك أساطيل من السيارات , يتجاوز عددها لكل منهم ثلاث مائة سيارة , توزع على أولادهم , وأتباعهم , وعملائهم , ومحظياتهم .
نعم وبكل صراحة شعبنا الشجاع , المقدام , الصامد , الذي ربى الأبطال الشهداء , وحقق الانتصارات , يستحق وزراء ميدانيين , من الأكفاء , لا تعيش في المكاتب , بل في ميادين العمل , والإنتاج , تعطي كل طاقاتها . والأهم تفعيل القانون بمواجهة الراشين , والمرتشين , من وزراء , ومدراء , وتجار , ومواطنين , ومحاكمتهم علانية وعلى مرأى ومسمع من المواطنين .
………….ولكن ورغم حالة العوز , وكل المتاعب الحقيقية , التي يعاني منها مواطننا , والتي من أهم أسبابها الفساد , الذي يأت بدرجة واحدة , بعد الاحتلال , والحصار , علينا جميعاً نحن الذين نعمل في حقل المعرفة , الدعوة الدائمة إلى التحمل , والإبقاء على روح الصمود , والمواجهة , لأن البديل تمزيق البلاد والعباد .
…………وليكن الجميع على ثقة أن الأزمة الاقتصادية بكل فروعها وقتية , لأن أمريكا ستخرج من العراق , وسورية , مَلومةً , مدحورةً , وستعود (قسد) مستغيثة , زاحفة , للصلح مع الدولة , لأنها ستكون بين فكي كماشة .