مقدمة الفصل الخاص به في كتابي ( شعراء سلمية ) ج1 الصادر عام 2010 والمعنون
سليمـــان عـــــــــواد
شاعر الحقول والعطـــاء والأمــــــــــاني
هو شيخ من شيوخ قصيدة النثر في سورية، تقاسم الريادة فيها مع الشاعرين محمد الماغوط واسماعيل عامود. يقر بأن القصيدة العمودية عملاق أسس لشعرنا العربي، يعشق الحرية وينفر من القيود حتى ولو كانت في الشعر، يعتبر بحق أحد أهم أعمدة التيار الرومانسي في قصيدة النثر، يرسم ملحمته الخاصة بعفوية وصدق وحس مرهف، وقد كانت الرومانسية عنده موقفاً واعياً من الوجود.
تمسك بالريف كرمز للنقاء الإنساني، ودعا للتوحد مع الطبيعة في أشعاره، وفي قصائده دوماً هاجس الموت والقبر والعدم، ويعتبر أن الشعر حس ومعاناة. لم يكن يحب لقب أستاذ في الحوارات التي تجرى معه وحجته في ذلك أنه حتى كافور الإخشيدي كان يلقب به.
وكان عاشقاً متيماً تخاصمه الحبيبة كثيراً، يميل للعزلة، وقد قال عنه أحد أصدقائه أنه كعصفور دوري لا يقترب إلا من صديقه وحسب، وقد كان يردد دائماً:(لولا المرأة لما وجد الفن أو الإبداع، فهي ملهمة إذا أرادت وجحيم إذا لم ترد).
كان يحب التسكع، وكنت ممن يشهدونه في تسكعه على الأرصفة المؤدية إلى مقهى الروضة في دمشق، بعد أن أقفل مقهى الهافانا. أو في أروقة مجلة الثقافة، ولفافته تلتصق بشفته السفلى متأبطاً محفظة جلدية فقدت ألوانها، متخمة بالأوراق والأحلام والرؤى، بثياب معتقة وشعر مصفف بعناية.
كل ما يكتبه كان يخرج من أعماقه، يسكن الكلمات ويطير على أجنحة أحلامه. مات وقصيدته الأخيرة بين يديه، وقد نعته الأديبة كوليت خوري بقولها: (كنت أحس في هذا العالم الذي يعيش على الكذب والنفاق والحسد والدس، أنني أمام نبع فياض من الصدق والعطاء والحب، وأن مجرد وجوده في هذا العالم المريض بالحقد، كان يدعو إلى الإطمئنان والسرور).
بدأ الكتابة في منتصف الأربعينات من القرن الماضي ، نشر شعره أوائل الخمسينات في مجلة الأديب. أعماله الشعرية المطبوعة: سمرنار 1957 ـ شتاء 1958 ـ أغان بوهيمية 1960…
حقول الأبدية 1978 ـ أغان إلى زهرة اللوتس 1982 وبعد وفاته التي كانت في 18 – 1 – 1984 صدرت بمساعي ولده رياض مجموعته الأخيرة (الأغنية الزرقاء الأبدية) عام 1986.
وللشاعر تجربة في الترجمة، كما ترك عدة مخطوطات شعرية لم تر النور مرت به سنوات عجاف، وداهم بيته في أحد أحياء دمشق نهر (يزيد) فخرب أثاثه وعطب كتب الشاعر.
رحل وهو يردد (ماذا أكتب.. الكلام بقلبي مغطى بطبقة كثيفة من الصقيع)