حليــــفة القاعـــدة , وداعــــش , كما تريـــدها أمريــكا , أم ستغــيــر كل جلــــودها ؟
إلى أية مواقـع , سيأخـذها , واقعـها السياسي , الجـغرافي ــ الاجتـماعي ــ العـرقي ؟
المحامي محمد محسن
بعد استيلاء طالبان على كابل العاصمة , يعم التساؤل العالم :
هل ستتابع طالبان مسارها الإسلامي المتشدد , كما كانت في جبال (تورا بورا) نظيرة قاعدة ( أسامة بن لادن ) وحليفتها , التي انشقت عنها فيما بعد , أم ستتغير وتُغَيِّرْ ؟ .
عندما نحاول استشراف مستقبل طالبان كدولة , لابد وأن نضع في الاعتبار الأول , موقعها الجغرافي , وتعدد انتماءاتها القومية , فهي دولة غير بحرية , ومحاطة بالعديد من الدول أهمها الصين , وإيران ، والباكستان , كما أنها متعددة القوميات , ومتعددة الولاءات السياسية بتعدد القوميات , وسيكون لهذين العنصرين الدور الأهم في تحديد مسارها السياسي المستقبلي .
حيث سيضعانها أمام خيارين لا ثالث لهما :
الخيار الأول :
أن تبقى دولة اسلامية متشددة , نصيرة للقاعدة , وتفريخاتها (النصرة , وداعش) , عندها ستشكل بحكم الضرورة خطراً دائماً , وحالاً , مع دول الجوار , وعلى وجه الخصوص الصين , كما تريدها أمريكا وحلفها .
في مثل هذه الحالة , ستتعرض بنية افغانستان المتعددة القوميات والولاءات السياسية , للاستغلال من الدول المجاورة , من خلال إثارة النعرات القومية , والمذهبية , التي تهدد وحدتها الجغرافية , والوطنية , وتجعلها في حالة صراعات بينية , تحول دونها وتشكيل دولة موحدة مستقرة .
كما أن واقعها الجغرافي , الذي يجعل منها دولة غير بحرية , سيجعل من الهين محاصرتها , من الدول المحيطة بها كالسوار , وحرمانها من الاتصال بالعالم الخارجي , وهذا يشكل أكبر ضاغط أمام خروجها من عزلتها ,
الخيار الثاني :
الانتقال إلى الدولة المدنية , وهذا لن يكون سهلاً , وسلساً , لأن الانتقال من حركة اسلامية ظلامية مقاتلة , إلى دولة مدنية , لا يمكن أن يتم دفعة واحدة , بل لابد من الانتقال التدريجي , إلى عقلية المجتمع المدني , الذي يخضع للقوانين , والأعراف الدولية .
وهذا يفرض عليها التعاون مع جميع المكونات الاثنية الموجودة في افغانستان , ومد اليد إلى دول الجوار , سعياً وراء الاعتراف بها , والتعامل معها كدولة مؤسسات , تعمل بسياسة المصالح , لا بسياسة الحروب .
لكن هذا الخيار الصعب , سيضعها حتماً في مواجهة عسكرية , مع داعش , والنصرة , والحركات الإسلامية المتعصبة , التي ستفد إليها من كل الدول الاسلامية , باعتبارها أرض المنشأ .
, ولكنه ورغم كل المتاعب والمصاعب , التي ستنتج عن هذا الخيار , يبقى الخيار الذي نرجحه , من حيث المآل .
ولما كانت علاقات طالبان بدولة الباكستان علاقات متينة , حتى في زمن الحرب , هذه الميزة ستسهل تقارب طالبان مع الصين , بحكم علاقة الصين الطيبة بدولة باكستان , وبالتالي لن تكون بعيدة عن التعامل الودي , مع كل من روسيا وإيران , الدولتين الحليفتين للصين , والتي تجمع الثلاثة حالة عداء مع أمريكا , العدو التاريخي لطالبان , رغم مساهمتها في صناعتها , واستثمارها فيها ضد السوفييت , ثم انقلبت عليها .
كل هذه المؤشرات , والوقائع , والظروف الجغرافية , والاثنية , والسياسية , تؤكد أن افغانستان في عهد طالبان , ستتحول إلى دولة مدنية غير مستقرة , ولكنها وهي تتحول , بل ستتحول , ستغير الكثير من جلودها , وتحالفاتها , لا كما ترغب أمريكا , التي تحلم أن تشكل , خنجراً في خاصرة الدول الثلاث , الصين , وروسيا وإيران .