شارعاً فشارعاً
فوق هذا الاسفلت المحقون بالحقد
بين هذه الناطحات المعدنية المحشوة بالاغتيال
اتجول في زحمة المكان مع لعاب يسيل
كعرق يتصبب تائها بين التجاعيد
محملا بالبهارات والبقولات البلدية
وكثير من الرعاة عازفي الشبابات
اتلفّت كثيرا وانا اطرزالاختلاف بين الانبهار والملل
اشقّ سواقي للمياه الساقطة من قمم الجبال
فوق ارصفة المقاهي ورياض الاطفال
اطرد النساء من بيوت الزجاج
غرز مكانها مدفأة وموقدا لغناء الرغيف
شارعا فشارعا اجر خلفي مدينتي العذراء الخجولةي لا يصرخوا في عيني
مدينتي العطشى للازدحام
مدينتي الجائعة للضجيج الشرس
ارمي شالي على المارة العابرين
امشي عاريا كي لايرى جسدي احد
كيلا يصرخوا في عيني
اويرسموا فوق جبهتي اشارة الغرباءاو يرجمونني عيونا زوراء
كنت احتاج الى قليل من سقف السماء كي اطيّر فيها كلامي القروي
على اجنحة خيوط شمسية واجنحة طيور برية
تربّت على ثقوب مزمارنا الغجري فوق صخور الفوضى وعبث الاتساع وانكسار المهاوي زقاقا فزقاقا اتجول في اجساد النساء وفي مضائقهن المزدحمة بالشهوة
علني اعثر على بكارة طازجة ازفها لخنجر بدوي مسنون
يرفعها راية فوق خيمة الشرف الرفيع
اسير بلا امام بلا خلف وانا اردد طقوسي الوراثية لكنها لا تصطدم في جدار ولا يرجع لي صدى تتلاشى في كومة العجلات فيسحقها الضجيج
بقيت اجرسي معلقة في فمي ترن ومآذني فوق كتفي تصيح
جوّدت طويلا من سورة الرحمان وكثيرا من تراتيل المسيح
وما عثرت على زيتونة مريمية تمنحني الظل واللجوء
او عطفا سماويا او خبرا صحيحا
ربطت ابجديتي على حبل خيمة مهلهلة بين الناطحات الطويلات
لا احد هجّاها ولا القى عليها تحية الاجداد حتى اندهش الضاد
وبكى دمعة حزينة : كيف نسي الاحفاد جلبابنا الروحي
ومعطفنا النبوي وحبل المشيمة السري؟ يا إلهي !
بدأت احلم : في وجوه لا تعيش هنا
وزفاف لا يعيش هنا
وعشق لا يعيش هنا
وكلاب لا تعيش هنا
ومراعٍ لا تعيش هنا وفاتورة اطفال لا تعيش هنا وجهل لا يعيش هنا
وثأر الحسن والحسين لا يعيش هنا
والخلافة الاموية
وتضاريس الفتوحات
والسيوف الدمشقية لا يعيشون هنا
طويلا وعميقا اهجّي وادون هذه المفردات التي لنا من وجه جدرانهم
هربت دمعة حارة من عيني سالت عبر اخاديد الزمن فوق وجهي التعوب
دمدمت اغنية فجّت شراييني : يا ديرتي ما لك عليّ لوم
ايتها البلاد الفولاذية
جئت احوم فيك وانا هائم في زورق رخو من الهيام والحكايا
لكني ادكّ في عمقي سفينة محطمة
تكسرت قناديلها الزرقاء بعد رحيل فجرها الاول تطايرت حول وتريات الاجيال
وانمحى رونق القهقهات العتيق من سياجها الدائري
لم يعد كما كان قديما
طعم" لتسلسل الاسماء وجنود الاسماء وسيف الاسماء
ولم تعد للاسماء خيول تطارد حولها وتصهل حروفها الهجائية
وداعا ايها الفولاذ
سلاما ايها الرمل
لا شيء يلغيني من صحرائي وسرابي المائي
لا شيء ياسرني
كما اول مرة شلح الضباب قميصه السري عن عذراء وفاحت الاسرار
واعلن الحرية للمساجين المقدسة
وهتف انتم الطلقاء
حقاً يا بلادي انك وطن الضوء والعمى
فيك ما يكفي للوضوح رؤية كونية
وفيك ما يكفي للعمى ظلمة ابدية
وداعا يها الفولاذ
سلاما ايها الرمل
لا توقظوني
اخاف ان اصحو في بلاد لا ارى فيها رمل بلادي