بوحٌ رعويّ
هذا الصباح.. وبينما كنتُ أحتسي كوباً من الكمّونِ والشمرةِ والليمونِ… مرّتْ من أمامي أمٌّ فتيّةٌ نشرتْ بسمتها في وجهي وألقتُ عليَّ تحيّةَ الصباحِ… وبرفقتها ابنتها التي راحتْ تتمسّكُ بشغفٍ وخوفٍ بطرفِ فستانِ أمّها وهي تسيرُ بها إلى مدرسةِ الشهيدِ (س … )
قرأتُ هذه اللوحةُ السلوكية للفتاةِ الصغيرةِ تتصرّف وكأنّها تخاطبُ أمّها في طريقةِ تمسّكها بها وهي شاردةُ النظرةِ حولها بجميع الجهات… تقولُ لأمّها أشياء كثيرة… قرأتُ منها
/ أنا خائفةٌ ياأماه أستوحشُ الطريقَ والمدرسةَ وكلَّ شيء إلا أنتِ وأبي وأخي الصغير …أنا جائعةٌ .. أنامريضة … أناخائفة …… …/
أقولُ لروحي : كم نشقى نحنُ الفقراء في مجتمعاتِ القهرِ والتجهيلِ الممنهجِ والموصوفِ في رحلةِ تربيةِ وتعليمِ أولادنا وناشئتنا … حيثُ نشرع في تكبيرهم على أملِ أنْ نضعهم على سكّةِ مستقبلٍ آمنٍ بسلام وصحّةٍ وعافية… لنكتشفَ أننا نُكبّرهم بأحسنِ حالٍ للتهجيرِ والتشريدِ والتهشيل في جميعِ أقطارِ وجهاتِ الأرضِ بحثاً عن الأمانِ والحياةِ الكريمة…أو لساحاتِ التناحراتِ والصراعاتِ والحروب القبليّةِ والدينيةِ والطائفيّةِ والمذهبيةِ والعشائريّةِ والأسريّةِ والحزبيةِ وووو…
كم نحنُ أشقياء في رحلةِ القهرِ والعهرِ وثقافةِ التعصّبِ المقيتِ الذي يُحيلنا حيواناتٍ ساهمةٍ وهائمةٍ على وجوهها في زرائبَ مفتوحةٍ ومفضوحة … يتعاركُ فيها أخطر الحيوانات بوحشيةٍ باسمِ اللهِ والوطنِ والديموقراطيةِ المخادعةِ وحقوقِ الإنسان… في زرائبَ مفضوحةٍ ومفتوحةٍ على جميعِ أنواعِ وألوانِ الشرورِ والأحقادِ المتراكبةِ والمتراكمةِ فوقَ مسيرتنا العفنةِ والمشبوهةِ… إنّها مسيرةُ الوهمِ الموهومِ والوجعِ المُقيمِ الساكنِ في الأرواحِ والأجساد…هو الخوفُ من الماضي والحاضر والمستقبل يحكمنا ولارحمٌ لنا… (وها نحن نتناسلُ كالدودِ في مُستتقعاتِ الأفكارِ الظلاميةِ التكفيريةِ المقيتة بأساسِ هدمها للحياة… تلكَ التي تعانقنا وترسمنا وتُحيلنا أشباهَ بشرٍ يعيشونَ شبهَ حياة…!!!
حياة مندورة للقهر والعهر والطغيان …
حياة يحكمها الخوف من وعلى المستقبل الغامضوالمشبوه …
حياة مكرورة نجترُ فيها الألم والوجع…
حياة بلا أفق فوق هاوية عميقة وسحيقة من نار بلا قرار تُشبهها جهنّم كتاب الرب الموصوفة بالأهوال وكل مؤلم وقبيح
<—{★ رعويّاتُ راعٍ قطيعهُ الحروفُ والمعاني