لم يعد الزمن لصالح أردوغان، في عقد الصلح مع دمشق، لأن المعارضة التركية تسابقه
فمن يتمكن من حـــــــــــل الأزمات الأربعة، التي خلقها أردوغان، هو المهيأ للوصول إلى السلطة
لذلك لا نستبعد تــــــسارعاً في البحث الجدي مع دمشق، عن حلول ترضي الطرفين
المحامي محمد محسن
….
قلنا ونعود فنذكر، أن الواقع العربي، عند اندلاع حروب (الربيع العربي)، كان أرضاً خصبة للحركات الدينية السلفية، التي لاقت تشجيعاً، وتهيئة لتلعب دور رأس الحربة، في الحروب المقرر تفجيرها، ضد الأنظمة العربية الساعية للحرية.
ولقد وجد أردوغان في ذلك فرصة تاريخية، فكان المساهم الأكبر، في التمويل، والتدريب، والاحتضان، والتهيئة للحرب، وتخلى عن فلسفة رئيس وزرائه أحمد داوود أوغلو، (التوجه شرقاً، والعداوة صفر مع جميع دول المنطقة).
وصرح أنه سيعلن إعادة السلطنة العثمانية، من الجامع الأموي في دمشق، التي يدعو لإعادتها (حزب الاخوان المسلمين)، فأقام المخيمات لاستقبال اللاجئين، قبل اندلاع الموجة الأولى من الحرب ضد سورية، وراح يخطب مهدداً ومتوعداً، والثقة تغمر مشاعره، بأن السلطنة قد باتت حقيقة، بعد أيام أو أشهر قليلة.
لم تتحقق أحلامه، واحلام القطب الأمريكي ــ الاسرائيلي، وخسرت السلفية الجهادية، بكل تفريعاتها، بما فيها الاخوانية، والوهابية، وداعش، والقاعدة، غالبية مواقعها.
ليس هذا وحسب بل بات ما جهد أردوغان لتأسيسه، ورعايته، وتوظيفه، وبالاً عليه، ومهدداً جدياً لنزوله عن عرش السلطة، فالإرهاب في ادلب الذي أغلقت أبواب الاستثمار فيه، أصبح عالة عليه، ومهدداً لأمن تركيا ذاتها مستقبلاً.
أما اللاجئون الذين فتح لهم الحدود التركية، باتوا عبأً على المجتمع التركي، ولقد تقطعت بهم السبل، فبعضهم يرغب الفرار إلى أوروبا، والبعض الآخر يطرد بالقوة إلى داخل الحدود السورية.
ومثلهم (العسكريون المنشقون)، فلا يمكن دمجهم بالجيش التركي، ولا بد من إيجاد حل لهم من خلال التوافقات المنتظرة مع دمشق.
تبقى مشكلة الأكراد الانفصاليين، فكما تعاني منهم الدولة السورية، يشكلون خطراً حقيقياً على تركيا، لتعاونهم مع حزب العمال التركي الانفصالي، وهذه هي القضية التي ستكون محط اهتمام الدولة التركية، في أول حوار ستجريه مع دمشق.
ولقد أدرك أردوغان هذه الأخطار، التي تهدد بقاءه في السلطة، لذلك سيسعى جاهداً للتصالح مع دمشق، للتسريع في ايجاد الحلول لهذه الكوابيس الأربعة، قبل الانتخابات التركية، المقرر اجراؤها في شهر حزيران القادم، وإلا سيخسر السلطة.
وهو الآن يتسابق مع المعارضة التركية، التي أعلنت أنها ستتصالح مع دمشق، في حال فوزها في الانتخابات القادمة، والتي تشير استطلاعات الرأي تفوقها على أردوغان، لأنها اتخذت من الأزمات الأربعة التي خلقها أردوغان، سلاحاً لمحاربته، وتحميله مسؤولية ما اقترفت يداه.
ولكن علينا أن نعترف أن الانتقال من العداوة إلى التصالح، ليس أمراً سهلاً، ولا بد من المرور بمراحل تمهيدية، من هنا نتفهم التردد من دمشق ذاتها، ومن أردوغان، لأن الثقة مفقودة، ولأن أردوغان معروف بقدراته على المناورة.
ولكن الزمن ضاغط ومتسارع، على الدولتين، فعلى أردوغان تجاوز كل الخلافات مع دمشق، والسعي الحثيث لإيجاد حلول للأزمات الأربعة، قبل الانتخابات، وعلى سورية غز السير بهذا الاتجاه، التي يجب أن تنصرف كل جهودها لتحرير باقي الأراضي التي لاتزال خارجة عن سلطة الدولة.
لذلك ولما كانت مصلحة البلدين تتلاقى في إيجاد الحلول، لابد وأن تكون هناك إجراءات، وتحركات، ولقاءات، تمهيدية غير علنية، لاجتراح الحلول التي يتوافق عليها الطرفان.
وما انذار جهاز المخابرات التركي، للائتلاف السوري المعارض، بضرورة وقف جميع نشاطاته السياسية والإعلامية، في موعد أقصاه نهاية العام الجاري، وتراخي قطر في تمويله، إلا اعلاناً صريحاً للبدئ الجدي في التصالح مع دمشق.
ويبقى حل مشكلة الحركة الانفصالية الكردية، هي الهاجس الأهم عند الطرفين، لأن الاتفاق على حلها يفتح الطريق واسعاً، أمام باقي الحلول، ونأمل أن يكون العقل مرشداً، للأكراد الانفصاليين الذين تاهوا عن الخط الوطني، وتعاونوا مع العدو.