يكــادُ المــريـب ، أن يقـول خُــذونِ ، هكـذا فــعل الســنيورة ، وجعجع ومن مثلهما
ليســت الصـــدفة ، بل هو مســار سيــجرف كل الأورام الخــبيثة ، ما قـــبل وطــنية
قلنا إنها مرحلة تحـول ، وانتصار ، وهزيمة قطب ، وتغيير مسار ، انه الشرق القادم
المحامي محمد محسن
لا تقاس حركة التاريخ بحركة هنا ، ونقلة هناك ، بل هو تراكم لتحولات وانتقالات كمية ذاتية وموضوعية ، باتت الأطر الإدارية ، والتمثيلية غير قادرة على استيعابها ، في زمن ما ومكان ما ، فباتت النقلة النوعية مفروضة بحكم ضغط تلك التحولات ، مما سيقود إلى تشقق النظام القديم ، بكل أدواته التي تمثله ، ويُخلق الإطار التمثيلي البديل ، المتلائم مع الجديد النوعي .
لو نظرنا إلى التحولات ، والتغيرات الكمية ، التي شاهدتها منطقتنا ، منذ ما بعد عام / 2003 / وأهمها ولادة المقاومة في العراق ، ورفض املاءات ” كولن باول ” على سورية ، وانتصار المقاومة اللبنانية التاريخي والجذري على العدو الأشرس ( اسرائيل) عام / 2006 / .
لتبين لنا حجم التغيير الكمي الذي طرأ على واقع المنطقة بكل أبعاده ، العسكرية ، والاجتماعية ، التي غيرت المناخ النفسي ، والمعنوي على الأخص بكامله في المنطقة .
لم يلحظ الاستراتيجيون الأمريكيون ، والأوروبيون ، والاسرائيليون ، والعثمانية الجديدة في تركيا ، هذه التحولات ، بل دفعتهم على ما بدى إلى الثأر واعادة الحال إلى ما كان عليه !! ،.
أما ملوك وأمراء الخليج فعلينا أن نضعهم خارج أي حساب ، في أية معادلة ، لأنهم أجراء ” مساكين ” يؤمرون فينفذون حتى ولو كان ضد مصالحهم ، لأن الغرب قال لهم : نحن نفكر عنكم ، ونحميكم ، فقط احرسوا النفط ، وهاتوا ثمنه ، واستمتعوا بغرائزكم من خلال الفتات الذي نتركه لكم .
العتبُ الكبير على اسرائيل ، لأنها المكلفة من قبل الغرب بإحصاء ” أنفاس العقول ، والعقلاء ” ومراقبة جميع التحولات في المنطقة ، لكنها هذه المرة أخطأت في الحساب ، حيث أخذها فائض القوة ، وبالغت في الحلم ، وقادتها الرغبة ، فانجرفت مع السيل الغربي العرم ، والأمل يحدوها وشركاؤها الغربيين ، أن ” سحق ” شعوب المنطقة هو الطريق للسيطرة الأبدية على مقدراتها ، والتحكم بمسارها ، فحقت عليها اللعنة وعلى حماتها .
فتوجه كل العزم العدواني إلى سورية ، حيث العقدة ، والمبتدأ والخبر ، فمن يأخذ سورية ، يأخذ الشاطئ الشرقي للبحر الأبيض المتوسط ، ومن يأخذ شرق البحر الأبيض ، لا يسيطر على المنطقة ، بل يغلق البوابة الضرورية لانطلاقة الشرق (التي ينتظرها ) نحو العالمية .
فكانت المعركة الكبرى على الميدان السوري ، التي حشد لها الغرب كل أسلحته ، بما فيها أدواته الاسلامية المتوحشة التي تركها ليوم كريهة . استفاق الشرق (روسيا ، والصين) وأدركا ان الغاية من حيث المآل ( هما) فانخرطا في الميدان ، فكانت النتيجة وكان المآل ، وكان التحول الكبير ، ليس على مستوى المنطقة ، أو الشرق ، بل سيشمل العالم ـــ بكل ما في هذه العبارة من أبعاد ـــ ، لأن هزيمة الغرب ” المستعمر للحضارة ” ، هو ” خلاص للحضارة وللبشرية ” ، هذا ما حدث ، ونحن في مرحلة الانجاز ، والاستكمال ، وتحقيق النقلة النوعية الأخيرة .
من أدرك حجم هذه التحولات الكمية الكبيرة ، والتاريخية ، يدرك أننا في مرحلة النقلة النوعية الحضارية نحو المستقبل ، ويحسن اللعب مع الواقع ويربح ، ومن لم يدرك ذلك ، بسبب بصيص من أمل كاذب لايزال يراوده ، أو حقدٍ يلغ تفكيره ، يخسر اللعبة كلها ، ويخرج من الملعب .
من هنا علينا أن نقرأ ما حدث ويحدث في لبنان والعراق ، البعض المنتمي إلى زمن الأطر الاجتماعية العتيقة ، زمن المليشيات ، والمافيات ، والاقطاعيات ، والمشيخات ، (والمنتمي وراثياً إلى ما قبل الوطنية) ، وبعد أن صعقه التغيير ، وقال له الواقع أنت لم تعد تتلاءم مع الواقع الجديد المتغير .
أراد ان يتملص ويمتطي التحرك المطلبي المشروع ، فلفظه الواقع والتحرك ، وأشار له بالبنان أنت لست منا ، بل أنت المقصود بالنفي .
في العراق هاجموا (القائد المقاوم قاسم سليماني) الذي ساهم بتخليصهم من الارهاب ، وأمنهم من خوف ، كما حرقوا السفارة الإيرانية ، كأن أيران هي التي دمرت ولا تزال تدمر العراق ، في الوقت الذي دفعت فيه دماً من أجل حرية العراق من أمريكا ومن الارهاب .
وكذلك في لبنان وعلى الأخص طرابلس ، حيث رفعوا شعار (التضامن مع إدلب) ، ودقوا على الطناجر مذكرين [ بالعرعور ] في حمص ، وبعضهم شتم من حرر لبنان ، وحماها ولا يزال .
كل هذه المظاهر تنتمي إلى الزمن البائد الذي هُزم ، أو يكاد ، وهذه آخر صيحة لها ، وتعبير عن وجودها الآفل .
[ قلنا ونعود فنقول : كل التفاعلات التي تتم في المنطقة العربية كلها ، العسكرية ، والاجتماعية ، بمظاهرها السلبية ، وبنجاحاتها ، ما هي إلا حالة تملص من مرحلة ما قبل وطنية ، والنقلة إلى زمن الحرية ، زمن الخلاص من الزمن الأمريكي ، بكل ذيوله ، ومحمياته الدينية ، ومخلفاته من العملاء والأجراء ] .
[ فبقدر ما تشتد المحن والصعوبات ، وتحتد الأزمات ، بقدر ما تستنفر الأمة طاقاتها ، وامكاناتها ، وفق القاعدة المشهورة (التحديات الكبرى هي التي تصهر الشعوب وتشحذ هممها للوصول إلى الحل) و (بحجم الهموم تأت الهمم) ] .
……………..نعــــــــم نحــــــــن فــــــي مرحــــــلة التصــــــفية …