عشقْتُكَ – يا عليُّ- ففاضَ قلبي
بأنسامٍ وألحانٍ عِذابِ
رأيتُكَ في الزَّمانِ وفي المكانِ
وشِمتُكَ في السماءِ وفي الترابِ
وفي عينيْ , وفي قلبيْ وروحيْ
وفي همسيْ , وصمتيْ , في كتابيْ
وفي صبحي الكريمِ , وفي ارتحالي
إلى دنيا الأهلّةِ والغيابِ
وفي أمليْ , وفي ألميْ وحلميْ
وفي فرحيْ وشوقيْ واكتئابي
قرأْتُ النّهجَ كي تشتارَ روحي
عبيرَ القطرِ مِنْ ذاكَ العُبابِ
نهلْتُ العلمَ ظمآناً لهيفاً
ولا ألوي على خِدَعِ السّرابِ
ففاحَتْ روضتي النشوى عبيراً
وسحَّ العِطرُ في تلكَ الروابي
وأمرعَتِ الربوعُ , ربوعُ روحي
فكنْتَ الهَديَ , بلْ فصلَ الخطابِ
قرأْتُ النّهجَ , فانجلتِ السَّجايا
وفاضَ الغيثُ مِنْ خللِ السّحابِ
فليتْكَ – يا عليُّ – بكلِّ قلبٍ
لننعمَ بالخلاصِ وبالمآبِ
رأيتُكَ , يا عليُّ ! – فداكَ روحي–
بقافيتي نشيداً في اغترابي
وفي سِنَةِ الهجوعِ أراكَ حلماً
وفي ترتيلِ آياتِ الكتابِ
وليْتَ رجالَنا تخذُوا عليّاً
لهمْ مثلاً بأكنافِ الهِضابِ
وفي المَيدانِ في شوطِ المنايا
وفي ساحِ الحياةِ وفي اللُّبابِ
ستبقى – يا عليُّ – مدارَ روحي
إليكَ , إليكَ قدْ شُدَّتْ رِكابي
ومِنْ خَفراتِكَ البيضِ ارتشافي
غذاءَ الروحِ في روحِ الشبابِ
إليكَ , إليكَ تمضي الروحُ يوماً
إلى طهرِ المَحجَّةِ , والقِبابِ
وإن أفخر بمجدٍ في حياتي
ففخري أنني منْك َ اكتسابي
وشِعري – يا أميري- فيكَ يسمو
على روحي وقلبي وانتسابي
ولي منْ حُبِّ فاطمةٍ عبيرٌ
ولي في فيِئِهِ النِّعَمُ السَّوابي *
ويكوي حُبُّ فاطمةٍ ضلوعي
فأرشفُ مِنْ شذا خمرِ الخوابي
إلى الحسنَينِ يُشرِفُني يقيني
لأَحظى بالنوالِ وبالثوابِ
لأحمدَ مِنْ مزاميري ابتهالٌ
كنجوى الآهِ في ساعِ المآبِ
رأيتُكِ في سنا روحي سناءً
وفي آفاقِ آفاقِي الخِصابِ
* السوابي : النّعَمُ ……
وفي بِدْعِ الجمالِ أراكِ بدراً
سنيَّ النورِ مِنْ خلفِ السّحابِ
رأيْتُ اللهَ في بَدَواتِ فكري
وفي الألحانِ في أسحارِ غابِ
رأيتُ الله في جبلٍ وسهلٍ
وفي قلبي , وفي ألمِ العذابِ
تجلّى في لهيبُ الشوقِ ناراً
على طَورِ المحبَّةِ كالشهابِ
تجلّى الكوكبُ الدُّريُ فجراً
وضيئاً رغمَ أمواجِ الضَّبابِ
وماجَ الأُفقُ نَوَّاراً وسِحراً
وإن كانُوا كخافيةِ الغُرابِ
سيُجلى الليلُ عن وطني ويأتي
صباحي بعدَ أحزانِ الغيابِ
ويُصغي – يا ورودَ الشامِ – قلبي
لوقعِ النَّاي , أو زقوِ الرَّبابِ
وتمرحُ في الرُّبا غِزلانُ نجدٍ
ويشدو الشِّعرُ للغيدِ الكَعابِ
ويصفو كالنّميرِ رنينُ عودي
حنيناً للتولّهِ والعِتابِ
حننْتُ إليكَ يا وطني معافىً
حنَنتُ إلى المرابعِ والصِّحابِ
حننْتُ إلى الرّبوعِ بلا دموعٍ
ولا ثكلى , ولا وجعٍ وصَابِ
إلى شامِ الجمالِ – وجلَّ حسْنٌ–
عنِ الأحقادِ , عن قُبحٍ وعابِ