"زواج السترة.. جهاد النكاح.. " مسميات عديدة ابتدعتها أفكار إجرامية لمخربين سعوا ومازالوا لتدمير المجتمع السوري بما فيه من عادات وقيم اجتماعية ودينية و اخلاقية وللتستر على ظواهر خطيرة لم تكن رائجة في مجتمعنا من قبل، ولعل أخطرها ظاهرة "الاتجار بالبشر"، كونها تستهدف الإنسان بشكل عام والنساء والأطفال بشكل خاص.
مما لاشك فيه أن البلدان التي تشهد نزاعات وحروب أصبحت محط أنظار ممتهني هذه التجارة غير الشرعية سواء من خلال اتخاذها كبلد مصدر أو نقطة عبور أو حتى مقصد.
ولمواجهة هذه الظاهرة أقامت وزارة الداخلية ورشة عمل تحت عنوان "جرائم الاتجار بالبشر وسبل مكافحتها"، وكان للإعلام الالكتروني على هامش الورشة لقاء خاص مع السيد معاون وزير الداخلية اللواء حسان معروف حيث قال: "أصبح الاتجار بالأشخاص ظاهرة عالمية تمس جميع المجتمعات الحديثة، وهي تشكل تهديداً بالغاً للأفراد والمجتمعات بما تمثله من انتهاك وخرق فاضح لحقوق الإنسان"، مضيفاً أن "الازمة السورية وخلال سنوات أربع خلت، شكلت أرضاً خصبة وسوقاً مزدهرة لتجار امتهنوا الاتجار بالانسان".
و أشار اللواء معروف إلى أن "شريحة واسعة من السورييين يعيشون في مخيمات اللجوء والنزوح في الدول المجاورة، دفعتهم التنظيمات الارهابية المسلحة إلى النزوح خارج الوطن وتحول الكثير منهم إلى ضحايا جرائم الاتجار تحت حجج وذرائع عديدة ، فانتشرت بكثرة ظاهرة (زواج القاصرات) التي حولت المرأة السورية إلى مادة إعلانية للبيع والشراء ".
أمّا في مناطق انتشار إرهابيي تنظيم "داعش" فقد راجت عملية تجنيد الأطفال في الأعمال القتالية، كما ظهرت للعلن (أسواق النخاسة) لبيع النساء، فضلاً عن الاتجار بالأعضاء البشرية عبر تركيا إلى "إسرائيل"، وفق ما أكده لنا اللواء معروف.
وعن التشريعات القانونية والاجراءات التي اتخذتها الدولة السورية لمكافحة هذه الظاهرة، قال معروف "تتمثل هذه التشريعات بالمرسوم التشريعي رقم /3/ لعام 2010 المتضمن قانون منع الاتجار بالأشخاص والذي حددت مواده إجراءات تكفل حقوق الضحايا وتأمين اندماجهم في المجتمع وتشجعهم على التعاون مع السلطات المختصة، مشيراً إلى الجهد الكبير الذي تبذله الدولة السورية من خلال الانضمام إلى الاتفاقات الدولية ذات الصلة وموائمة القوانين والتشريعات الوطنية معها".
كما أوضح اللواء أن " معالجة هذه الظاهرة قد تواجه الكثير من الصعوبات والعوائق عند محاولة تطبيقها على الأرض، كذلك في وضع إحصائية للأشخاص الذين وقعوا فريسة تجار البشر، ولعل أهم الصعوبات عدم تعاون دول الجوار وغيرها في تبادل المعلومات وعدم توثيق حالات الاتجار التي يتعرض لها السوريون في بلدانهم، بالإضافة لعدم توفر الجرأة عند الاشخاص الذين تعرضوا للاتجار في الإبلاغ عما تعرضوا له من وقوعهم كضحايا خوفاً من تهديد هذه الشبكات والعصابات الإجرامية لهم بإيقاع الأذى بهم أو بذويهم أو بتهديدهم بالإجراءات القضائية من طرد وترحيل".
فيما اعتبر اللواء معروف أن "الصعوبة الاكبر هي الطابع الدولي للجريمة حيث يكون بعض أطراف وأشخاص هذه الشبكات خارج سوريا ما يؤثر على عملية التحقيق والإحاطة بكافة جوانب الموضوع، والأهم من هذا وذاك عدم إدراك الضحايا لحقوقهم وأوضاعهم القانونية وأنهم في منأى عن قواعد التجريم والعقاب بالنسبة لجرم الاتجار".
وأضاف معروف أن "سورية تفردت بإحداث إدارة متخصصة في مكافحة جرائم الاتجار بالأشخاص تسمى إدارة مكافحة الاتجار بالأشخاص، مؤلفة من ممثلين عن عشر وزارات والعديد من المنظمات والهيئات الشعبية والرسمية والأهلية". وختم معروف حديثه بإلقاء الضوء على محاور الخطة الوطنية للحد من جرائم الاتجار بالأشخاص على المستوى الوطني والإقليمي والدولي، منوهاً الى أن الدولة السورية تعمل جاهدة للتعريف بخطورة هذه الظاهرة على جميع المستويات من خلال إقامة ورشات عمل مستمرة على مدار العام.
جريمة الاتجار بالبشر لا تزال تعتبر مشكلة معقدة تهدد العالم بأسره كونها تتجاوز كل الحدود الإنسانية والجغرافية، معتمدةً سرية وخبرة مافيات منظمة ومتخصصة، جعلتها ثاني أكبر تجارة غير شرعية بعد المخدرات، ومن هنا يتوجب على المجتمع الدولي أن يتحد ويكثف جهوده لمواجهة مشكلة تدق مؤشرات ازديادها نواقيس الخطر، ولاتنفع معها الخطط والاستراتيجيات النظرية التي لا تجد لها تطبيقاً على الأرض.
خاص مركز الاعلام الالكتروني_ (جاكلين حمود)
العودة للقسم | أضف تعليقك |