كتب الصحفي خالد رزق نائب رئيس تحرير صحيفة "الأخبار المصرية" بعد زيارته لسوريا، مقالاً نقل فيه مشاهداته عن الوضع في بعض المدن السورية.
وقال رزق في معرض مقاله: "عندما يكون الحديث عن سوريا، فإن الأمر للمصريين هو الحديث عن جزء من الأرض والشعب المصري نفسه، بهذا تقول حقائق التاريخ والجغرافيا والوجدان الحضاري الجمعي لكلا البلدين".
وقارن الصحفي رزق بين الحالة المصرية والحالة السورية فيما يسمى "الربيع العربي"، وأشار إلى أن "المشكلة في الحالة السورية أنها كانت مختلفة وبالكلية عن الحالة الثورية المصرية فالواقع المصري الذي استدعي ثورة تقتلع نظاماً تابعاً فاسداً قيادة وأعواناً وحزباً، نظام نسي بجميع مكوناته، لم يكن ما يقابله في سوريا، فلا النظام عرف بالتبعية، ولا مارس الفساد الشامل الذي عاشته مصر 30 عاماً. لم يكن في قاموس الحراك الشعبي وحركة الاحتجاج السورية الواسعة ولا بين مفرداتها أي حديث عن العيش والكرامة الإنسانية، وإنما تركزت مطالب الناس في مظاهرات الاحتجاج على الإصلاح السياسي، وهي مطالب مشروعة صائبة وواقعية في عالم ما بعد الألفية الثانية".
وأضاف "الاحتجاجات السورية سرعان ما شهدت تحولات عنيفة بعدما دخلت التنظيمات والجماعات وفي مقدمتها الإخوان على خط الاحتجاج الشعبي واستغلته للمناداة بإسقاط النظام وهو الأمر الذي لم يكن مقبولاً عند القيادة السورية التي أدركت أن هذه الجماعات إنما تسعى إلي مصير أفغاني أو عراقي لبلادها وبدأت قوي الأمن باستخدام العنف المفرط في مواجهة الاحتجاجات وهو ما تسبب في سقوط ضحايا ما بين قتلي وشهداء.. وهنا خرج الأمر عن الطوق وبدلاً من مطالب بالإصلاح ظهر السلاح بين الحشود وبحجة الدفاع عن المتظاهرين استخدمت أسلحة القناصة والبنادق الآلية في قتل أفراد وضباط الأمن".
كما أشار رزق إلى تورط الإخوان المسلمين في الأحداث السورية ومن خلفهم تركيا وعدد من الدول العربية: "رصدت الدولة السورية تحركات لا وطنية عابرة للحدود من قيادات الإخوان الذين صار واضحاً أن تعليمات التصعيد الدموي القادمة من تركيا كانت هي التي تحركهم كما رصدت اتصالات أمريكية بأطراف في الداخل لتنسيق عملية الخروج عن الدولة وهدم المؤسسات ونشر الفزع وبدأت عمليات الملاحقة للمسلحين، لكن ما لم تعمل الدولة له حساباً هو دخول دول عربية كمحرك وداعم وممول لجماعات مسلحة شديدة الإجرام والتطرف لإسقاط النظام السوري، وهي الجماعات التي حازت اسلحة الحرب الفتاكة وكانت السبب الرئيس لواحدة من أفدح الكوارث الإنسانية الاجتماعية والحضارية التي تمر بها سوريا عبر تاريخها، عبر حرب دموية على الأرض تستهدف وحدة الوطن السوري وتمزيق شعبه".
وأكد الصحفي المصري أن "الحال في سوريا وباختصار هو حال بلد شهد ويعيش حرباً تستخدم فيها الأسلحة الميدانية الثقيلة في أحيائه وشوارعه".مضيفا أن " الجماعات المسلحة اتخذت من الأهالي دروعاً بشرية ووضعتهم تحت قوانينها الجاهلية الخاصة واستباحت دماءهم وأعراضهم".
وأشار الكاتب إلى أن ما يحدث في سوريا هو "مخطط للدمار والتقسيم تنفذه لحساب الغرب والصهيونية جماعات كارهة للحياة وللحضارة الإنسانية شاغلها هو نشر الموت والفزع وجر المجتمع إلي عصور الجاهلية وجماعات من مسلحين تختلف انتماءاتهم ومرتزقة عرب وأجانب، جماعات قتلت واختطفت وعذبت واغتصبت أفراد الشعب.. قصفت مدنه وأحياءه بقذائف الهاون والكاتيوشا ضربت كل ما طاله سلاحها من مكونات مؤسسات الدولة".
وأوضح أن "سوريا لا تخوض حرباً ضد الإرهاب وحده وإنما حرب وجود تحالف فيها الإرهاب مع كل أعداء الدولة والشعب في الغرب وإقليمياً، حرب يراد منها تقسيم الوطن السوري وتشريد شعبه، وإخراجه من صف المواجهة مع الكيان الصهيوني، فإن كنت من بين من يشككون في الأمر راجع كيف وأين وجه الطيران الصهيوني قصفه ولأكثر من مرة إلي الجيش السوري ففي كل مرة وقع فيها عدوان علي سوريا كان الهدف هو نجدة الميليشيات المسلحة ومنع الجيش النظامي وقوي المقاومة الوطنية المتحالفة معه ومن بينها حزب الله من تحرير المناطق الواقعة تحت سيطرة هذه الميليشيات بعد ما كاد الجيش أن ينهي وجودها فيها".
وأخيرا، أكد الصحفي المصري خالد رزق أن "الوضع الملتبس في سوريا لم يعد في الأحوال الغالبة ملتبساً على الشعب، وإنما عرف الشعب موالاته ومعارضته الوطنية أن لا مكان لهم في هذه الحرب الوطنية إلا في مواقع الاصطفاف مع الدولة ومؤسساتها، الجيش والأمن وغيرهما. أما أصوات المعارضة الخارجية التي بعدها تطالب بتفكيك المؤسسات فهي واقعياً وعملياً ووجدانياً منفصلة وبالكلية عن إرادة الشعب السوري التي لا يحكمها أو يتحكم فيها اليوم غير الإصرار على الاحتفاظ بوحدة أراضي الوطن والخلاص من أعداء الحياة على أرضه".
خالد رزق. خاص بتوقيت دمشق