بقلم: د . حسن أحمد حسن
يبدو أن زمن العجائب السبع والمستحيلات الثلاث قد ولى وإلى غير رجعة، وبدأنا نعيش في عصر كل ما فيه غريب وعجيب، والكثير منه قد لايخطر على بال الشياطين، فأنصار الشر وعشاق الظلمة والجهل تطاولت أنيابهم المسمومة ومخالبهم المحقونة بفيروسات الخيانة واغتيال الأوطان، ولم يعد يهمهم افتضاح أدوارهم القذرة ولا تدلي سلاسل العبودية من رقابهم وهم يزحفون لإشباع غرائز مالكيهم وتعطشهم لسفك أكبر قدر ممكن من الدماء البريئة وإشعال الحرائق التي لا تخلف إلا المزيد من الكوارث والويلات والآلام، وكلما اقترب نخاسو القرن الحادي والعشرين من اليقين بانتهاء صلاحية عبيدهم وكلاب صيدهم المأفون يزداد أولئك سعاراً، فيعلو العواء والنباح والفحيح ، وتطفو سموم عائدات النفط والغاز على بحر من الدم تتلاطم أمواجه حاملة مع شرور قراصنة الليل آمال الانحسار الحتمي لطغيان قتلة اعتادوا التلذذ بجراحات الآخرين وآلامهم ، والرقص على جماجم الضحايا وتبادل أنخاب الرعشة بالقتل والاغتصاب والتدمير والخراب وانتشار ألسنة اللهب من عدن إلى حلب.
قرابة سبعين عاماً وأعراب الردة يتنافسون بتقديم فروض الولاء والطاعة لولي نعمتهم وحامي عروشهم الصهيوني بريطانياً كان أم أمريكياً أم أطلسياً أم غير ذلك من مسميات… قرابة سبعين عاماً وسيوفهم الصدأة لم تغادر قرابها إلا لتزيد النزف المتفجر من كل أنحاء الجسد العربي المثخن بخيانات الظلاميين الجدد… قرابة سبعين عاماً وفلسطين المصلوبة على شرفات مواخير مجونهم تغتصب جهاراً نهاراً وهم يقهقهون على صراخها المخنوق.. قرابة سبعين عاما وأفواههم النتنة تنفخ لتطفئ نور الحضارة الشامية التي وزعت الحرف الأول في شتى أصقاع الكون لكن هيهات هيهات.
لوحة الحرائق المتنقلة من ليبيا إلى سيناء إلى اليمن ففلسطين وسورية والعراق وصولاً إلى أوكرانيا تؤكد أن وظيفة إشعال الحرائق وإذكاء نار الحروب بالوكالة تقترب أكثر فأكثر من أسوار عالية وقادرة على قطع الأوكسجين عنها لتخمد وتبتلع مع ألسنة لهبها الوشاة والسعاة والسيافيين وجامعي الحطب والمصفقين والمشعلين دفعة واحدة، وهذا ما يدركه الأجراء والأزلام واللقطاء كما يدركه من يشغلهم، فأسوار الانتماء الخالص لموطن النور وجينات العزة والكرامة والسيادة التي لا تقبل الانتقاص ولا المساس كانت وستبقى أمنع من أن تتجاوزها نيران الجاهلية بشتى وجوهها وأشكالها حتى وإن بلغ حجم التسلح الوهابي ثمانين مليار دولار في عام واحد، وإذا كانت آبار النفط والغاز قادرة على تشويه معالم العروبة والإسلام واستبدال جذور العزة والإباء والخصب التي يحملها النخيل المعروف بالقدرة على تحمل الجفاف والعطش فإن السيف اليماني والدمشقي اليوم أكثر قدرة على تقطيع قنوات العمالة والارتهان للخارج المتآمر الذي استبدل بلح نجد والحجاز بما يشبه التمر لكنه منتج مهجن تفوح منه روائح الصهيونية البغيضة.
نعم تستطيع الطائرات السعودية وصواريخ القتل والإبادة أن تدمر المدارس والمخيمات والمصانع اليمنية، وتستطيع أن تقتل وتنشر الدمار، ويستطيع رعاة الإرهاب الوهابي ومن يستظل بعائدات نفطهم وغازهم أن ينشروا الآلام والمواجع في اليمن السعيد، لكنهم لن يفلحوا في منع العروش المبنية على الرمال من الارتجاج والسقوط مع أول ارتدادات يخلفها الرد على عربدتهم ومجونهم وجنونهم السياسي والأخلاقي والإنساني المحكوم بالانقراض العاجل لا الآجل.
وكما هو حال الإرهاب الوهابي كذلك حال نظيره الأردوغاني الذي آثر أن تكون هدية عيد الفصح المجيد مزيداً من الدماء البريئة ومزيداً من الآلام والآهات والتدمير انتقاما من سكان حلب الشهباء على تمسكهم بانتمائهم الوطني والإنساني، أسطوانات الغاز المتفجرة وقذائف الهاون والصواريخ محلية الصنع لم تعد تروي عطش أردوغان ومن حوله من مصاصي الدماء، أضافوا صواريخ جديدة ذات طاقة تدميرية عالية فدكوا البيوت فوق رؤوس ساكنيها وراهنوا على أشلاء الأطفال والنساء والمدنين الأبرياء وهم نيام ليصادروا إرادة الحياة عبر الإمعان أكثر فأكثر في ارتكاب أفظع الجرائم التي يندى لها جبين الإنسانية، ومن حق المتابع العادي أن يتساءل عن سر هذا التصعيد الهستيري بالتزامن مع ما تم الاتفاق عليه في موسكو بين وفد الدولة السورية وممثلي المعارضات، وظهور بوادر إمكانية التوصل إلى حل سياسي يحافظ على سيادة الدولة السورية وسلامتها وضمان خروجها من أتون الحرب محافظة على نسيجها ووحدتها وسلامتها جغرافياً وبشرياً؟؟ ومن حق المتابع العادي أن يتساءل أيضاً عن أي إرهاب تتحدث واشنطن إنها تقود تحالفاً لمحاربته في الوقت الذي ترفض فيه مع كل من لندن وباريس وعمان أن تكون داعش على قائمة عقوبات مجلس الأمن الدولي الذي سبق وأصدر بالإجماع عدة قرارات تصنف داعش والنصرة وشبيهاتهما بأنها تنظيمات إرهابية يجب على جميع دول العالم مواجهتها ومعاقبة من يتعاون معها أو يقدم لها أي تسهيلات في التمويل والإقامة والعبور وبقية أوجه الدعم والمساندة؟؟؟.
باختصار شديد يمكن القول إن الهستيريا التي تتحكم بمشيخات الخليج وحكومة أردوغان تؤكد عجز عصابات القتل والإجرام التي استجلبوها بعد أن استولدوها من كل أنحاء الكون عن تنفيذ المخطط التفتيتي الذي يستهدف جميع دول المنطقة دونما استثناء، ولأن المشغلين الإقليميين في أنقرة وبقية عواصم الإرهاب الوهابي الإخواني على يقين بأن مشغلهم الصهيو أمريكي سيحيلهم إلى التقاعد أو يستعجل بإرسالهم إلى الدار الآخرة بعد فشلهم الذريع وإخفاقاتهم المتتالية وعجزهم المطبق والمركب عن تنفيذ الدور الوظيفي المناط بهم أوعزوا إلى عصابات القتل والإجرام لرفع سقوف الإرهاب الموصوف والانتقام من عشاق السيادة والكرامة، وإذا كان هناك من يراهن على إمكانية إعادة خلط الأوراق من جديد عبر إشعال الحرائق وتنقلها من المدن اليمنية إلى المخيمات الفلسطينية إلى حلب الجريحة وغيرها من المدن والبلدات السورية فحال جميع السوريين ومن معهم يقول: إرادة الشعوب كانت وستبقى عصية على المصادرة، والجرائم التي يتم تسويقها على أنها نجاحات ميدانية تكتيكية سيتبين للجميع أنها تحمل كل مقومات الخسارة الاستراتيجية لجميع أطراف التآمر والعدوان قادة وحلفاء وأدوات تنفيذية مأجورة» فتمتعوا قليلاً إنكم مجرمون».