دُعيتُ إلى أمسيةٍ شعريّة بمناسبة عيد الأمّ والربيع في (تل درة) التابعة لمنطقة سلمية، ولم يكن عندي قصيدة عن المناسبة، فحلّقتُ في الخيال، وكانت هذه القصيدة:
درج الربيـــــعُ فرتّـــلَ الشعـــراءُ
وتعطّــرت مـن طيبِــهِ الأرجـــــاءُ
آذارُ سكْبُ الخمـرِ فــي سهراتِهِ
والحـبُّ دَفْــقُ تولّــــهٍ وعطــــاءُ
لمّا رأيـتُ الزهــرَ بـــاحَ بســـرِّهِ
وتسلّطـت فــوقَ الرّبـــا أضـــواءُ
آمنتُ بالسحرِ الخبـيءِ بفتنــةٍ
للنفسِ مـــن أنــوارِهِ ستُضـاءُ
وسكبتُ صفوَ الشهدِ في نسماتِهِ
خمراً ، فعانقـتِ النسيــمَ سماءُ
وتمازجتْ لغتي بشدوِ طيــورِهِ
فعرفتُ كيـــفَ تمــازَجُ الأصداءُ
يا واهبَ الأزهـارِ عطــرَ أريجِــها
عذراً فإنّكَ فصلُهــا المعطــــاءُ
لكنّني أهـوى الزهورَ ومُنيتي
خصبُ الترابِ ، وديمـةٌ سمحاءُ
تسقي البـلادَ بسكبِها وبعطرِها
فلكَمْ سقتْها في الزمانِ دماءُ
فتسربلَتْ ثوبَ الشقائقِ وانثنتْ
سكرى يكلّـلُ وجهَها الخيـلاءُ
فتنُ الجمـالِ من الربيعِ تباركتْ
في حسنهـا يتسامرُ النّدماءُ
وتفتّحَ القلبُ الجريحُ وأقبلَــت
نحوَ الفـــؤادِ صبيّةٌ هيفـــاءُ
يا روعةً ملكتْ فؤاداً صامتــاً
أعيا الزمانَ ، وخابَ منهُ رجاءُ
والآنَ أصرخُ ثائراً مـن سحرِها
وأعيدُ لفظـاً عابَـهُ الحكمـــاءُ
مَن تشتريني باحمرارِ شفاهها؟
فلقد تُقدَّسُ لميةٌ حمــــراءُ
فأنا الذي ملأَ السماءَ دعاؤُهُ
إنْ كانَ ينفعُ في الغرامِ دعاءُ
يا ربُّ لطفَكَ .. إنّني رهنُ التي
تركتْ جنانَكَ .. واسمُها حــوّاءُ
وأريدُهــا حريّــةً .. لا ترتضـي
ذلَّ القيــودِ .. فيستقيمَ بناءُ
فالأمُّ مدرسةُ المعالي كلِّهـــا
إنْ لم تُعَلّمْ .. يكثرِ الجهـــلاءُ
أفدي التي أعطتْ لِباناً طاهراً
من صدرِها .. إنّ الحياةَ فــداءُ
هذا الربيعُ جلالُهُ في عيدِها
فالأمُّ من دررِ الربيــعِ سخاءُ
21 / 3 / 1993 … سلمية