زفافها من الممكن أن يكون غداً أو بعد غد، حالها حال المئات من بنات جيلها في مخيم الزعتري بالأردن، وذلك بعد انتشار ظاهرة زواج "السترة"، الذي ابتكره الباحثون عن إشباع رغباتهم الجنسية في السعودية وغيرها من دول الخليج، فوجدوا ضالتهم في مخيمات اللجوء، وبغطاء رسمي للسلطات الاردنية.
وقد كشفت إحصاءات صادرة عن شؤون اللاجئين السوريين تسجيل 2936 واقعة لرجال من مختلف الجنسيات تزوجوا من نساء سوريات خلال العام الماضي بنسبة ارتفعت عن العام الذي قبلة بنحو أربعة أضعاف.
فالفتيات السوريات القاصرات محط أنظار كثير من الشبكات التي تعمل على البحث عن الفتيات وعرضها وتأمينها للراغبين، ولعل تجربة مجموعة "الواتس آب" التي كشفتها صحيفة "مكة" السعودية خير مثال على ذلك.
كما أظهرت تقارير إعلامية غربية وعربية ما سمي "نساء دلالات " بصحبة القاصرات اللواتي تحضرهن تلك النسوة للبيع لاثرياء من السعودية، تبلغ أعمارهم الستين والسبعين عاما.
إحدى الدلالات تقول إن الرجل الثري يتزوج الفتاة لمدة قصيرة، ومن ثم يطلقها على التلفون، ويأتي يبحث عن غيرها.
"الدلالات" كما جاءت تسميتهن في التقارير، مهنة لم تكن جديدة على النسوة اللاتي سبق وأن مارسنها تحت اسم "زواج المسيار"، والذي انتشر في مدن السعودية، حيث تحتوي مجموعات في موقع التواصل "واتس آب" على عنوان عريض لرسائل، تحوي قائمة طويلة لأسماء نسوة مزودة بأرقام هواتفهن، واللافت بحسب صحيفة سعودية، أن هذا النوع من الزواج تخطى الحدود المحلية، ليتركز على اللاجئات السوريات في مخيم الزعتري بالأردن.
وأشارت الصحيفة الى أن الإقبال على الزواج من الفتيات السوريات يتزايد، مرجعة الأسباب إلى أن الفتاة تبحث عن الآمان، فيما الرجل يبحث عن ذات الجمال الذي اشتهرت به أرض الشام، لافتة إلى أن الذكور المقبلين على الارتباط إما كبار في السن أو راغبون في أن يبقى الأمر سريا إلى حين.
مقابل ذلك، أئمة وعلماء ورجالات "آل سعود" برروا ما يفعله الميسورون من أبناء جلدتهم، فصحيفة الصدى نشرت في وقت سابق وثيقة مسربة لوزارة الداخلية السعودية، أعلنت فيها عن قرار تشرع فيه التجارة بالقاصرات السوريات اليتيمات ممن فقدن ذويهن في المعارك الدائرة بسورية دون التسجيل في الدوائر الرسمية.
الاردن الذي يعاني من جفاف اقتصادي، وجد في هذه الظاهرة انتعاشاً إما عن طريق قدوم السياح الجهاديين أو قدوم من أرادوا الزواج من السوريات، بحسب مجلة "الفايننشل تايمز" البريطانية، التي قالت إن "الحكومة الأردنية تكسب مبالغ باهظة جراء ذلك".
وخاضت المجلة في تفاصيل أكثر حيث قالت "لن تتفاجئ إن علمت أن الساعة الواحدة من الفتاة قد تكلف ثلاثة دولارات، أي اقل من وجبة غداء، وربما يزداد المبلغ قليلاً أو ينقص، وذلك بحسب العمر ونسبة الجمال، أمّا الغرفة التي يتم استئجارها لممارسة "الرذيلة" تتراوح بين الثلاثة أو العشرة دنانير أردنية، إضافة الى الاعتماد على نسبة فخامة الغرف".
وفي السياق انتشرت سياحة جديدة في هذه المناطق، لأن هذا الزواج ينتج عنه حالات حمل، ما يجعل تلك المدن والبلدات الوجهة الأولى والمفضلة للقابلات والممرضات الأردنيات أو غيرهن، بحسب تقرير "الفاينشنال تايمز" حيث قالت إن " معظم هؤلاء النساء يُقدِمن على هذه العلاقات المشرعة من أئمتهم، بسبب ابتعاد أزوجاهن عنهن لانشغالهم بثورتهم المزعومة والتحاقهم بصفوف التنظيمات الارهابية التي تقاتل في سورية والعراق".
ولايختلف زواج السترة عن كثير من مبتكرات العائلة الوهابية كـ"جهاد النكاح" و"ملك اليمن" و"السبي" لتبرير وتشريع الزنا، فمن شروطه، أنه لن يدوم طويلاً، ولن يبقى أكثر من أيام معدودة، وبعدها يذهب الرجل وتبقى الفتاة وقد سلب منها أغلى ماتملك، إذ كيف يدوم زواج لرجل في السبعين من العمر والبنت عمرها 13 عاماً.
فطالبو المتع الجنسية الخليجيين يأتون لعرض خدماتهم، ويكفلون الأيتام، ويقدمون المال، وبعد كسب ثقة أسر، همها الأكبر الحصول على لقمة العيش، يبدؤون في طرق الأبواب بحثاً عن الزواج الذي ينتهي قبل اكتمال العسل وشهره.
فهذا الرجل إمام لأحد مساجد مخيم الزعتري، أغدق المال على إحدى الأسر اللاجئة، وكفل أيتام ابنتهم التي توفي زوجها في الأراضي السورية، وبعد تأكده من أنه أصبح محل ثقة، تحين الفرصة طالبا الزواج من الأرملة، فتحقق له مراده مقابل 7 آلاف دينار أردني، وفي منتصف شهر العسل، استأذنهم على أمل العودة إلا أنه لم يعد.
وفي قصة أخرى، من يحضرون لأجل الزواج يحملون معهم أرقام هواتف أردنية، وبعد اصطياد الضحية، والظفر بما يريدون، يغلقونها فيصعب الوصول إليهم وينتهي الأمر عند هذا الحد.
أحدهم جاء للمخيم قبل نحو عامين، وتزوج فتاة سورية في الثامنة عشرة من العمر مقابل 3 آلاف دينار أردني، ودفع لأسرتها إيجار شقة مدة ثلاثة أشهر، وبعد عشرين يوماً تغيب ولم يرجع، المأساة لم تتوقف عند هذا الحد إذ اكتشفت الزوجة أنها حامل ففوضت أمرها لله، لان السلطات الاردنية هددتها اذا كشفت أمر الرجل.
وبالانتقال الى مخيمات اللجوء على الحدود التركية فهي ليست أفضل حالا،ً حيث علقت "الفايننشل البريطانية" بالقول "يقوم الجنود الأتراك بابتزاز النساء السوريات في مخيماتهم قرب غازي عنتاب وكليس وبعض المدن الأخرى القريبة، مقابل كيس من الأرز أو بعض المواد التموينية".
ولأن المصائب لا تأتي فراداى، فهذه المناطق هي وجهة ايضاً للعديد من عصابات الاتجار بالبشر، والتي تقوم بشراء الفتيات الحسناوات، وترحيلهن الى بلاد شرق أوروبا ومنه إلى بيوت الدعارة في مختلف مناطق العالم.
الامم المتحدة بدورها اكتفت بسرد القصص، ولم تأتي بحل لمساعدة تلك الفتيات اللاتي يقوم على أمرهن رجال خلت منهم كل ما يمت الى الرجولة بصلة، حيث ذكرالموقع الالكتروني للأمم المتحدة في تقرير له "أن زينب بانغورا ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة للعنف الجنسي في النزاعات المسلحة تحدثت عن قصص تم فيها إرغام الضحايا على الزواج القسري المؤقت والمبكر من الإرهابيين كمساهمة في "الجهاد" أو كشكل من آلية "الحماية"، حيث ليس للعائلات أي وسيلة أخرى لتوفير أو لضمان سلامة الفتيات الصغيرات بوجود الإرهابيين، سوى هذا الملاذ "كما سمعت عن قصص بيع ومبادلة النساء والفتيات بين الإرهابيين أو بين تنظيمات إرهابية وأخرى".
وأضاف التقرير "إن العنف الجنسي جزء من استراتيجية يطبقها تنظيم "داعش" وتقوم على نشر الرعب وقمع الأقليات وإلغاء مجموعات بكاملها تعارض ايديولوجيته، وإن التنظيم الإرهابي يستعمل في إطار استراتيجية التجنيد الوعد بمنح المجند امرأة أو فتاة مكافأة له على كل مشاركة في القتال".
و فيما ختمت "الفايننشل تايمز" تقريرها أن "سوق النساء السوريات اللاجئات هو الأكثر رواجاً دولياً، والإقبال هائل جداً عليهن وخاصة من دول الخليج العربي"، فهل ستبقى الامور كما هي أم ان واجب المنظمات الدولية حماية النساء من كل أشكال العنف المطبق عليهن بتبرير شرعي يحرم المرأة من أبسط حقوقها، خلافاً لما جاءت به الشريعة المحمدية، سؤال برسم المنظمات التي تتغنى بحماية الانسان.
مركز الاعلام الالكتروني_فاطمة فاضل