للوهلة الأولى يبدو أن لا فرص لداعش في مواجهة حماس بأي صورة من الصور فكتائب القسام هي قوة عسكرية محترفة وذات تجربة وإمكانيات كبيرة، فكيف يمكن لمجموعات صغيرة أن تتغلب على هذه القوة؟
هذه النظرة كما هو واضح مبنية على واقع قائم، فهل تخدم متغيرات هذا الواقع استمرار هذه الحالة أم إن هناك إمكانية لتغيرها؟
نجد هنا أنفسنا مجبرين على البحث عن المتغيرات المحتملة التي يمكن أن تخدم داعش في تغيير هذه المعادلة:
المتغير الأول يتعلق بوجود عناصر كثيرة داخل حماس وكتائبها لا تتعامل مع داعش كعدو وإنما كطرف إسلامي، هذه العناصر لا تشعر بضرورة حسم موقفها من داعش لأنها لا تشعر بخطورة داعش عليها وبالتالي هي تفسح المجال لبناء جيوب متعاطفة مع داعش في أوساط حماس ومؤيديها.
المتغير الثاني يتعلق بسهولة تسلل الخطاب الداعشي إلى كثير من مؤيدي حماس لأنه يستند إلى نفس المرجعية الفقهية والعقدية السلفية، كما إن مفردات خطاب داعش الموجهة ضد الشيعة وإيران تجد لها مثيلاً مطابقاً في أغلب الأوساط السنية بمن فيها أوساط حماس، وهذا ينطبق أيضاً على مفهوم تطبيق الشريعة الإسلامية وتجسيداته والذي لا يملك منظرو حماس أمامه إلا الحديث عن سوء التوقيت خوفاً من أن يظهروا كمعادين لفكرة تطبيق الشريعة.
المتغير الثالث يتعلق بالتناقضات والتساؤلات التي تحيط تجربة حماس في الحكم ومواقفها السياسية والتي تدفع الكثيرين لحضن الفكر الداعشي وهي أسئلة تتعلق بجدية العمل للتحرير، وبعدم الوضوح في عقيدة الولاء والبراء، وبما يتعلق بنظافة اليد وسوء إدارة الحكم وعدم تطبيق الشريعة وغيرها من الأمور التي تزداد أهميتها كلما ابتعدت حماس عن المواجهة المباشرة مع الاحتلال وبدا أنها تبحث عن الهدوء والبقاء في الحكم.
المتغير الثالث يتعلق بالاختراق السلفي الداعشي وغير الداعشي لحماس، ووجود عناصر تعمل بلا كلل ولا ملل لتبييض وجه داعش وتسويد وجه قيادة حماس أمام مناصريها، هذا الاختراق تنظيمي وغير تنظيمي فالكثيرون ممن يحملون هذا الفكر يتلقى ابناء حماس أفكارهم منهم في المساجد والجامعات وعبر الإنترنت.
المتغير الرابع يتعلق بتمدد داعش واستمراريتها في المحيط الإقليمي في العراق والشام وفي سيناء أيضاً وهو عامل حاسم في استمرار تطور الظاهرة في القطاع وتحول الكثير من المترددين إليها، خصوصاً لو قويت شوكة داعش في سيناء.
المتغير الخامس يتعلق باحتمال ازدياد التعقيدات في وضع حماس وقطاع غزة والوقوع في فشل جديد من نوع اتفاق مع العدو يتضمن تنازلات غير قليلة، او فشل مثل هذا الاتفاق لو حصل مما يؤثر بشكل كبير على ثقة وولاء قطاعات من أبناء حماس لقيادتهم وبالتالي فإن جزءاً لا يستهان به من هؤلاء سيتحولون لداعش.
المتغير السادس: يتعلق بتدخلات أجهزة المخابرات الإقليمية والدولية لإدخال قطاع غزة في دوامة أمنية مهلكة بتنشيط العامل الداعشي.
هذا الاستعراض يهدف إلى محاولة التنبيه إلى مواضع الخطر القادم، وضرورة معالجتها بحكمة وعقلانية، وليتحمل من يقودون هذا البلد مسؤوليتهم أمام كل ما زرعوه وحصدناه.
موقع زاجل -فلسطين