ولد قسطاكي الحمصي في مدينة حلب في اليوم الرابع من شباط سنة 1858 م،رحل والده التاجر يوسف بن بطرس الحمصي، وهو في الخامسة من عمره، فربته والدته.
التي كان والدها يحب العلم والأدب وكان بيته منتدى الفضلاء والنبلاء يقصده الأدباء والشعراء
نشأ قسطاكي في بيئة أدبية فكرية ذات جاه وغنى وكان منزله منتدى العظماء من مفكرين وأدباء وشعراء.. نطق الشعر وهو ابن الثالثة عشرة من عمره، درس في كتاب الروم الكاثوليك بحلب فأتم في الحادية عشرة من عمره تعلم القراءة العربية ومبادئ الخط ثم انتقل إلى مدرسة الرهبان مار فرنسيس ودرس مبادئ اللغتين الفرنسية والإيطالية والنحو ولما بلغ السادسة عشرة عكف على الأعمال التجارية ولكنه لم يهمل المطالعة ولاسيما دراسة النحو والصرف واللغة الفرنسية.
سافر إلى أوروبا أربع مرات وانتخب عضواً لمجلس الإدارة في ولاية حلب وعين كذلك عضواً في مجلس معارف ولاية حلب ثم معاوناً لرئيس المجلس البلدي، كما كان عضواً في المجلس العلمي العربي بدمشق، وآخر منصب سياسي تولاه كان عضويته في مجلس الشورى بدمشق، وآخر رحلة إلى أوروبا له كانت عام 1912م. هذه الرحلات كانت سبباً في إتقانه اللغة الفرنسية فصار يتكلمها بسهولة كأحد أبنائها فعرف آدابها وكتب فيها وترجم عنها.
في عام 1882م ذهب إلى بيروت وتعرف على أدبائها وشعرائها منهم إبراهيم اليازجي والدكتور فانديك ويعقوب صروف وفارس نمر وأديب اسحق، وفي عام 1872م ذهب إلى الآستانة وتعرف هنالك على أبو الهدى الصيادي وفي عام 1905م ذهب إلى مصر وتعرف على كثير من إعلامها وشعرائها وكتابها كأحمد زكي باشا، وسليمان البستاني، وجرجي زيدان، والشيخ علي يوسف، وأحمد شوقي، وحافظ إبراهيم… ثم تعددت زياراته لمصر كثيراً… ونتيجة علاقتة الوطيدة مع اليازجي نشر في مجلته «الضياء» و«البيان» كثيراً من شعره ونثره، ونشر في صحيفة «الشعب» الحلبية لصاحبها فتح اللـه قسطون في عام 1909م، كما نشر سلسلة مقالات بعنوان «أدباء حلب ذوو الأثر في القرن التاسع عشر» في مجلة «الشعلة» الحلبية.
من كتبه «منهل الورَاد في علم الانتقاد» و«أدباء حلب ذوو الأثر في القرن التاسع عشر» و«السحر الحلال في شعر الدلال» و«مرآة النفوس في الأخلاق والآداب» و«رسالتان في اللغة وتصحيح أغلاطها» ومجموعة من الأشعار والمقالات، ويقال إن له ديواناً شعرياً غير مطبوع كان ضائعاً بين أوراقه، كتبه بخط فارسي جميل، ويعتبره النقاد كنزاً ثميناً.
وفي الساعة التاسعة من مساء يوم الجمعة 7 آذار سنة 1941م سلم قسطاكي الحمصي روحه بين يدي خالقه، ويوم الأحد 9 آذار قامت حلب عن بكرة أبيها تودع شيخ أدبائها وشيع جنازته أهل حلب كبيرهم وصغيرهم، وأدخل جثمان قسطاكي داخل التابوت إلى كنيسة الروم الكاثوليك وودعه في صحن الكنيسة جمع غفير من المسيحيين والمسلمين
إعداد : محمد عزوز