الذي أعطى فرضية بوجود إرهابيين ووجود قنبلة وراء سقوط الطائرة الروسية في سيناء، وتورط داعش في العملية، هو أول من اكتوى بها؛ فقد كافأ المجتمع الدولي داعش بطريق غير مباشر، وأغراها بتنفيذ المزيد من العمليات الإرهابية، فكان الهجوم الإرهابي المزدوج في منطقة برج البراجنة في بيروت، تبعه التفجيرات المتتالية فى عاصمة النور باريس، والنتيجة مئات القتلى والمصابين الأبرياء.
وبوصول التفجيرات لقلب العاصمة الفرنسية، بالقرب من إستاد يوجد فيه الرئيس الفرنسي، يثبت بما لا يدع مجالاً للشك تورط أجهزة استخباراتية تدير عمليات كبرى لدعم تنظيم داعش؛ لتنفيذ هجمات نوعية، لتثبت بها وجودها فى كل جزء فى العالم.
وهذا يدفعنا لأن نربط كل الخيوط ببعضها.. فتوقيت العمليتين الإرهابيتين ليس مصادفة، خصوصاً أنه جاء بعد بضعة أيام من حادث سقوط الطائرة الروسية، وقبل ساعات من جلسة مؤتمر فيينا حول أزمة سوريا.
إن الهدف هو تعمد ظهور هجمات داعشية في هذا التوقيت في المنطقة في أكثر من دولة، ومحاولة الزج بداعش في حادث سقوط الطائرة الروسية؛ لتغيير قناعات روسيا، وفي الوقت نفسه «قرصة ودن» لها ولفرنسا؛ فكان عقاب روسيا أولاً -كما أشرت في مقالي السابق- لموقفها الداعم لمصر ولثورة يونيو، وقيامها بعمليات متلاحقة ضد تنظيم داعش، وسعيها لإيجاد حل فى سوريا، وبالطبع هذا الحل يمثل نهاية للحلم الإسرائيلي في المنطقة؛ لأن القضاء على داعش معناه استمرار وحدة سوريا، وبالتالي استمرار تهديدها لإسرائيل، ومن ثم فشل سيناريو التفتيت.
أما عقاب فرنسا فكان بنشر الذعر فيها وسلسلة التفجيرات؛ لأنها من جهة خرجت عن «طوع» أمريكا في الجانب العسكري، في محاولة لإخضاعها بالقوة للأهداف الأمريكية مرة أخرى، لأن فرنسا أبرمت صفقات مع مصر والسعودية لشراء أسلحة عسكرية، ومن ثم ينذر بتهديد مباشر لمخازن السلاح الأمريكية. ومن جهة أخرى كان العقاب نتيجة لتوازن الموقف الفرنسي إزاء القضية السورية، وفرنسا دولة مؤثرة على القرار الأوروبي.
قد يكون حادث باريس، ومن قبله بيروت، تمهيداً لسيناريوهات عديدة في المنطقة، قد تعلن عن بدء مؤامرات جديدة ضد الوطن العربي بحجة مكافحة الإرهاب. لكن التاريخ أثبت أن «طباخ السم بيدوقه».. لا تدرك الدول راعية الإرهاب، أنه إذا استشرى الإرهاب فلن يستثني أحداً.. إن آجلاً أو عاجلاً سيطالها!!