الرثاء والمناحة من اهم وأبرز سمات عبادة الإله الذي يموت …فينما الموت والبعث حدثان يتعلقان مباشرة بشخص الإله ..والمناحة هي جزء من الدراما الذي يتطلب مشاركة البشر ..ولعل قصة موت الإله بعل الأوغاريتي ونزوله الى العالم السفلي تعكس معتقدات شعبية موجودة آنذاك حول موت الاله ..
بالمقابل فإن مفهوم الاله الذي يموت في اسطورة بعل وموت في النصوص الأوغاريتية هو على مستوى أرفع وأدق ولعله حصيلة تأملات متقدمة لما يمكن تسميته بمدرسة لاهوتية جديدة ..ويبدو أن هذه النظرة المتقدمة بقيت خصوصية لصفوة الناس وليس من دليل على دخولها الى معتقدات العامة..
وفي نصوص أوغاريت لم نرى أي وصف لمراسم غبادة الاله الذي يموت ..ولكن وصف مناحة الآلهة يجب أن تعطينا فكرة تقريبية لما كانت عليه الممارسات العبادية العقلية ..إيل كبير الآلهة في أوغاريت وعناة أخت بعل ..كلاهما ينوحان عليه ووصف المناحة في كلتا الحالتين متطابق تقريباً عند موت بعل ..
ولعل هذا المقطع من قصيدة بعل وموت يجسد هذا الوصف ..
لنقرأ إذاً وصف حزن الإله إيل على بعل ….
"عندئذ الإله اللطيف إيل الرحيم…
نزل عن كرسي العرش..
وجلس على الهدم ولا بساط..
بل جلس على الأرض
ذر رماد الحزن على رأسه..
تراب التعفير على هامة رأسه..
مزق ثيابه إرباً..
وجعل الجبال تردد صدى تأبينه..
خدش خديه وذقنه..
وأدمى ذراعيه..
وجرح صدره كما تحرث الرض..
وكواد حفر ظهره..
رفع صوته وصرخ..
بعل ميت..
ويل للشعب..
ابن دجن ميت/لقب بعل في النصوص الأوغاريتية/
ويل للناس من بعد بعل..سأنزل الى الأرض.."
في المقطع نرى وصف لعادات النواح في أوغاريت ..تتجسد بالارتماء على الأرض ..نثر الرماد على الرأس ..وضرب وخمش الخدود والصدور وتمزيق الثياب
وهي مظاهر عامة للنواح كانت معروفة من المصادر القديمة والحديثة …
أوغاريت ستبقى تعيش معنا لكي تحتفظ بمكنونات ألقها وسرمديتها ..مبدعة الملاحم والأساطير..
عاشق أوغاريت ..غسّان القيّم..