لم تعُدْ تطرقُ بابي…
تلك هيَ رياحُ الشّمالْ…
لم تعُدْ وردةٌ أو فراشةٌ أو خاطرةٌ
تعبُرُ ذاكرتي…
ولم يبْقَ في بستاني زهَراتٌ…
أو…أشجارْ
كلُّهُ… "كانَ يا ما كانْ"…
في ذلكَ البستانِ عصافيرُ وأطيارٌ
تُغنّي وشيءٌ من ظلالْ…
أمطارٌ… ساقيةٌ وجدولٌ
وبعضٌ من ضفافٍ وشطآنْ…
وثمّةَ صحراءُ لا يعبرُها …
إلا رمالٌ تنشئُ في الذاكرةِ
آلافَ الكثبانْ…
يَحتمي خلفَها أطيافٌ وسرابْ…
يظهرُ فيها العّرافُ
يناديني ياذا الدلالْ…
كنْتَ يوماً ربَّ الحسنِ
وآيةً منْ آياتِ الجمالْ…
وها.. قد مضى عنك الأحبابُ
والبحرُ وأشرعةُ المراكبْ…
جفَّتِ الأنهارُ وماتتْ
كلُّ أسماكِ السواقي…
وبنَتْ شِباكَها العناكِبْ …
الفراشاتُ غادرَتْ
و..الأطيارُ في البراري هاجرَتْ
وودعتِ المواكِبْ…
رحلَ الزمانُ
ماسحاً الخيال تاركاً
في القلبِ قدّيساً..وراهبْ
فقلت: أيُّها العرّافُ
كمْ صادَرْتَ أحلامي القديمةْ
أتراكَ تعرفُ أنني الطفلُ المُشاغبْ؟!..
أينسانا الزمانْ…
أنعيشُ مشرَّدينَ …
على أرصفةِ الموانئْ…
أيهجرُنا الأحبةُ ذات يومْ …
كيف وكيف وكيف كنا؟..
وكيف كانَ حبُّنا في ماضي الزمَانْ …
ردَّ العرّافُ وبكى ضارباً الرملَ:
ـ هكذا يمضي الأحبةُ…
هكذا غدرُ الزمانْ…
لزوالٍ كلُّ شيءٍ …
لزوالْ…