24.ae
لم ترَ الصحافية باربي لاتزا نادو أي "حدود لمستوى الوحشية التي يختار الأشخاص إنزالها على الآخرين"، لافتة في مقالها ضمن موقع دايلي بيست الأمريكيإلى "عالم تهريب البشر" غير الخاضع لأي قانون حيث "الاستغلال والبؤس كانا لمدة طويلة جزءاً من الأعمال".
في هذا العالم، تضيف نادو، يتبدّى بحسب تحقيقات أجريت حديثاً، أن المهربين يجبرون المهاجرين على شرب زيت الديزل وعلى تلقي حقن من الطفيليات.
وفقاً لتقرير طبي صادر في الثاني عشر من الشهر الحالي في المجلة الطبية البريطانية ذا لانست، تشير نادو إلى أن مهاجرين ذكور قادمين من أفريقيا، قد تلقوا علاجاً طبياً في المستشفى الجامعي "كلينيكيوم ريختس دير إيزار" في ميونخ. وتبيّن أنهم عانوا من التهاب رئوي هايدرو كاربوني بسبب إجبارهم على شرب الديزل في رحلتهم من ليبيا إلى إيطاليا.
شرب الوقود بات موثقاً
من خلال "استخدام تحاليل مقارنة مقدمة من أطباء آخرين يعالجون مهاجرين، وعبر مقابلة ودراسة ملفات لرجال من ثلاث دول مختلفة سافروا على متن قوارب منفصلة"، اِستطاع محللو مجلة لانست أن يؤكدوا ما كان المهاجرون يقولونه لمنظمات معونة. ومفاد أقوالهم إنّ المهربين أجبروهم على شرب الوقود وعلى تلقي حقن للبقاء هادئين وساكتين خلال عبور خطر وطويل للبحار. وتحدث الكتّاب في المجلة عن كون التاريخ الطبي الدقيق لصبي من الصومال يبلغ من العمر ستة عشر عاماً، بالإضافة إلى سجلّ أقرباء له، قدّم "دليلاً" على إكراه مارسه المهربون ضد المهاجرين، لابتلاع الوقود خلال عبور البحر المتوسط.
"تجويع وتعطيش وقسطرة مؤقتة"
ولفتت نادو نظر قرائها إلى أن وكالات المعونة في صقلية وثقت التقارير، طارحة "سيناريو مروعاً" يبدأ غالباً بفترة أطول بكثير من لحظة صعود المهاجرين إلى الزوارق الخطرة. وبحسب ما قاله أحد المهاجرين من نيجيريا للدايلي بيست، فإنّ نساءً أجبرن على اللجوء إلى "القسطرة المؤقتة" بأنبوب معدني خلال السفر، لأنه يُعتقد عن خطأ أنّ بولهنّ "سيسمّم الرجال". وبغياب منشآت مخصصة لقضاء الحاجة، يجب "أن تُقضى في موضعها". وقالت امرأة أخرى إن هنالك سلوكاً معتاداً لدى المهربين في "تجويع" و" تعطيش" المهاجرين واللاجئين "لأيام" قبل انطلاق القوارب لإبطاء عملية الهضم وجعل الأشخاص "ضعفاء" كي لا يصابوا بالخوف فيحافظوا على استقرار السفن. ماري، اِمرأة نيجيرية قالت للموقع نفسه بعدما وصلت إلى صقلية إنها لم تأكل لمدة "ثلاثة أيام كاملة" قبل أن تصعد على متن السفينة. وأضافت أنّ الناس لا يجيدون السباحة وأنّ الضعف هو "وسيلة لوقف الذعر لديهم".
"حريق على البحر"
وفي وثائقي فاز بجائزة تكريمية تحت عنوان "حريق على البحر" يصور مشهد مسؤولين يعلّقون على رائحة النفط التي يشمونها وهم يسيرون بين المهاجرين. ويقول ضابط: "لا تشعلوا كبريتة وإلّا فسنشتعل". وتشير الصحافية إلى أنّ مهاجرين كثر تحدثوا عن إعطائهم حقناً أو عن إجبارهم على تناول مواد تجعلهم معرضين للطفيليات، في محاولة لإبطاء عملية الهضم لديهم أو جعلهم بليدين ومتعبين كي يناموا خلال الرحلة.
التهاب دودي واستئصال أعضاء للتجارة
وجدت دراسة لانست أن شاباً يبلغ من العمر 18 عاماً من إريتريا تسمم بسبب شرب نفط الديزل وعانى من إصابة شديدة بالتهاب دودي. وقد فارق الحياة بعد فشل متعدد الأعضاء خلال الدراسة، فلم يكن بإمكانه أن يدلي بشهادته عن الطريقة التي أصيب بها. وتعرّض المهاجرون أيضاً لعملية سرقة أعضائهم. وأفاد تقرير للمبادرة العالمية للأمم المتحدة لمكافحة الاتجار بالبشر أنّ أعضاء هؤلاء "تذهب غالباً إلى الأشخاص الأغنياء الذين لا يريدون الانتظار طويلاً على لوائح زرع كثيرة". وفي نيسان (أبريل) الماضي، وُجدت جثث 9 صوماليين على شواطئ الإسكندرية حيث استؤصلت أعضاء مختلفة منها.
168000 مهاجر منذ بداية السنة
وأشارت الكاتبة إلى أنّ تقرير لانست ألقى الضوء على عالم الاتجار بالبشر غير الشرعي، مع أن الهدف الأساسي منه كان تقديم المساعدة الطبية المتخصصة للذين يعالجون المهاجرين، من خلال وضع احتمال التسمم بالمشتقات النفطية كأحد الأسباب التي يمكنها أن تنتج عوارض مشتركة. نادو ختمت كاتبة أنّ 168 ألف مهاجر وصلوا إلى إيطاليا منذ بداية سنة 2016، فيما غرق حوالي 4600 شخص خلال سفرهم البحري المشؤوم
بيروت نيوز- نفحات القلم.