أوغاريت .. شعبها الذي عاش في مجتمع عشق الابداع والفنون والمعرفة ..والزراعة .. كان يبدع ويطوّر نفسه باستمرار تراكمية المعارف والعلوم
………………………………………………………………………………….
لايكفي ان تطلع على ثقافة أوغاريت وحضارتها واكتشافاتها المذهلة التي تمت خلال السنوات السابقة..ولا تكتمل معرفتك بهذه المدينة العظيمة وبثورتها المعرفية وبكل ما قدمته حضارتها من مكتشفات وابداعات بشرية وانسانية رائدة إلا بزيارتها لترى عظمة المنجز الحضاري الذي صنعه لها اهلها الأوغاريتين..فعندما تتجول في قصورها وبيوت سكانها ومكتباتها والحي الحرفي
وتتجول في شوارعها المستقيمة والملتفة حول منازلها وزيارة معابدها ..عند ذلك تدرك من خلالها الحياة التي عاشتها هذه المملكة وعن النشاط الاقتصادي والتجاري والزراعي والحياة المعيشية التي عاشها شعبها خلال فترة زمنية امتدت من/1500 -1200/ قبل الميلاد..وهي فترة ذهبية عاشتها أوغاريت .. وهذا ما جعلها تتبوأ مكانة عالمية رائدة في تاريخ العالم القديم…
هذا النشاط لم يكن ممكناً لو لاتراكمية العلوم والمعارف عن الطبيعة وحسن استخدام الظروف المناسبة ..أو اقتناع إنسان أوغاريت من خلال تجاربه بأنه لكي يجني محصوله جثداً ينبغي عليه أن يزرع الحبوب في أوقات محددة من العام ..حيث لا بد أولاً من حراثة حقله جيداً وريها بشكل جيد..هذه المعارف
والقدرات والمهارات كلها يبدو أنها شكلت جزءاً من التجربة الجماعية التي اكتسبها الأوغاريتيون وتوارثوها جيلاً عن جيل..حددت لهم وجه مجتمعهم..
يجدر بنا أن نشير هنا إلى أن مجتمع أوغاريت نفسه لم ينظر الى نتائج هذا النشاط الواعي على أنها معارف بالمعنى الدقيق للكلمة ..فالرغم من كل المكتشفات الأثرية التي تمت خلال سبعة وثمانون عاماً لم تصلنا حتى الآن أية مؤلفات أو نصوص مثلاً عن كيفية حراثة الأرض أو طريقة صناعة الفخار بالرغم من الحرفية والشهرة التي تمتع بها الفخار الأوغاريتي..أو عن المعادن وطريقة تعدينها..وهذا ليس من قبيل المصادفة ..فمن المرجح أن هذه المعلومات لم تدون بل انتقلت من جيل لآخر ككم بسيط جداً من المعارف والعلوم والمهارات
وطرق المعيشة التي يعرفها الجميع..
أما الاستثناء الوحيد في هذا المجال فهو رعاية الخيل والعناية به..فمن الواضح
أن الحصان كان حيواناً أليفاً وجميلاً ورمزاً من رموز الفخامة والفنى ..إذ أن العناية به تطلبت إعداد كوادر خاصة ووضع تعليمات معينة ومحددة ..
ستبقى أوغاريت تحتفظ بمكنونات ألقها وسرمديتها الى امد طويل…
عا شق أوغاريت ..غسان القيّم