كتب الاستاذ محمد عبد العزيز شميس مؤسس ومدير مدرسة النهضة الادبية الحديثة

مقال نشر بجريدة مصر اليوم بعنوان :
الاخلاق تصنع الانسان
بقلم محمد عبد العزيز شميس
فى تصريحات خاصة لجريدة مصر اليوم ، صرح محمد عبد العزيز شميس ، أمين عام مدرسة النهضة الأدبية الحديثة النشاط الثقافى للاتحاد الدولى لابناء مصر بالخارج، والمنتشرة فروعها بدول (الأردن – العراق – لبنان – سوريا – اليمن – السودان – فلسطين – مغرب – تونس – الجزائر – المانيا) وينتمى لها شعراء بكافة محافظات الوجه البحرى ومحافظات صعيد مصر ، فى تصريحات خاصة بشأن النقد الأدبي والثقافى للقصائد الشعرية، حول القديم والجديد فى الشعر العربي ، والصراع بين الجذور والتأثير والتأثر .
حيث أوضح شميس ، حتي وان اختلف النبع الذي ورد منه فكل نبع فيه تياران متعارضان أشد ما يكون التعارض يسيران في بحرين متوازيين فلا يلتقيان أبداً وإن قدر لأحد التيارين أن يطغى على الآخر فهذا هو منطق التطور وإن قدر للدعوى ان تولد نقيضها فتلك هي طبيعة الأشياء، وقد يفسر البعض ان صنع الجنه رهين الرمال
وومضيفا الأمين العام ، لو ان القدماء استطاعوا ان يغرقوا عقولهم وقلوبهم وان يتناولوا العلم على نحو ما تناوله المحدثون ، لا يتأثرون في ذلك بقوميه ولا عصبيه ، ولا ما يتصل بهذا كله من الأهواء لكان لنا أدبا غيرذلك الأدب ولأراحونا من هذا العناء، فكل عقبة تعترض التقدير السليم الذي يحدد منزلة الشاعر هي عدم وضوح شخصيته, فالمتنبي وابوتمام والبحتري وابن الرومي وشوقي واضرابهم يؤلف كل منهم شخصية قوية ولكنها ناقصة لوجود عناصر ميتة كالمديح والهجاء والنسيب في شعرهم؛
فبينما نجد ديوان الشاعر الاجنبي كتلة واحدة متجانسة نرى ديوان الشاعر العربي على علو موهبته كتلة غير متجانسة تلقي بعض عناصرها ظلالاً على شخصية الشاعر، ومن هنا صعوبة الموازنة بين الشعراء وتحديد الحيز الذي يشغله كل منهم بشخصيته في المجال العربي والعالمي. ولكن بلا شك كان التاريخ والوطن النبع الأول .
التاريخ أيها الضيف الكبير غابر متجدد, قديمه منوال, وحاضره مثال, والغد بيد الله المتعال, وأنت اليوم تمشي فوق مهد العصر الأول فاي العصور تختار ، لكنا كمدرسة أدبية لا نستطيع رؤية المستقبل ، ونؤمن ان كل واحد له قدر ومستقبل في صحبة أوراق ، والخصومة الأدبية لها مذهبان ، مذهب الإيمان بالفضل واخفائه علي عمد ومذهب الرأي الذي يتفق عليه الأصدقاء والخصوم ، وإن اختلفا في لهجة الأداء وعبارة الثناء ، ولو أن الإنسان خلق كاملا ، لما احتاج إلي ان يطمع في الكمال ، فلندع اللوم جانبا ولنجتهد من زاويه الادب في خصب الأخلاق.
ولافتا شميس ، بعيدا عن أغلال العواطف والأهواء نجد أن الخلاف بين العقاد وشوقي, كان خلافاً بين تيارين وليس بين شخصين فالتيار الذي شقه العقاد تيار عنيف جارف ، وإن ما قامت به مدرسة الديوان عام 1921 كان إيذاناً لشباب الإتجاهات الجديدة بالإنطلاق في التفكير والتعبير، وإيذاناً للعقاد بإعلان مذهبه الجديد في النقد الذي وصفه بأنه مذهب ، يقيم حداً بين عهدين وسبق نلك المحاولات .
محاولات البارودي الذي بعث الشعر بعد كبوة متخذاً منهج إحياء سنة السلف ، أو إعادة الحياة إلى الصورة التراثية للقصيدة العربية القديمة بكل ما تنطوي عليه ، من تصوير وديباجة وموسيقا ، وكان شعره يتميز بعدة سمات واضحة مثل اللفظ الفخم وبلاغة العبارة ، ومتانة التركيب المعماري وروح البلاغة وفطرته الحية ، كما وصفه الشيخ حسين المرصفي في كتابه الوسيلة الأدبية«ومهما تتعدد الآراء والأذواق في النظر إلى شعر التناذج فلابد من صفحة باقية في كل أدب وكل لغة وصفحته الباقية في اللغة العربية مقرونة باسم « شوقي» في الأدب الحديث .
لأنه رائد مرحلة النهضة الشعرية ، عبر تركيزه على محوري التجديد والابتكار فهو عميق الشعور بما ينبغى أن يكون عليه الشعر شديد الإيمان لضرورة الانصراف عن أبواب الشعر القديمة ، وفتح آفاق أرحب أمام القصيد الشعري مستغلاً ما طبع عليه من سلاسة اللفظ وعذوبة السياق ورقة النغمة الموسيقية، وحتى عندما وجد مثلًا أن باب التجديد هو انعكاسا ثقافيا بين اللفظ والمعني ، وقد ظلت هناك انطباعات ذاتيه وتأثرات خاصة ، ينتقل منها الي احكام غامضة مبهمه وفي بعض الاحيان مغرضة مثل القصيده الرائعه والقصيدة الشائعه وهذا ما اومأ اليه الرافعي في وثبته الشهيره قائلا ما رايت فئة تأكل الدليل الواحد ادلتها جميعا كهولاء المجددين في العربيه ، فهم عند انفسهم كالجمره المتوقدة لا يشبعها حطب الدنيا ولكن غرفة من الماء تأكل الجمرة.
ومختتما شميس ، لكن التطور الذي حدث في أوروبا قبل اكثر من قرنين ، جعل النقد عملا فلسفيا خالصا وحول الناقد الي فيلسوف وراح المفكرون يبحثون في اللغه عن الفن والشعر والخيال والجمال باعتبارها ظاهرات حضارة وركام تاريخ ، ان حقيقة المأزق ان ما حسبوه ضلالا وبدا اكثر تورطا وامعانا فيما اخذ عليه خصوم المحدثين انه اتباعا للاجانب وذراية بالعرب والشرق ومقاومة التجديد في ظهور طائفة ثالثه تتوسط الجمع بين القديم والحديث ، واحداث الفرق بين الشاعر المصنوع والشاعر المطبوع ، وشاعرية التقليد والعبره بعموم النقد لا بخصوص السبب